في خضم استمرار المتابعات القضائية التي تلاحقهم من طرف شركات التأمين، قرر وسطاء ومستثمرو التأمين بالمغرب الانخراط في شكل احتجاجي جديد، يتمثل في رفع لافتات احتجاجية على واجهات مقاولاتهم ومكاتبهم، ابتداء من يوم غد الخميس.
الشكل الاحتجاجي الجديد لوسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب يأتي كخطوة “من أجل تعريف الرأي العام بمدى الظلم والحيف الممارس في حقهم”، كما جاء في بلاغ للجمعية الممثلة لهم، مبرزة أن هذه الفئة من المستثمرين “تعاني منذ مدة من إبادة اقتصادية ممنهجة تسلكها لوبيات شركات التأمين”.
وكانت جمعية وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب اجتمعت يوم 28 أبريل الماضي مع مسؤولي رئاسة النيابة العامة، حيث قدمت عرضا مفصّلا حول جوانب العلاقة التي تربط الوسطاء بشركات التأمين، وقدّمت نماذج لـ”الأساليب الاحتيالية والتزوير في المعطيات والمستندات التي يقدمها جل مسؤولي شركات التأمين أمام المحاكم”.
وأفاد يونس بوبكري، رئيس جمعية وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب، في تصريح لهسبريس، بأنّ من بين الخروقات التي تشوب المتابعات القضائية للوسطاء لجوء شركات التأمين إلى رفع الدعاوى ضدهم أمام المحاكم الابتدائية عوض المحاكم التجارية، كما ينص على ذلك القانون.
وأضاف المتحدث: “عرضنا على مسؤولي رئاسة النيابة العامة بشكل تفصيلي تزوير المعطيات التي تُقدم إلى القضاء من طرف شركات التأمين، أملا في إنصافنا، ما دامت هناك إرادة لدى رئاسة النيابة العامة في إعادة الثقة إلى السلطة القضائية”، مردفا: “نحن نتحدث بمعطيات دقيقة وأدلّة ولا نتحدث من فراغ”.
ويتمثل أُسّ النزاع القائم بين وسطاء ومستثمري التأمينات من جهة وشركات التأمين من جهة ثانية في “المتابعات القضائية الكيدية بخيانة الأمانة وتزوير الحقائق والوثائق من أجل ذلك، وكذلك خنق مقاولات الوساطة في التأمين عن طريق توقيف وسائل الإنتاج، العصب الحيوي لنشاطها”، حسب الجمعية الممثلة للطرف الأول.
وقال يونس بوبكري إن بعض شركات التأمين لا تلجأ فقط إلى رفع دعاوى قضائية ضدّ الوسطاء أمام المحاكم الابتدائية، بل ترفع دعاوى مزدوجة أمام المحاكم الابتدائية والتجارية في الآن نفسه، مُوردا نموذج شركة للتأمين رفعت دعويْين أمام القضاء الجنحي والتجاري، تطالب في كل واحدة منهما بتعويض مالي بقيمة 250 مليون سنتيم.
ونبهت جمعية وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب إلى أنّ استمرار شركات التأمين في “تغليط القضاء”، واللجوء إلى القضاء الجنحي عوض القضاء التجاري المتخصص في النزاعات التجارية، سيُفقد ثقة المستثمرين في المؤسسات القضائية بالمملكة، “خصوصا مع ارتفاع الشكايات الكيدية التي تخص تلفيق تهمة خيانة الأمانة وبشكل جماعي في السنوات الأخيرة”.
وعرَض ممثلو الجمعية أمام مسؤولي النيابة العامة عددا من القضايا التي زجّت بوسطاء التأمين في السجون، بسبب “الشكايات الكيدية المتعلقة بخيانة الأمانة”، ومنها ما وصفوها بـ”فضيحة” مسؤولي شركة ‘آليانز’ الألمانية للتأمين وإعادة التأمين، “التي مازال صاحب مقاولة شريكة لها بمدينة مراكش يتابع في حالة اعتقال، بسبب متابعته بوثائق ومعطيات مزورة، تؤكدها الإقرارات القضائية للشركة ذاتها أمام المحكمة التجارية بالدار البيضاء”.
وطلب ممثلو جمعية وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب من مسؤولي النيابة العامة عرض ملف تزوير المعطيات التي تقدمها شركات التأمين للقضاء على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، “لخطورة الجرائم المرتكبة وطنيا وما سببته من أضرار لقطاع بأكمله، وضياع حقوق آلاف العائلات وتشريدها، وهو ما يشكل تهديدا حقيقيا لحريات المستثمرين وممتلكاتهم في القطاع وللأمن الاقتصادي والاجتماعي لهاته الفئة”.
وفي هذا السياق قالت الجمعية المذكورة إن شركات التأمين تلجأ إلى منافسة الوسطاء “بطرق لا أخلاقية ومنافية لمبادئ المنافسة الحرة والشريفة، وبالتالي تجفيف مواردهم المالية للإجهاز على استمرارهم ووجودهم”؛ بينما قال يونس بوبكري: “الشركات تقوم بتصفية الوسطاء عبر ترهيبهم لتستولي على السوق”.