أثارت “فاجعة طنجة”، التي شهدتها وحدة صناعية مختصة في النسيج وخلفت قتلى بداية الأسبوع الجاري، تساؤلات حول مدى قيام مفتشي الشغل سواء على مستوى مدينة البوغاز أو غيرها من المدن المغربية بالمهام المنوطة بهم، وعلى رأسها مراقبة مدى احترام شروط الصحة والسلامة وكذا شروط الشغل داخل الوحدات.
وفي هذا الصدد، اعتبر محمد طارق، الأستاذ الجامعي المختص في القانون الاجتماعي، أن مفتشية الشغل لها مسؤولية قانونية؛ لكنها مرتبطة أساسا بمسؤولية المُشغل، المُلزم بحكم قواعد مدونة الشغل عند فتح المقاولة بالإدلاء بتصريح فتح المقاولة، وبناء على هذا الأخير يمكن للمفتش القيام بزيارة المراقبة ويسهر على تطبيق القانون.
وشدد الأستاذ بكلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية بالمحمدية، في تصريح لجريدة هـسبريس الإلكترونية، على أنه فيما يتعلق بالشركة التي شهدت هذه الفاجعة على مستوى طنجة “بما أن هذه المؤسسة لم تكن فيها إجراءات قانونية سليمة، فيقينا لم يكن هناك تصريح، وبالتالي فمفتش الشغل لم يكن على علم بوجود مقاولة في قطاعه”.
ولفت الباحث الجامعي إلى أن مفتش الشغل لا يمكنه العلم بوجود مقاولة وهي غير ظاهرة وبادية للعيان على غرار المقاهي، حتى يقوم بزيارتها “على اعتبار أن مفتش الشغل لا يمكنه زيارة المنازل لكونها ليست فضاءات للعمل”.
وتثار مسؤولية مفتش الشغل في مثل هذه الواقعة، حسب المتحدث نفسه، إذا تم الإدلاء بتصريح فتح المقاولة، والمشغل احترم الشروط؛ لكن، بحسبه دائما، “إذا لم يتوصل بتصريح من المقاولة، فإن مسؤوليته يصعب إثباتها في هذه الحالة”.
وأشار الأستاذ الجامعي المختص في القانون الاجتماعي إلى أن الشركة التي كانت مسرحا لهذه الفاجعة، من خلال ما نشر من صور، “يظهر أنها ليست شركة وإنما مبنى سكني؛ لكن إذا كانت شركة ومصرحا بها في فضاء الشركات، فإن مفتش الشغل مسؤول عن تتبع ومراقبة السلامة المهنية”.
وبالرغم من أن تصريحات صادرة عن أقارب صاحب المقاولة تفيد بأن هذا الأخير يسهر على أداء مستحقات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للعاملين، فإن الباحث الجامعي أكد أن هذا الأمر لا يمكن معه تحميل المسؤولية لمفتش الشغل، على اعتبار أن هذا الأخير “لا يضطلع بتصريحات الضمان الاجتماعي؛ لأن هناك جهازا خاصا بمراقبة الصندوق”، مشيرا إلى أن المقاولة تكون خاضعة للمراقبة إذا بلغ إلى علم المفتش وجودها.
وفي هذا الصدد، سجل الأستاذ الجامعي غياب التنسيق بين القطاعات الحكومية (الداخلية، المالية، الشغل) وكذا القضاء، حين تأسيس المقاولات؛ ذلك أنه “عندما يتم الترخيص لها، لا يتم تبليغ مصالح المراقبة بذلك”.
وأردف في هذا السياق: “هناك مشكل على مستوى تبادل المعلومات، وهذا إشكال مطروح في المجال الاجتماعي، حيث لا توجد قاعدة بيانات منسجمة وموحدة بينها”.