انطلقت المشاورات المتعلقة بتحديد المساهمة التي سيؤديها العاملون في القطاع الفني لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لقاء الاستفادة من الحماية الاجتماعية، التي تشمل في المرحلة الأولى التأمين الصحي الإجباري عن المرض تليها التعويضات العائلية والمعاش بحلول عام 2025.
وتنكب الهيئات التمثيلية للفنانين والمؤسسات السمعية البصرية ومؤسسة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومؤسسات التغطية الصحية المعنية بتنزيل مقتضيات قانون الفنان والمهن الفنية على بلورة تصوّر بشأن مساهمة الفنانين المتعلقة بالتأمين الصحي الإجباري والرعاية الاجتماعية.
وتعوّل الهيئات المهنية والنقابية على ورش الحماية الاجتماعية لوضع حد لسنوات طوال من معاناة عدد كبير من المشتغلين في الحقل الفني، والتي تصل أحيانا إلى اللجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي لاستجداء مساعدات المحسنين لتدبّر مصاريف العلاج أو التماس معونة اجتماعية.
بلورة تصوُّر شامل لكيفية اقتطاع مساهمات العاملين في القطاع الفني سيتم بعد تقديم الهيئات المهنية لمقترحاتها، بعد الاجتماع الذي عقدته مع وزير الثقافة الأسبوع الفارط، وهي مهمة ليست بالسهلة، نظرا لخصوصية العمل الفني والذي يتميز بعدم انتظام الدخل وعدم توقعه.
ويرى مسعود بوحسين، رئيس النقابة الوطنية لمهنيي الفنون الدرامية، أن دخْل العاملين في الميدان الفني يتسم بالشحِّ تارة والارتفاع تارة أخرى؛ وهو ما يحتّم، بحسبه، وضع آلية خاصة لاحتساب المساهمات تتماشى مع طبيعة المهنة وتراعي خصوصيتها، كما حددتها هيئات دولية مثل اليونسكو ومنظمة العمل الدولية.
وأضاف بوحسين أن التصور الذي تدعمه نقابته هو اعتبار مهنيي فنون العرض أجراء بعقود محدودة الأجل؛ وهو ما سيمكّن من اقتطاع مساهماتهم لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من الأصل، حيث سيتم الاقتطاع بمساهمة المشغّل.
وتتعلق مشاريع النصوص التطبيقية، التي عُرضت خلال اللقاء الذي جمع ممثلي الهيئات التمثيلية للفنانين مع وزير الثقافة، بعقد الشغل الفني الفردي والجماعي وتحديد الحد الأدنى للأجور.
وتهم مشاريع النصوص كذلك تحديد نسبة الاقتطاع من الأجر الفني للفنانين الأجانب غير المقيمين بالمغرب، والفنانين المغاربة الذين يشتغلون لحسابهم أو لحساب الغير بدخل إضافي والموجه لتمويل آلية التغطية الصحية التكميلية للفنانين وتقنيي وإداريي الأعمال الفنية، التي ستمكنهم من التغطية الصحية والرعاية الاجتماعية.
وربط مسعود بوحسين نجاح تمتيع الفنانين بالحماية الاجتماعية بتوفر الإرادة السياسية، معتبرا أن خصوصية القطاع الفني التي يطالبون بأخذها بعين الاعتبار “لا تعني أبدا الامتياز؛ لأن هذه الخصوصية معمول بها على الصعيد العالمي”، مضيفا أن الفنانين سيؤدّون مساهماتهم على غرار باقي مزاولي المهن الأخرى المعنيين بالاستفادة من الحماية الاجتماعية.
واعتبر المتحدث ذاته أن المشاكل الاجتماعية التي يعاني منها عدد من الفنانين ناجمة عن غياب معالجة قائمة على خصوصية الميدان الفني، داعيا إلى وضع نظام مغربي للحماية الاجتماعية مستمد من قانون الفنان والمهن الفنية.
وختم رئيس النقابة الوطنية لمهنيي الفنون الدرامية بالقول إن ورش الحماية الاجتماعية سيفتح آمالا كبيرة لحل مختلف المشاكل الاجتماعية التي يعاني منها الفنانون، مشددا على أن إنجاح هذا الورش يقتضي “الإيمان به، لأن الميدان الفني مجال اقتصادي واجتماعي كبير، يشغّل عددا كبيرا من المغاربة”.