حافظت إسبانيا لسنوات عديدة على مركزها كأول شريك تجاري للمغرب بعدما كان ذلك من نصيب فرنسا، لكن هذا الترتيب أصبح اليوم مهدداً بعدما توترت العلاقات بين البلدين بسبب استقبال المملكة الإسبانية زعيم جبهة البوليساريو بهوية مزورة.

وبفضل القرب الجغرافي بين البلدين واستقرار أكثر من ألف شركة إسبانية في المغرب، مع وجود جالية مغربية مهمة في إسبانيا، إلى جانب دينامية في التدفقات والمبادلات التجارية الثنائية، توطدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين سنة بعد أخرى.

ولا تؤشر التصريحات الصادرة عن مدريد والرباط على قرب التوصل إلى حل ينهي صراعاً كبيراً امتزجت فيه قضية زعيم البوليساريو والهجرة إلى سبتة والمواقف من قضية الصحراء، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى تأثير هذا التوتر على العلاقات التجارية المتميزة بين البلدين.

ويرى إدريس الفينا، الخبير الاقتصادي ورئيس المركز المستقل للتحليلات الإستراتيجية، أن إسبانيا تعتبر الشريك التجاري الأول بالنسبة للمغرب، وهي عضو في الاتحاد الأوروبي الذي تربطه بالمملكة اتفاقية شراكة تعطيها مكانة متميزة.

ويعتقد الفينا، في تصريح أدلى به لهسبريس، أن “إسبانيا تحتاج إلى المغرب والعكس صحيح”، مشدداً على أنه “لا يمكن لملف مجرم الحرب غالي، المدعوم من قبل النظام العسكري الجزائري، أن يعكر صفو هذه العلاقة الإستراتيجية بين البلدين”.

التحليل نفسه يتشاركه الخبير والمحلل الاقتصادي مهدي فقير، إذ رجح أن الأمور لن تتطور إلى قطيعة بين المغرب وإسبانيا، وزاد: “هناك توتر وجفاء لكن القطيعة.. لا أعتقد”.

وذكر فقير، في تصريح لهسبريس، أن العلاقات المغربية الإسبانية أعمق وأكبر من أن تتطور إلى القطيعة، مشيراً إلى أن إسبانيا مكون أساسي في الاتحاد الأوروبي، الشريك الإستراتيجي بالنسبة للمغرب.

ولفت المحلل الاقتصادي إلى أن بعض الشركاء الأوروبيين يتعاملون بكثير من التحفظ مع هذه الأزمة بين المغرب وإسبانيا، مورداً: “كان من الممكن أن نقلق لو أن الجميع في الاتحاد الأوروبي كان ضد المغرب، لكن الواقع أن طرح الرباط يجد احتراماً لدى الشركاء الأوروبيين، وفي هذا الصدد عرضت فرنسا وساطتها”.

ويؤكد فقير أن “إسبانيا هي الخاسر الأكبر، وهي لا تريد أن تفهم أن الأمور تغيرت في المنطقة، ومازالت تؤمن بمنطق الإملاءات، وهو ما رد عليه المغرب بضرورة احترام حسن الجوار”.

ولاحظ المتحدث أن الفاعلين الاقتصاديين الإسبان لم يضغطوا للدفاع عن مصالحهم مع المغرب، خصوصاً أن الحفاظ على علاقات دبلوماسية واقتصادية مع الرباط أمر حيوي بالنسبة لهم، على اعتبار أن المملكة تمثل ممراً لا بديل عنه لتوصل إسبانيا بالغاز الجزائري.

ويمر أنبوب الغاز الجزائري عبر المغرب، وصولاً إلى إسبانيا، ومن المرتقب أن ينتهي عقد استغلاله في الأشهر المقبلة دون الحديث عن أي توجه لتجديده، في حين أن مدريد تعول عليه كثيراً لضمان الإمدادات الضرورية.

hespress.com