انتخابات هذه السنة ستكون محددا لمستقبل الإسلاميين في المغرب وعلاقتهم بالإدارة الأمريكية الجديدة، التي يقودها الديمقراطيون، المعروفون تاريخيا بمساندتهم تيار الإسلام السياسي، وهي علاقات شهدت فترة ذهبية في فترة الرّئيس السابق باراك أوباما، بينما يقول محللون إن هذه العلاقات “لا يمكن أن يحكمها مزاج الحكام بقدر ما تحكمها ظرفيات إقليمية ودولية”.

ولطالما ارتبط حزب العدالة والتنمية بالأمريكيين، خاصة خلال فترة ما قبل “الربيع العربي” و”ولاية باراك أوباما”، إذ اتخذ هذا الحضور القوي شكل لقاءات مكثفة مع السفير الأمريكي وإيفاد مبعوثين من الحزب الإسلامي إلى أمريكا للقاء الجالية المغربية وحثها على المشاركة في الانتخابات الأمريكية والتصويت لصالح المرشح الديمقراطي باراك أوباما، كما قال مصطفى الرميد في تصريح سابق لجريدة القدس.

وتوطدت هذه العلاقات أكثر خلال عهدة الرئيس باراك أوباما، وحتى قبل الانتخابات التشريعية لعام 2012، التي أفضت إلى وصول العدالة والتنمية إلى الحكومة، إذ سبق أن أرسلت السفارة الأمريكية بعضا من مبعوثيها قصد اللقاء والتحاور مع قادة حزب العدالة والتنمية، كما أجرى السفير الأمريكي صامويل كامبلان سلسلة زيارات للحزب الإسلامي، بعد وصوله إلى قيادة الائتلاف الحكومي بالمغرب.

ولعل المعطى الواقعي الحالي يفسر مزاجية الإدارة الأمريكية في تعاطيها مع الإسلاميين، إذ إن تجارب إدماج التيارات الإسلامية المعتدلة في الحكم أنهكت هذه التنظيمات التي لم تعد تتوفر على رصيد شعبي يجعلها في موقع تفاوضي. وهذا الفشل في مجاراة تقلبات الساحة الإقليمية والداخلية قد ينعكس على مسار العلاقات بين أمريكا وتنظيمات الإسلام السياسي.

إلياس الموسوي، الباحث في العلاقات الدولية، أكد أن الإدارة الحالية لجوزيف بايدن تضم الكثير من الساسة والمستشارين الذين اشتغلوا مع الإدارة الديمقراطية السابقة التي ترأسها باراك أوباما، وبالتالي فهؤلاء يملكون دراية كبيرة بالتعامل مع جل حركات الإسلام السياسي المنتشرة حول العالم، بما فيها حركة “إخوان المغرب الذين عاشوا فترة ذهبية مع إدارة أوباما”.

ويوضح الموسوي في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية أنه “لا توجد أي معطيات تؤكد أن الرئيس بايدن سيسير على نفس المنوال الذي سلكته إدارة أوباما إبان فترة الربيع العربي، نظرا للتغيرات التي شهدتها المنطقة العربية”.

وأبرز الباحث ذاته أن “المعطيات تغيرت في هذا الجانب بعد دفْع السعودية إلى إجراء مجموعة من التغييرات الجوهرية في نموذجها الديني، وفق ما يتماشى والنمط الغربي الذي حاول قطع الطريق على الإسلام المتطرف والمتشدد الذي ينزع نحو العنف، وتشجيع الحركات الإسلامية المسالمة الرافضة للعنف”.

وتابع المتحدث بأن “موقف بايدن من السعودية وتركيا اللتان تتنافسان على تصدير نموذجيهما الديني سيكون حاسما في تحديد نمط تعامل واشنطن مع الإسلاميين المغاربة الذين يميلون إلى التخندق في الحلف الذي تقوده أنقرة”، مبرزا أنّ “نتائج الانتخابات التشريعية المقبلة المزمع تنظيمها في المغرب السنة الجارية ستكون حاسمة في تحديد طريقة تعامل الإدارة الأمريكية الحالية مع إخوان المغرب”.

كما يقول الموساوي إن “حصول الإسلاميين على المرتبة الأولى وتشكيلهم الحكومة بدون عراقيل سيؤكد أن نظرة واشنطن إلى إخوان بنكيران لم تتغير، وفي حالة وقوع العكس فمعناه أن الولايات المتحدة الأمريكية استقرت على بدائل جديدة، وبالتالي قطع الطريق على الحركات والأحزاب المنضوية تحت لواء التيار العالمي للإخوان المسلمين للوصول إلى السلطة”.

ويختم المحلل تصريحه قائلا: “هذا الملف مرتبط بتشعبات إقليمية وجهوية؛ فكل تغيير على هذين المستويين سيلقي بظلاله على المغرب”.

hespress.com