كيف سترد الرباط على استفزازات مدريد بعد حادث “استقبال” ابراهيم غالي”؟ هل يمكن اللجوء إلى ورقة الهجرة السرية للضغط على حكام قصر “لامونكلوا”؟ سياق هذا التساؤل هو تناثُر غبار أزمة جديدة بين البلدين، كان باعثها الأساس قضية الصحراء.
وعلى الرغم من انتشار وباء “كورونا” في أوروبا وإفريقيا، إلا أن حلم “العبور” إلى الضفة الأخرى مازال يراود المهاجرين السريين، حيث تصل أفواج جديدة إلى الجنوب الإسباني، فيما تمر العلاقات بين البلدين الجارين بأزمة تجاوزت “طابعها” الصامت إلى حد استدعاء السفير الإسباني في الرباط.
وتمثل إسبانيا، باعتبارها “واجهة” أوروبا على إفريقيا، أحد أكبر المستفيدين من مجهودات المملكة في محاربة الهجرة السرية. فيما تعيشُ العلاقات المغربية الإسبانية على وقع “أزمة” صامتة منذ شهور، زاد من حدتها استقبال “مدريد” لزعيم البوليساريو لأسباب “إنسانية” مرتبطة بالمرض.
ويتوفر المغرب على ورقة “الهجرة السرية” التي يمكن التلويح بها في حال ما وجدت الرباط نفسها أمام خيارات ضيقة تفرضها مدريد.
وقد أظهرت التجارب السابقة تعامل السلطات المغربية بليونة مع مسألة التصدي لتدفقات المهاجرين غير النظاميين عندما قررت محكمة الاتحاد الأوروبي استثناء الصحراء المغربية من اتفاق الصيد البحري.
هشام معتضد، محلل سياسي خبير في العلاقات الدولية، قال إن “هناك آليات متعددة متاحة وخيارات سياسية ذات أبعاد استراتيجية يمكن للرباط استخدامها للضغط على مدريد مقابل تملصها من تحمل مسؤوليتها الدبلوماسية والسياسية لروح الشراكة وحسن الجوار”.
وأضاف أن “موقف إسبانيا الذي يثير قدرا كبيرا من الاستغراب، قد يدفع المغرب إلى تبني توجه أكثر صرامة وحدة في علاقته التاريخية والمشتركة مع إسبانيا على عدة أصعدة، وإعادة النظر في تدبيره للعديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك”.
وشدد الباحث ذاته على أن “خطوة مدريد قد مست قضية أساسية للشعب المغربي وقواه الحية”.
وتابع بأن “عدم إخطار إسبانيا للمغرب بتواجد زعيم جبهة البوليساريو، وتقاعسها لإخفاء الأمر وضلوع أجهزتها في تدبير مهمة تسهيل دخوله إلى الأراضي الإسبانية بهوية مزورة، عوامل ستدفع الرباط إلى تقييم جوهر تعاونها البناء مع مدريد على مستوى ملف الصحراء والقضايا الحساسة ذات الاهتمام المشترك والتعاون الاستراتيجي”.
وأردف بأن “الهجرة السرية والتعاون الأمني، ورقتان أساسيتان قد تعتمد عليهما الرباط للضغط على الحكومة الإسبانية من أجل ثني مدريد على تبني سلوكات مماثلة ونهج مقاربات ذات مواقف تسيء إلى تاريخ العلاقات بين البلدين واحترام ذاكرتهما المشتركة”.
وأورد معتضد في ختام تصريحه لهسبريس أن “موقف إسبانيا السياسي والدبلوماسي السلبي في هذه القضية الحساسة للمغرب، ستكون له تداعيات خطيرة على مؤشر الثقة بين الرباط ومدريد، خاصة في ما يتعلق بالتعاون الأمني والسياسي وبناء شراكات استراتيجية جوهرية تحترم سيادة وقناعات البلدين الدبلوماسية”.