بدأت أزمة المياه الصالحة للشرب تطرح نفسها بشكل تدريجي بالمملكة نتيجة التأثيرات المناخية على الموارد المائية خلال العقود الأخيرة، خاصة بالمناطق الجنوبية والشرقية، حيث تتفاقم هذه المعضلة في الفترة الصيفية التي تقلّ بها التساقطات المطرية.

وتظهر ملامح “الأزمة” بمناطق جهة درعة تافيلالت، لاسيما بمدينة زاكورة التي شهدت ما سُمّيت “احتجاجات العطش”، ما دفع الدولة إلى إطلاق مشاريع محطات من شأنها معالجة المياه، لكن الورش مازال “متأخرا” نسبيا بالمقارنة مع التحديات البيئية المطروحة.

وفي ظل استئناف العلاقات الدبلوماسية بين تل أبيب والرباط، يُمكن للمسؤولين المغاربة الاستفادة من التجربة الإسرائيلية في مجال تدوير المياه، بعدما نجحت في التغلب على الجفاف، ما جعلها تحظى بالريادة على مستوى إعادة تدوير واستخدام المياه العادمة في الزراعة.

وأشارت مقالة إخبارية منشورة بصحيفة “إسرائيل فالي”، المتخصصة في العلاقات التجارية بين فرنسا وإسرائيل، إلى أن تل أبيب تقوم بتدوير أزيد من 80 بالمائة من المياه العادمة التي تستخدم لري ما يقارب العشرين ألف هكتار، ما يمثل 16 بالمائة من الاحتياجات المائية لإسرائيل.

وتعد إسرائيل، بالإضافة إلى كل من الكويت وسنغافورة، من بين البلدان الأكثر تقدما في مجال إعادة تدوير المياه العادمة، تبعاً للصحيفة عينها، التي أكدت أن التحدي المائي سيكون المشكلة الأولى بالنسبة للدول، خاصة تلك التي تتموقع بمناطق جغرافية جافّة.

ونشرت مجلة “واتير” العلمية الدولية دراسة أخيرة تنبّه من خلالها إلى الإجهاد المائي الكبير الذي يُعانيه الجنوب الشرقي المغربي، مشددة على هشاشة التوازن المائي بالمنطقة، بالإضافة إلى التحديات المرتبطة بجودة المياه الجوفية المستعملة في الشرب والري الزراعي.

وفي هذا السياق، قال عبد الرحيم الكسيري، المنسق الوطني للائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة، إن “إسرائيل تعد قوة عالمية في ما يتعلق بتنمية الموارد المائية، فهي التي ابتكرت التقطير المائي، ونجحت في تخضير المساحات الصحراوية الجافة”.

وأضاف الكسيري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: “إسرائيل تتوفر على شركات كبرى لإنتاج البذور الزراعية التي كنّا نشتريها بطريقة غير مباشرة، ما يؤدي إلى ارتفاع الكلفة، لكن عودة العلاقات السياسية من شأنها نقل التكنولوجيات الإسرائيلية للمغرب، ومنه إلى إفريقيا”.

وأوضح الفاعل البيئي أن “الدولة لا تتوفر على مقاربة واضحة في مجال الموارد المائية، ما يتطلب الاستعانة بالتقنيات الإسرائيلية التي ستؤدي إلى استدامة تلك الموارد، من خلال تركها للأجيال المقبلة من جهة، وتحسين جودة المنتجات الفلاحية من جهة ثانية”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن “المياه الجوفية متضررة للغاية خلال السنوات الأخيرة، فرغم سياسة السدود المائية التي نجحت في تحقيق الأمن المائي للبلاد، إلا أنها لا تتم حمايتها بالشكل الكافي من التوحل، ما ينتج عنه ضياع سد مائي كامل في السنة الواحدة بسبب الأوحال”.

وأكد الكسيري أن “الشرطة المائية لا تتوفر على السلطة الكافية والوسائل الممكنة من أجل ضبط تدبير المياه الجوفية التي تتعرض للاستنزاف بسبب بعض الزراعات”، ثم زاد شارحا: “يتم حاليا استهلاك مياه الأجيال المقبلة، علما أن تلك تشكيل تلك المياه الباطنية يتطلب آلاف وملايين السنين”.

hespress.com