بمجرد الانتهاء من مشاهدة هذا الفيلم الوثائقي “سيزبيراسي” على خدمة “نتفليكس” للبث التدفقي، سوف يصبح تناول الأسماك أو المأكولات البحرية مستحيلا بالنسبة لكثيرين بصورة مفاجئة.
ولكن يعتبر هذا بالضبط هو رد الفعل الذي يهدف إليه فيلم “سيزبيراسي”، حيث يقول مخرج الفيلم علي تبريزي، في المشهد الأخير، إن “أفضل ما يمكن للمرء القيام به من أجل إنقاذ المحيطات وسكانها، هو التوقف عن تناولها (الأسماك)”.
ويُروى فيلم “سيزبيراسي”، الذي ابتكره تبريزي مع زوجته لوسي والمنتج كيب أندرسن-الذي قام من قبل بإخراج الفيلم الوثائقي “كاوسبيراسي” ببراعة في عام 2014-وكأنه رحلة إلى قلب الظلام، كما يتضح من صافرات الإنذار في المشاهد الافتتاحية للفيلم.
ويحب تبريزي الحيتان والدلافين منذ أن كان طفلا، ويقاتل من أجل الحفاظ عليها. ولكن كلما توغل بصورة أعمق في عالم صيد الاسماك، صار من الواضح بالنسبة إليه أن أكبر مشكلة تواجه محيطات العالم هي صناعة صيد الأسماك، وأنه بدون توفر محيطات صحية، لن نتمكن من البقاء على كوكب الارض.
ويشير فيلم “سيزبيراسي” إلى المظالم التي تم التأكيد عليها من خلال تصريحات حاسمة من جانب الخبراء، وصور وحشية: للصيد الجائر، والصيد غير القانوني، والافتقار إلى الضوابط الحكومية، والإعانات الضارة، والتلوث، والكميات الهائلة من الصيد العرضي غير المرغوب فيه، وفي بعض الأحيان ظروف العمل غير الإنسانية على متن السفن.
ويخلص علي تبريزي إلى أنه من الصعب أن يكون هناك شيء اسمه الصيد المستدام.
وكما يوحي اسم الفيلم الوثائقي، تبدو بعض أجزاء الفيلم مبالغ فيها بصورة متعمدة أو غير عادلة. ومع ذلك، فقد أظهرت العديد من الدراسات بشأن هذا الموضوع أن المحيطات والمخلوقات التي تعيش بها في خطر. كما أن للصيد نصيبه في ذلك الخطر.
ومع ذلك، يثير فيلم “سيزبيراسي” قدرا لا بأس به من الجدل، وذلك لا يتعلق بصناعة صيد الأسماك فحسب. ومن جانبه، انتقد فيليب كانستينجر، الذي ينتمي لـ “صندوق الحياة البرية العالمي من أجل الطبيعة”، على سبيل المثال، كون بعض الإحصائيات التي استخدمت في الفيلم الوثائقي لم تكن دقيقة، إلا أنه ظل يمتدح الفيلم بسبب معالجته لموضوع عاجل، وتوصيته بتقليل استهلاك الأسماك واللحوم بقدر الإمكان.
وانتقد خبراء آخرون استخدام الفيلم الوثائقي لدراسات عفا عليها الزمن. وقال بعض الخبراء الذين أجريت معهم مقابلات لإضافتها في فيلم “سيزبيراسي” في وقت لاحق، إنهم شعروا بأن ما قالوه قد تم تحريفه في الفيلم.
من ناحية أخرى، نشر مجلس الإشراف البحري، المعروف بعلامته البيئية الزرقاء التي يتم وضعها على الأسماك أو المأكولات البحرية التي تأتي من مصايد أسماك تلتزم بمعايير الصيد المستدام، ردا بعد عرض فيلم “سيزبيراسي”، يبرر فيه سبب رفضه إجراء مقابلة في الفيلم.
وقال مجلس الإشراف البحري: “بينما نتفق على أنه يجب توفير المزيد من الاهتمام لأزمة الصيد الجائر، رفضنا أن يتم إجراء مقابلة معنا بشأن الفيلم، لأننا كنا قلقين من أننا لن نحصل على قدر عادل من الاستماع من جانب فريق الإنتاج، الذي كان يعتقد بالفعل أن الطريقة الوحيدة لحماية المحيطات هي عدم تناول الأسماك”، مؤكدا أن الصيد المستدام موجود بالفعل.
من ناحية أخرى، قال خبراء آخرون أيضا إن التخلي عن الأسماك والمأكولات البحرية لا يعد خيارا بالنسبة لكثير من الناس، ولا سيما في المناطق الفقيرة، حيث تعد الأسماك مصدرا مهما للبروتين.
ومع ذلك، فإن كل الجدل القائم يعني أيضا أن الفيلم الوثائقي نجح في جعل الناس يفكرون في القضية المهمة المتعلقة برفاهية محيطاتنا وما يمكننا فعله حيالها.
ويواصل علي ولوسي تبريزي معركتهما الشخصية؛ إذ إنهما منذ عرض الفيلم، قاما بتقديم عريضة تطالب ألمانيا والولايات المتحدة وكندا ودولا أخرى بتحويل 30 بالمئة على الأقل من مياههما إلى مناطق محظور الصيد فيها.