عبر المغرب عن انزعاجه من الطريقة التي استقبلت بها إسبانيا زعيم جبهة “البوليساريو” الانفصالية، معتبرا تلك الخطوة “تتنافى مع روح الشراكة وحسن الجوار، والذي يهم قضية أساسية للشعب المغربي ولقواه الحية”.
وكانت إسبانيا أدخلت زعيم “البوليساريو” خفية وبجواز سفر مزور قصد العلاج من فيروس “كورونا”؛ وهو ما أثار غضب الرأي العام الوطني، ودفع وزارة الشؤون الخارجية المغربية إلى استدعاء السفير الإسباني بالرباط قصد التعبير عن احتجاجها.
وتأتي هذه الأزمة الدبلوماسية الجديدة تزامنا مع بداية التنسيق بين القطاعات الحكومية تحضيرا لعقد القمة المشتركة بين المغرب وإسبانيا، والتي كانت قد تأجلت مرات عديدة بسبب الوضعية الوبائية حسب التصريحات الرسمية؛ لكن مصادر عزت تأجيل عقد القمة المذكورة إلى موقف الجارة الشمالية من ملف الصحراء.
وعلى الرغم من الطريقة التي استقبلت بها زعيم “البوليساريو”، فإن حكومة الجارة الشمالية تتشبث بتقوية العلاقات الثنائية مع المغرب، حيث استبعدت أرانشا جونزاليز لايا، وزيرة الخارجية الإسبانية، أن تتأثر العلاقات بين البلدين واصفة إياها بـ”الممتازة”.
ويعتبر التعاون الأمني والاستخباراتي من أقوى مجالات التعاون بين الرباط ومدريد، خصوصا في محاربة الإرهاب والتطرف، إذ إنه بفضل المعطيات التي توفرها أجهزة الاستخبارات المغربية تمكنت إسبانيا من إحباط العشرات من المخططات الإرهابية فوق ترابها.
وبفضل هذا التعاون الأمني، تقلص عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين وصلوا إلى السواحل الإسبانية بنسبة 50 في المائة في العام 2019. وتشير الأرقام الرسمية إلى أن المغرب منع، في السنة المنصرمة، أزيد من 32 ألف مهاجر غير شرعي من الوصول إلى سواحل الجارة الشمالية، وذلك مقارنة مع 74 ألف محاولة في السنة السابقة عليها.
وفي حالة إن قرر المغرب مراجعة تعاونه الأمني والاستخباراتي ستكون إسبانيا الخاسر الأكبر من علاقاتها مع المملكة المغربية، بل إن الأمر سيلحق ضررا بأوروبا التي يحمي المغرب حدودها.
وقد يطرح سؤال لماذا يستمر المغرب في لعب دور “دركي الهجرة” لحماية الحدود الإسبانية إذا كان هذا البلد يستضيف زعيم ميليشيات “البوليساريو”، التي تهدد أمن واستقرار المملكة المغربية؟، لا سيما في ظل رفض القضاء الإسباني التجاوب مع الشكاوى العديدة التي قدمها ضحايا إبراهيم غالي.
ووفق معطيات جريدة هسبريس الإلكترونية، فإن المغرب لم يتخذ، إلى حدود الساعة، أي خطوة بشأن مراجعة أو تخفيض التعاون الأمني والاستخباراتي مع الجارة الشمالية إسبانيا.
واستبعد تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن تؤدي هذه الأزمة إلى تدهور كبير في العلاقات المغربية الإسبانية، وقال إن الأمر يتعلق بـ”غمامة صيف”.
وأوضح الحسيني، في تصريح لهسبريس، أن “العلاقات المغربية الإسبانية هي ذات علاقات إستراتيجية وشراكة قوية، خاصة في المجال الاقتصادي والمبادلات التجارية”، مشيرا إلى أن إسبانيا تعتبر الشريك التجاري الأول للمغرب.
وتابع الخبير ذاته: “هناك علاقات جوار قوية بين البلدين، وهذا الجوار هو من بين الثوابت الأساسية في العلاقات الجيو إستراتيجية بين بلدان الجوار، وبالتالي فإن الأمر يتعلق بوضعية عابرة سيتم تجاوزها في القريب حفاظا على هذه العلاقات المفضلة والأساسية”.