الثلاثاء 26 يناير 2021 – 20:10
أعلنت السلطات الأمنية الهولندية، أول أمس الأحد، عن اعتقال 184 شخصا على خلفية أعمال العنف والاشتباكات مع الشرطة التي أعقبت حزمة من القرارات والتدابير الاحترازية التي اتخذتها لمقاومة تفشي فيروس كورونا في البلاد، بما فيها فرض حظر تجول ليلي هو الأول من نوعه في هولندا منذ الحرب العالمية الثانية، الأمر الذي تسبب في اندلاع موجة عارمة من الاحتجاجات انطلقت من مدينة أمستردام لتشمل باقي المدن الهولندية.
ومن جانبها، تناقلت وسائل الإعلام في الأراضي المنخفضة صورا ومقاطع توثق لتدخلات عنيفة لعناصر الشرطة لتفريق المتظاهرين الغاضبين من قرارات حكومتهم في أكثر من عشر مدن هولندية، استعملت خلالها بشكل مكثف وعشوائي خراطيم المياه والكلاب البوليسية المدربة، فضلا عن تدخل مجموعات من فرق الخيالة لتفريق المحتجين الذين كان أكثرهم من فئة الشباب، في مشاهد عنف وعنف مضاد من جانب الشرطة لم تشهد هولندا مثيلا لها منذ أربعين سنة، مما استدعى دخول الشرطة العسكرية الهولندية على خط الأحداث بعدما أصدرت تغريدة على شبكة “تويتر” تؤكد فيها أنها نفذت عمليات دعم ميداني للشرطة الهولندية في عدة مدن جنوب البلاد بعد خروج أعمال الشغب عن السيطرة.
وقد وصف رئيس الوزراء الهولندي، مارك روته، هذه الأحداث بـ”العنف الإجرامي”، واعتبر أنها “أسوأ أعمال شغب في غضون أربعين عاما”، بينما ربط رئيس الشرطة، ويليم وولدرز، بين التدخل الأمني وتراجع منسوب الاحتجاج بقوله: “عدد المعتقلين تجاوز بالفعل 150، نلاحظ أن الهدوء ساد في معظم أنحاء هولندا مرة أخرى. الاستثناءات هي هيرتوجينبوش وروتردام”.
وعن أسباب هذه الأحداث، أكدت مصادر إعلامية متطابقة أن الشرطة تعاملت بعنف وقمع مبالغ فيهما مع رفض بعض المواطنين تنفيذ قرار حظر التجول الليلي، خصوصا في مدينتي “أمستردام” و “أيندهوفن”، وذلك بشكل أطلق شرارة أعمال شغب واسعة وحرق للممتلكات العامة والخاصة، كما تعرضت محلات تجارية لعمليات نهب من قبل المحتجين، في مقابل ارتفاع عدة أصوات بهولندا تدين التدخل العشوائي والعنيف لعناصر الشرطة واستعمالهم لعنف مبالغ فيه في حق المواطنين.
أوساط حقوقية محلية بهولندا أكدت، في تعليقها على هذه الأحداث، أن عنف الشرطة المبالغ فيه في حق المتظاهرين يسائل بشدة التزام هذه الأخيرة بقوانين حرية التعبير والتظاهر بالاتحاد الأوروبي، خصوصا تلك المتعلقة باستعمال وسائل خطيرة للتدخل من قبل الكلاب البوليسية والخيول في تفريق المحتجين، فيما ذهبت منظمات غير حكومية إلى حد المطالبة بإدراج العنف الرسمي الهولندي ضمن جرائم العنف الممنهج والمؤسسي الذي يقتضي تدخل الآليات والمساطر الأممية المعنية بحرية التعبير والتظاهر والمقرر الخاص بالتعذيب، لرصد هذه التجاوزات والممارسات العنيفة غير المقبولة، التي ينعقد فيها الاختصاص أيضا حتى للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
وعلى صعيد آخر، عبر بعض نشطاء الجالية المغربية بهولندا عن استغرابهم لمباركة بعض الأوساط السياسية لهذا الاستعمال المفرط للقوة، في توجه يناقض الخطاب السياسي الرسمي الهولندي في مواجهة أحداث خارجية أقل عنفا بكثير، مستشهدين بالبروباغندا الإعلامية التي أطلقتها بعض الأوساط الهولندية على خلفية أحداث مدينة الحسيمة بالمغرب، والتي لم يشهد أي منها حجم العنف والاعتقالات واستعمال وسائل التدخل التي استعملتها الشرطة المدنية والعسكرية الهولندية في حق متظاهرين يحتجون على تطبيق حظر التجول لأول مرة منذ أربعين سنة بالبلاد.
وللإشارة، فهذه ليست المرة الأولى التي تعتمد فيها السلطات الهولندية أسلوب العنف الممنهج في تطبيق إجراءات الحجر الصحي؛ فقد سبق لها أن أوقفت عشرات المحتجين على السياسة التي انتهجتها الحكومة في مواجهة فيروس كورونا، وذلك أثناء تظاهرة جرت في شهر يونيو من السنة المنصرمة، شهدت مواجهات استخدمت خلالها قوات الأمن أيضا خراطيم المياه لتفريق المحتجين.