تصل اليوم الجمعة مليونا جرعة من الشحنة الأولى من لقاحات “أسترازينيكا” البريطانية المصنعة في دولة الهند، فيما تعثر وصول اللقاح الصيني إلى المملكة رغم وجود اتفاق بين الرباط وبكين ومشاركة المملكة في التجارب السريرية الأولى لهذا اللقاح.
وكان المغرب يعول على انطلاق حملة التطعيم في البلاد منتصف شهر دجنبر الماضي، بعد اتفاق مسبق مع الحكومة الصينية، وهو الموعد الذي بدأت فيه فعلا بعض الدول الخليجية عملية التلقيح؛ لكن بكين أخلّت بوعدها مع المملكة، ما دفع وزارة الصحة المغربية إلى إصدار ترخيص مستعجل لاستعمال “أسترازينيكا” البريطاني.
واختارت الصين، في إطار “دبلوماسية اللقاحات”، إعطاء الأولوية للدول المجاورة لها لزيادة نفوذها بالمنطقة وتسوية الخلافات الجيوسياسية، خصوصا مع الفلبين وماليزيا وكمبوديا وفيتنام وتايلاند، في وقت رفضت السفارة الصينية بالرباط الجواب عن أسئلة هسبريس حول خلفيات تأخر وصول لقاح “سينوفارم”.
وذكرت تقارير دولية رداً على إستراتيجية توزيع لقاح “سينوفارم” في العالم أن بكين تستغل اللقاح الصيني ضد “فيروس كورونا” كأداة لتوثيق علاقاتها مع عدد من الدول، خاصة العربية منها.
وبات تنافس القوى الكبرى شديداً على القارة الإفريقية، خصوصا بعد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية خطتها عبر مبادرة “ازدهار إفريقيا” لمنافسة الهيمنة الصينية والروسية والفرنسية والهندية.
ولا تستبعدُ مصادر متابعة للشؤون الدبلوماسية أن تكون الشراكة المغربية الأمريكية على مستوى القارة الإفريقية أزعجت الجانب الصيني، وهو ما أخر وصول لقاح “سينوفارم” إلى المملكة، وذلك خلافاً لمبررات تبدو غير مقنعة أعلنها رئيس الحكومة سعد الدين العثماني.
وافتتحت أمريكا فرعا لمبادرة “ازدهار أفريقيا” من أجل تسهيل ولوج المستثمرين الأمريكيين إلى الأقاليم الجنوبية، واختراق الأسواق الإفريقية بوضع ميزانية أولية تبلغ 5 مليارات دولار، فيما رصد لهذه المبادرة على صعيد القارة أزيد من 60 مليار دولار كمرحلة أولى لمنافسة الغزو الصيني لإفريقيا.
ويرى مراقبون أن “دبلوماسية اللقاحات” ستدفع العديد من دول العالم، ومن ضمنها المغرب، إلى إعادة ترتيب علاقاتها بناء على طريقة التعامل خلال الأزمة الصحية، خصوصا أن عملية توزيع اللقاح من قبل الدول المنتجة له شهدت عدم مساواة بين الدول الغنية والفقيرة.
ودقت منظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر بشأن استحواذ الدول الغنية على اللقاحات، وقالت إن العالم يقف على “شفير إخفاق أخلاقي كارثي” في حال استأثرت الدول الغنية باللقاحات ضد فيروس كورونا المستجد، فيما الدول الأكثر فقرا تعاني.
وكشفت “الصحة العالمية” أن 39 مليون جرعة من لقاح كورونا أعطيت حتى الآن في ما لا يقل عن 49 من الدول الأعلى دخلا، وفي تلك الأثناء “تم تقديم 25 جرعة فقط في واحدة من الدول الأقل دخلا، ليس 25 مليونا، ليس 25 ألفا، فقط 25”.