لم يعد المغرب يقبل بازدواجية الموقف الأوروبي بشأن نزاع الصحراء المغربية؛ ففي الوقت الذي توجد فيه شراكات إستراتيجية بين المملكة والاتحاد الأوروبي، وأساسا اتفاقية الصيد البحري واتفاقية الفلاحة، تشمل الأقاليم الجنوبية يواصل هذا التكتل الأوروبي مسك العصا من الوسط بخصوص النزاع الإقليمي.

وشاركت فرنسا، العضو الدائم بمجلس الأمن الدولي، في المؤتمر الوزاري المغربي الأمريكي لدعم مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية؛ فيما غابت إسبانيا عن اللقاء الذي شاركت فيه 40 دولة من مختلف بقاع العالم، على الرغم من أنها البلد المستعمر للصحراء المغربية.

ودعا ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، الجمعة بالرباط، دول الاتحاد الأوروبي إلى الانخراط في الدينامية الدولية التي أطلقها الدعم الواسع لمبادرة الحكم الذاتي.

وشدد المسؤول الحكومي المغربي على أن “أوروبا يجب أن تخرج من منطقة الراحة بالقول إن هناك مسلسلا، ونحن ندعم هذا المسلسل، حتى لو كان هذا المسلسل سيستمر لعقود”.

وأوضح وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أن أوروبا عليها الانخراط في هذه الدينامية الدولية، مؤكدا أن “الموقف الأمريكي يجب أن يسائل أوروبا حول درجة انخراطها، بحيث إن هذا الاتجاه الذي يسير فيه المجتمع الدولي، وقوامه حل في إطار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، يكون أيضا محط إجماع أوروبي”.

ويرى مراقبون أن تصريحات بوريطة كانت موجهة أساساً إلى إسبانيا، باعتبار ردود الفعل السلبية التي جاءت منها بخصوص الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء.

وكان رد فعل الخارجية الإسبانية مقلقا بالنسبة للمغرب، مشيرة إلى أنها ستفتح مفاوضات مع الإدارة الأمريكية الجديدة بخصوص موقف دونالد ترامب.

وقالت أرانتشا غونزاليس لايا، وزيرة الخارجية الإسبانية، إن “حل النزاع الإقليمي لا يعتمد على إرادة دولة واحدة مهما كان حجمها، وأن الحل هو بيد الأمم المتحدة”.

ويدعم الاتحاد الأوروبي “الجهود التي يبذلها الأمين العام للأمم المتحدة لمواصلة العملية السياسية الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي واقعي وعملي ودائم ومتوافق عليه لملف الصحراء، استنادا إلى حل توافقي وفقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”.

ولا يعترف الاتحاد الأوروبي بالجمهورية الوهمية؛ لكنه يقدم مساعدات إلى مخيمات تندوف في إطار التعاون الإنساني، في مقابل ذلك لديه اتفاقيات إستراتيجية مع المغرب تشمل منتجات الأقاليم الجنوبية.

وعلى الرغم من الضغوطات التي مارسها أعضاء بالبرلمان الأوروبي، فإن الاتحاد رفض إدانة قرار الرئيس الأمريكي القاضي بالاعتراف بمغربية الصحراء وبفتح قنصلية عامة في مدينة الداخلة.

وتخشى “البوليساريو” من تحولات مرتقبة في موقف الاتحاد الأوروبي، خصوصا ألمانيا المؤثرة في القيادة الأوروبية؛ فقد سارعت وكالة الأنباء الجزائرية إلى الاتصال بممثلة الجبهة في ألمانيا للرد على الموقف الذي عبر عنه غوتس شميت بريم، سفير ألمانيا في الرباط، في حواره مع هسبريس.

ويطلب المغرب من أوروبا وضوحا أكثر بخصوص نزاع الصحراء الذي يؤثر أيضاً على الجوار الأوروبي القريب من المنطقة، خصوصا في ظل تحديات الإرهاب المطروحة في منطقة الساحل والصحراء.

تقرير أوروبي سابق كشف تورط “البوليساريو” في أعمال إرهابية في منطقة الساحل والصحراء، تم إعداده بتمويل من المفوضية الأوروبية، ويؤكد تواطؤ الانفصاليين مع المجموعات الإرهابية التي تنشط بالمنطقة.

وحسب دراسة لـ”بروجيكت سيفت”، وهو مشروع بحثي دولي يجري تحقيقات حول ولوج الإرهابيين إلى التجارة غير الشرعية للأسلحة النارية، والذي نشره المعهد الفلاماني للسلام، فإن منطقة الساحل والصحراء شهدت أحداثا عنيفة تورطت فيها حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، وجبهة “البوليساريو”، وأنصار الدين خلال الفترة ما بين 2010 – 2016.

hespress.com