أورد تحليل لمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة أنه منذ أكثر من عقدين تصاعد الاهتمام العالمي بالتحول نحو استخدام مصادر الطاقة النظيفة، بما في ذلك الطاقة الشمسية والرياح، إلى جانب المصادر الأخرى، وذلك من أجل معالجة مشكلة الانبعاثات الكربونية العالمية التي تفرض تغيرات مناخية عديدة ذات تبعات اقتصادية وسلبية جسيمة.

وقال البحث إنه لكي يحافظ العالم على الزيادة في متوسط درجة الحرارة العالمية عند أقل من 2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، ينبغي خفض صافي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 45 بالمائة بحلول عام 2030 من مستويات عام 2010، على أن تصل إلى صفر بحلول عام 2050.

وبحسب الوثيقة ذاتها، يعتبر التحول نحو استخدام الهيدروجين الأخضر أو المتجدد ضمن الحلول الرئيسية التي طُرحت مؤخرًا من جهة العديد من الحكومات العالمية من أجل مساندة الجهود العالمية الرامية إلى خفض الانبعاثات الكربونية، وبإمكانه أن يلعب دورًا حيويًا في تعزيز الانتقال نحو استخدام الطاقة النظيفة نظرًا لما يتمتع به من الوفرة في الطبيعة، وإمكانية تخزينه ونقله لمسافات طويلة، وذلك دون إطلاق ثاني أكسيد الكربون.

وفي هذا الإطار، اكتسبت برامج إنتاج الهيدروجين الأخضر زخمًا قويًا في أوروبا، إلى جانب الصين واليابان والإمارات وفي أنحاء أخرى من العالم، وتتطلع هذه الدول إلى التوسع في استخدامه بقطاعات متنوعة، بما في ذلك الصناعة والنقل والإسكان.

وأبرز التحليل أنه “وكآلية للتحرك الجماعي، أصدرت المفوضية الأوروبية، وهي من أبرز الداعمين العالميين للطاقة النظيفة، في يوليو 2020، استراتيجية لتوسيع استخدام الهيدروجين الأخضر عبر القطاعات الملوثة مثل البتروكيماويات والصلب”.

وبموجب الاستراتيجية الأوروبية، سيتم تدشين منشآت محللات كهربائية للهيدروجين بقدرة 6 جيغاوات لإنتاج ما يصل إلى مليون طن من الهيدروجين الأخضر في المرحلة الأولى (2020-2024)، على أن تتم زيادة الطاقة الإنتاجية في المرحلة الثانية (2025-2030) بما قدره 40 جيغاوات لإنتاج ما يصل إلى عشرة ملايين طن من الهيدروجين الأخضر، وسوف يخصص الاتحاد الأوروبي أموالا تتراوح بين 180 مليارا و470 مليار يورو من أجل تحفيز التوسع في استخدام الهيدروجين الأخضر حتى 2050.

وأشارت الوثيقة إلى أنه يوجد حاليا في العالم نحو 11.200 سيارة تعمل بالطاقة الهيدروجينية، وهذه الأعداد مرشحة للزيادة في العقود المقبلة.

ووفق تقرير سابق لشركة “شال”، فمن المرجح أن تعمل نحو 113 مليون مركبة بخلايا الوقود في أماكن عدة بالعالم، ولا سيما في اليابان والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، بحلول 2050. وتتطلب هذه الزيادة بلا شك تطوير بنية تحتية قوية لمحطات الهيدروجين، فضلًا عن تعزيز كفاءة تشغيل البطاريات وخفض كُلفتها مستقبلًا لكي تجذب المستخدمين.

وتدور النقاشات العالمية في الوقت الراهن على أن هناك تحديات لا تزال تواجه الطموح العالمي لزيادة تمثيل الهيدروجين الأخضر في مزيج الطاقة العالمي في المستقبل، أبرزها يتمثل في تكاليف إنتاجه المرتفعة التي تعتمد في نهاية المطاف على أسعار توليد الكهرباء عن طريق مصادر الطاقة المتجددة، علاوةً على التكلفة الاستثمارية للمحلل الكهربائي، وهي حاليًا أعلى مرتين أو ثلاث من تكلفة الوقود الرمادي، مما يجعل الأخير أكثر جاذبية للمستخدمين حتى الآن.

وطبقًا للوكالة الدولية للطاقة، فإن تكلفة إنتاج كيلوغرام واحد حاليًا من الهيدروجين الأخضر (ما يعادل حوالي 33.3 كيلو وات في الساعة) تتراوح بين 3.50 يورو و5 يورو، أي ما بين 0.10 يورو/كيلو وات ساعة و0.15 يورو/ كيلو وات ساعة، بينما تكلفة الهيدروجين الرمادي عند مستوى 1.5 يورو للكيلوغرام الواحد (أو 0.045 يورو/ كيلو وات في الساعة).

hespress.com