حظيت “فيضانات” الدار البيضاء بمتابعة كبيرة من طرف الرأي العام، نظرا لطبيعة الخسائر المادية والبشرية المعلن عنها إلى حدود اللحظة، والتهديدات التي باتت تمثلها السيول الجارفة لعدد من المنازل الآيلة للسقوط، خاصة على مستوى المدينة العتيقة، بينما لم يعلن أي طرف من الأطراف المعنية بتدبير شؤون المدينة مسؤوليته جرّاء ما وقع.

ويطالب عدد من المغاربة بتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، الذي ينص عليه الدستور، خاصة وأن الأمر يتعلق بأرواح بشرية أصبحت “مهددة”، بفعل التساقطات المطرية الأخيرة التي شهدتها بعض المدن.

ولم تواكب هذه الاضطرابات الجوية أي إجراءات تدبيرية للحد من الخسائر المحتملة، بحيث تؤكد الأرصاد الجوية أن هذه المطبات المناخية الصعبة ستستمر لغاية أسبوع، وهو ما خلق جوا من الرعب في صفوف المغاربة، من احتمال عودة “شبح” الفيضانات القوية التي شهدتها مدن عديدة خلال عام 2017.

التدبير المفوض

حسن الحداد، نائب رئيس رابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين، قال إن “التساقطات المطرية الأخيرة فاقت كل التوقعات وغالبا ما تحدث فيضانات بمثل هذه الأمطار”، مبرزا أن “دولا عديدة عرفت هذه السنة فيضانات اختلف حجمها من دولة إلى أخرى، أدت إلى وقوع ارتباك كبير على مستوى السير والجولان، وكذلك وقعت بعض الخسائر حسب البنيات التحتية لكل دولة”.

واعتبر الحداد في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية أن الفيضانات التي شهدتها مدينة الدار البيضاء مؤخرا، “عرت وفضحت ضعف بنيتها التحتية”، مضيفا أن “ما وقع بالدار البيضاء سبق أن وقع بمدينة طنجة سنة 2010 أكثر منه بكثير، وهذا الأمر يدفعنا دائما إلى مساءلة المجالس المنتخبة، خصوصا بالمدن الكبرى التي أصبح فيها قطاع التطهير مفوضا للشركات الأجنبية التي تجني المليارات من وراء العقود التي أبرمت معها”.

وشدد الحداد على أن “هذه الاتفاقيات كلها نصت على الاستثمار في البنية التحتية لهذه المدن”، ضاربا المثل بـ”مدينة طنجة التي ينص دفتر تحملها (شركة أمانديس وجماعة طنجة) على إحداث وتغيير وصيانة مجاري الصرف الصحي والمياه العادمة والحد من الفيضانات بالمدينة”، مشيرا إلى أن المجلس الأعلى للحسابات سبق أن وقف على ضعف استثمار شركة أمانديس في هذا الجانب وعدم التزامها بما اتفق معها.

وللحد من هذه الكوارث، دعا الحداد القطاعات المعنية، وعلى رأسها المجالس المنتخبة للمدن التي يدخل في إطار اختصاصها تدبير الماء والتطهير، إلى تحمل مسؤوليتها، مشددا على أنه “لا يمكن أن تكتفي بالتفويض دون أن تتبع ذلك بالمراقبة والتتبع، علما أن كل الجماعات لها لجنة خاصة بالتدبير المفوض (لجنة التتبع والمراقبة) التي يدخل في نطاق عملها كتابة تقارير مفصلة حول جاهزية البنيات التحتية، وكذلك متابعة الشركة المفوض لها تدبير القطاع”.

وتابع: “لا يمكننا تفادي وقوع مثل هذه الكوارث دون تفعيل آليات المراقبة وترتيب الجزاءات على المخالفين تماشيا مع روح الدستور (ربط المسؤولية بالحاسبة)؛ إذ لا يعقل أن تستخلص الجماعات الترابية ضريبة التطهير دون أن تقوم بواجبها، ويجب أن يكون أمن وسلامة وممتلكات دافعي الضرائب من أولويات عملها، وكذلك محاسبة الشركة المفوض لها تدبير القطاع”.

مساءلة ومحاسبة

قال المكي الحنودي، رئيس جماعة لوطا في الريف: “إذا كان حجم التساقطات عاديا وتسببت في فيضانات بالمدن، فإن الأمر يحتاج إلى مساءلة ومحاسبة، والمدخل الأول هو الضرب بقوة على أيدي المتلاعبين بمشاريع التأهيل الحضري ومشاريع صرف مياه الأمطار بالمجالات الحضرية، سواء كانوا مسؤولين منتخبين أو مقاولين، وأيضا مسؤولي الدولة المراقبين للأوراش المختلفة”.

وبخصوص المجال القروي وما يتعلق بالأودية وفيضاناتها، أورد الحنودي في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية أن “المسؤولية تتحملها في جانب منها وكالات أحواض المياه، وقد قامت بمجهودات تحسب لها في ما يتعلق بحماية الضفاف وساكنتها، وعليها مضاعفة الجهود”، قبل أن يعاتب أيضا “من يتجرأ من الساكنة على البناء والسكن في مواقع مهددة بالفيضان، وكذلك بعض المسؤولين الذين يحدثون مرافق عمومية بضفاف أودية قد يهددها الفيضان، كملاعب للقرب وأسواق أسبوعية وغيرها”.

hespress.com