أصدر المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية وثيقة مرجعية تسرد المصطلحات المتعلقة بقضية الصحراء المغربية.

وجاء إعداد الوثيقة، المكونة من 28 صفحة، بناء على حجـج علميــة تقــدم تعاريـف موضوعية وحديثـة لأهم المبادئ السياسية والقانونية والتاريخية ذات الصلـة بقضية الصحراء المغربية.

ويسلط التقرير الضوء على “الحقائق التاريخية الكفيلة بإزالـة الغمـوض ودحض المغالطات التي يحاول تمريرها أعداء الوحدة الترابية للمملكة المغربية”.

وأشار تقرير المعهد الملكي إلى أن جهة الصحراء تضم الأقاليم العشرة التالية: كلميم، أسا-الزاك، طانطان، ســيدي إفني، العيــون، بوجــدور، طرفاية، السمارة، وادي الذهــب، أوسرد، وقال إنه وفقـا للمبادرة المغربية للحكم الذاتي الموسع في الأقاليم الجنوبية، ستكون هذه الجهة تجربة نموذجية ومثالا يقتدى به في مجال الجهوية الموسعة.

وأبرز التقرير، الذي اطلعت عليه هسبريس، أن سيادة المغرب تأكدت على الصحراء بالرجوع إلى الروابـط التاريخيـة والسياسـية التـي تجمـع المملكـة بهـذه الجهة وتؤسس للسيادة، وتعززت بفضل اعترافات دول عديدة، على رأسها إعلان الولايـات المتحـدة الأمريكية اعترافها بسيادة المغـرب عـلى الصحـراء بتاريـخ 4 دجنبر 2020.

وأضاف المصدر ذاته أنه بفضل جهود الدبلوماسية المغربيـة تحـت قيـادة الملك محمـد السـادس، سـحبت العديـد مـن البلـدان اعترافها بالجمهورية المزعومة، وقامـت بلـدان أخـرى بتجميـد اعترافهـا. فقـد بلـغ عـدد الـدول التـي لا تعترف بالكيان الوهمي إلى غاية تاريـخ 7 نونبر 2020، 163 دولـة، أي 85% مـن الـدول الأعضـاء في منظمـة الأمـم المتحـدة.

تقرير المصير

خلافاً للتأويل الخاطئ الذي تقدمه الجزائر والبوليساريو لتقرير المصير، أوضح التقرير أنه “كمـا نصـت علـى ذلـك المادة الأولى مـن ميثـاق الأمم المتحدة، يعنـي تقريـر المصير أو حـق الشـعوب في تقريـر مصيرها الحـق في أن تحـدد بحرية ودون تدخل خارجي مركزها السياسي وفي أن تسعى إلى تحقيق إنمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي”.

ونتيجة لذلك، فحـق تقريـر المصير عمليا هو “اختيـار حـر إرادي يعـرب عنـه سكان الإقليم المعني بوسائل ديمقراطية معروفـه وعلـى أسـاس احتـرام الذاتيـة الفرديـة والخصائص الثقافيـة للإقليم وسكانه”.

وتابع المصدر ذاته بأن المبادرة المغربية لسنة 2007 تقترح اعتماد الحكم الذاتي الموسع في جهــة الصحــراء، كخيار مناسب بــدل الاستفتاء الـذي تأكدت استحالة تنظيمـه، حيـث لا يعـد الاستفتاء طريقـة الاستشارة الوحيـدة المعمول بهـا للتعبيـر عـن إرادة سـكان إقليـم معـين.

وأورد التقرير أنه وفقا لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة في هذا الصدد، فإن القرار الأخير الصادر عنها يعتبر “بالـغ الأهمية بالنسـبة للمغـرب، لأنه نـص علـى حـق الشـعوب جميعهـا في تقريـر مصريهـا، وفي الوقـت نفسـه علـى واجـب صـون الوحـدة الوطنيـة والسلامة الترابية للدول”؛ إذ أقرت الفقـرة السادسـة مـن قـرار الجمعيـة العامـة عـدد 1541 أن “كل محاولـة تستهدف التقويـض الجزئي أو الكلي للوحـدة الوطنية والسلامة الترابية لأي بلـد تكـون متنافية ومقاصـد ميثـاق الأمـم المتحـدة ومبادئه”.

مغربية الصحراء

أشار التقرير إلى أن عنصرين عـلى الأقـل يؤكدان أن السـكان الصحراويـن عـبروا عــن انتمائهم للمغـرب عــن طريــق مبايعــة زعــماء القبائـل الصحراوية لملك المغرب بتاريــخ 14 غشت 1979، مــن جهــة، والانخراط في المسلســل الديمقراطي في المغرب، مــن جهــة أخــرى.

في الصدد ذاته، بلغ متوسط نسبة المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية الأربعة التي شهدها المغرب بـين 2002 و2016 في الأقاليم الجنوبيـة 54 في المائة، وهـي نسـبة أعـلى بكثيـر مـن النسـبة المسجلة علـى المستوى الوطنـي التي ناهـزت 44 في المائة في هـذه الانتخابـات الأربعة المذكورة.

وجاء في التقرير أن التنميــة البشريــة في الأقاليم الجنوبيــة، التــي يتــم قياسها بواسطة مؤشر التنميــة البشريــة الخــاص ببرنامـج الأمـم المتحـدة للتنميـة، شهدت تحسنا ملحوظا خلال العقود الأربعة الأخيرة؛ إذ انتقـل هـذا المؤشر مـن 0.384 ســنة 1980 إلى 0.576 سنة 2004، ثم ناهز 0.643 سنة 2014، وهــو معــدل أعـلـى قليــلا مــن المعدل الوطنـي (0.628).

وبين عامي 1980 و2014، سـجل مؤشر التنميـة البشريـة زيـادة بنحـو 1.97 بالمائة في الأقاليم الجنوبية، وهـي نسـبة أعـلى بشـكل ملحـوظ مـن تلـك المسجلة على المستوى الوطنـي (1.1 بالمائة).

وشدد المصدر ذاته على أن الحكم الذاتي “يعد الخيـار الممكـن الوحيـد في الصحـراء، ليـس فقـط لأن المغـرب يمـارس سيادته عـلى أراضيـه، بـل لأن الحكـم الـذاتي سـيضمن الاستقرار في المنطقـة، وفقـا للمعايير الجديـدة التـي تـرى أن الحـق في تقريـر المصير لا يعنـي بالضرورة الحـق في الاستقلال، بـل الحـق في الديمقراطيـة، ولا سيما علـى شـكل حكـم ذاتي إقليمي. كـما يعنـي الحكـم الـذاتي الإقليمي تمتع جماعة بشرية بسلطات ذاتيـة تشريعية وتنفيذية، وقضائية، تضمنها الدولـة المركزيـة في ممارسـة الديمقراطيـة الإقليميـة”.

وفي إطار المبادرات الأممية لحل الصراع، أشار التقرير إلى مخطط بيكر الأول (تم إعداد هذه الخطة سنة 2000، لكنها لم تعرض أبدا على أنظار مجلس الأمن). واقترحت هذه الخطة، التـي تـم إعدادها بعـد اتفاقيات هيوستـن، اعتماد الحكـم الـذاتي في الصحـراء، وكان مـن المفروض أن تبقـى الشـؤون الخارجيـة والدفـاع مـن اختصاص الإدارة المركزيـة. وقـد وافـق المغـرب عـلى هـذه الخطـة، بينمـا رفضتها كل مـن البوليساريو والجزائـر.

وفي 23 ماي 2003، يورد التقرير، تـم إعـداد خطـة بيكر الثانية عقـب خطـة بيكـر الأولى، وقـد جـاءت بمقترح إجراء استفتاء يشـمل خيـار الاستقلال بعـد 5 سـنوات مـن الحكـم الـذاتي. وقـد رفـض المغـرب هـذه الخطـة.

الجدار الرملي وتندوف

خلافاً لما يعتقد البعض بشأن حدود الجدار الدفاعي المغربي الممتد على مسافة 2729 كلـم، أوضح المعهد الملكي، في تقريره، أنه “لا يعتبـر هـذا الجـدار في أي حـال مـن الأحوال جـزء مـن حـدود المغرب. هـذه الأخيرة هـي الحـدود الموجودة شرق الجـدار مـع الجزائـر”.

والجدار الرملي هو حاجز قامـت القــوات المســلحة الملكيــة بتشييده بـيـن 1980 و1987. وقــد ســمح الجــدار للمغــرب بإحكام سيطرته عـلـى الأوضــاع العسـكرية الميدانية وتأميـن وحـدة أراضيـه غـرب الجـدار.

وحول مخيمات تندوف، أبرز التقرير أن الأمر يتعلق بخمسة مخيمات تم إنشاؤها انطلاقا من 1975-1976 في منطقة صحراوية قاحلة في الجنوب الغربي للجزائر في تخوم مدينة تندوف، هاجر وهُجر إليها قسرا مئات الصحراويين الذين أصبحوا محتجزين، ويعيش معظمهم في ظروف صعبة للغاية، كما تبقى حياتهم رهينة بالمساعدات الإنسانية الدولية.

وفقـا للاتفاقيات الدولية، ينبغـي أن تتحمل السلطات الجزائريـة مسـؤولية حمايـة هـؤلاء السـكان، لكـن في الواقــع، تتكلــف جبهــة البوليساريو بــإدارة هــذه المخيمات، وتــشرف كذلــك علــى إدارة العــدل فيهــا، وتمتلــك لهـذه الغايـة محاكـم وسـجونا.

وقال التقرير إن العـدد الحقيقـي لسـكان هـذه المخيمات غير معروف، لأن منظمـة الأمم المتحدة عجـزت عـن إحصائهم بسـبب رفـض الجزائــر إجـراء الإحصــاء الـذي دعــت إليــه المنظمــة مــرات عــدة. وتبقــى التقديرات بهذا الخصوص متضاربة.

وقدر عدد سكان هذه المخيمات، بناء على بيانات وفرتها جبهة البوليساريو، بـ 173.600 شخص بتاريخ 31 دجنبر 2017، 75 بالمائة منهم يعانون مــن الهشاشــة والضعف.

hespress.com