موازاة مع النقاش الدائر حول الاتفاقية متعددة الأطراف التي وقعها المغرب في يونيو من سنة 2019 والمتعلقة بتنزيل التدابير الخاصة بالاتفاقيات الضريبية، والتي أثارت مخاوف كثيرة في صفوف الجالية المغربية بالخارج من أن تطّلع سلطات بلدان الإقامة على ممتلكاتهم في المغرب، برزت أصوات رافضة للجوء بعض المغاربة إلى “الاحتيال” على قوانين بلدان الاستقبال لنيْل منافعَ شخصية “غير قانونية”.

ويُفضل بعض المغاربة المقيمين في الخارج العمل في القطاع غير المهيكل “النّْورا”، من أجل تفادي أداء الضرائب من جهة، والاستفادة من المساعدات الاجتماعية التي تقدمها حكومات بلدان الإقامة، أو ما يُعرف بـ”الشوماج”، من جهة ثانية؛ وهو ما يعتبره البعض سلوكا “غير أخلاقي”، في حين يدافع عنه البعض الآخر بداعي “ظروف العيش الصعبة في بلاد المهجر”.

وحَفلت مواقع التواصل الاجتماعي بنقاشات حول “أحقيّة” المهاجرين المغاربة المقيمين بالخارج في إخفاء ممتلكاتهم في المغرب عن أنظار المصالح الضريبية في بلدان الإقامة، حيث صبّت أغلب وجهات النظر في رفض إطّلاع سلطات بلدان الإقامة على المعلومات المتعلقة بممتلكات المهاجرين داخل البلاد، في حين دعا البعض إلى “عدم التحايل على قوانين بلدان الاستقبال”.

وفيما لا يزال النقاش حول هذا الموضوع مستمرا، على الرغم من أن المديرية العامة للضرائب التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة أوضحت أن الاتفاقية متعددة الأطراف التي وقعها المغرب في يونيو من سنة 2019 لا تنص على التبادل الآلي للمعلومات بين الدول الموقِّعة عليها، اعتبرت عائشة باشا، الباحثة في مجال الإعلام والتواصل بجامعة بروكسيل الحرة، أن “التحايل” على بلدان الاستقبال “أمر مرفوض”.

واستطردت الباحثة المغربية المقيمة في بلجيكا، في تصريح لهسبريس، قائلة: “لا يُعقل أن ينتظر مواطن أوروبي الاستفادة من السكن الاجتماعي في بلده، بينما يستفيد منه البعض ممّن يملكون بيوتا في المغرب”، مضيفة أن حتى الدين الإسلامي يحرم هذا النوع من السلوك، أيا كان البلد الذي يقيم فيه المسلم.

وتعمّقت مخاوف المغاربة المقيمين بالخارج من الاطلاع على ممتلكاتهم في المغرب، بعد إقدام السلطات البلجيكية خلال الأيام الأخيرة على إفراغ أسرِ مهاجرين مغاربة من بيوت خاصة بالسكن الاجتماعي، بداعي أن هذه الأسر تتوفر على عقارات في المغرب.

وبينما لا يزال مغاربة العالم متوجّسين من التبادل التلقائي للمعلومات المتعلقة بممتلكاتهم بين المغرب وبلدان الإقامة، انتقدت عائشة باشا أيضا تعاطي المغرب مع مسألة تمكين البلدان الأوروبية من معطيات بخصوص ممتلكاتهم مغاربة العالم في بلدهم الأصلي، معتبرة أن المعلومات التي تخص المهاجرين المغاربة المطرودين من السكن الاجتماعي ببلجيكا تم الحصول عليها من طرف موثقين بلجيكيين عن طريق التعاون مع جهات في المغرب.

وأضافت الباحثة المغربية: “لا يمكن أبدا قبول استهداف المهاجرين الذين ما زالوا يُنظر إليهم كبقرة حلوب، وحتى اذا افترضنا أنهم يتحايلون على القوانين لعدم الإفصاح عن ممتلكاتهم في المغرب، فإن هذه الممتلكات يستفيد منها الاقتصاد المغربي بالدرجة الأولى”.

وبالرغم من أن المديرية العامة لإدارة الضرائب نفت وجود اتفاق للتبادل التلقائي للمعلومات المتعلقة بممتلكات مغاربة العالم داخل المملكة مع الدول الأجنبية، فإن عائشة باشا اعتبرت أن “هذا غير كاف”، وزادت قائلة: “يجب على السلطات المغربية أن توقع اتفاقيات واضحة تزيل هذا اللبس، وإلا فإن العلاقة بين المغاربة المقيمين في الخارج، الذين يمثلون ربُع إجمالي سكان المغرب، وبين وطنهم الأم ستتصدع”.

hespress.com