قال منير البيوسفي، المدير العام لوكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال، إن “مشروع القانون المتعلق بالاستعمالات المشروعة لنبتة القنب الهندي، والذي تمت بلورته انسجاما مع الالتزامات الدولية للمملكة المغربية، يروم تنظيم الاستعمال المشروع للنبتة لأغراض طبية وتجميلية وصناعية، ويقصد بالصناعة هنا صناعة حبال السفن أو الورق أو الكلأ بالنسبة للحيوانات”.

وأوضح المتحدث ذاته، في حوار له مع وكالة المغرب العربي للأبناء، أنه “بعد سحب الأمم المتحدة للقنب الهندي من قائمة المخدرات الخطيرة، أصبحت الفرصة متاحة للمغرب من أجل تقنين زراعة واستعمال القنب الهندي بطريقة معقلنة وصحية تتيح تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة المعروفة تاريخيا بهذه الزراعة بالمغرب، أي منطقة الريف بشكل خاص وشمال المغرب بصفة عامة”.

وأشار البيوسفي إلى أن “الفرصة متاحة للمغرب الآن لولوج السوق العالمية، والعمل على ضمان موقع إستراتيجي له ضمن سوق منتجات القنب الهندي المشروعة، علما أن البلدان المجاورة التي لديها نفس البيئة والمناخ ستسارع بدورها للانخراط في هذه الزراعة لصناعة منتجات طبية وصيدلية وتجميلية مشتقة من القنب الهندي”، مشددا على أن “السوق العالمية للمنتجات الطبية للقنب الهندي تسجل نموا بنسبة 30 في المائة سنويا، وهو معدل نمو يتيح العديد من الفرص بالنسبة للمغرب وللمزارعين بشكل خاص”.

وأضاف المسؤول ذاته أن “مشروع القانون، الذي يأتي في سياق التغيرات الدولية في هذا المجال، يروم أولا مساعدة مزارعي القنب الهندي على ممارسة هذه الزراعة بشكل قانوني وعلني، وتنظيم هذا النشاط سيساعد المزارعين أيضا على ممارسة باقي الأنشطة المدرة للدخل كالسياحة أو المنتجات المجالية أو الصناعة التقليدية. من وجهة نظري، مشروع القانون يعتبر بديلا معقولا وجيدا للوضع الراهن السائد في المنطقة”.

“المهم في مشروع القانون هو أنه يطرح أمامنا خيارين لا غير”، يضيف البيوسفي، “اغتنام هذه الفرصة والمضي قدما في التقنين، أو بقاء الوضع كما هو عليه، أي بقاء المزارعين عرضة للمتابعة والسجن والمشاكل الاجتماعية والعنف والخوف وعدم الاستقرار وغياب الاطمئنان الأسري، أضف إلى ذلك شبح الفقر الذي يواجهه المزارعون الآن بسبب تراجع مداخيلهم من الزراعات غير القانونية للقنب الهندي”.

وشدد المدير العام لوكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال على أن “الانتقال من الوضع الراهن إلى وضع التقنين لن يكون في رمشة عين؛ لكن هذا الانتقال التدريجي سيتطلب انخراط المزارعين ومساهمتهم في إنجاحه، وتنظيمهم في تعاونيات سيتيح لهم التوفر على قدرة تفاوضية مع الشركات التي سيعهد لها باقتناء إنتاج الزراعات القانونية للقنب الهندي”.

وذكر المتحدث ذاته أنه لمشروع القانون حول الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي ثلاثة أهداف أو أبعاد مهمة وإستراتيجية، أولها اجتماعي، إذ إنه سيمكن سكان المنطقة، وخاصة الفلاحين والمزارعين، من الانخراط في نشاط زراعي معقلن وقانوني وفي ظروف جيدة، بعيدا عن الخوف والسرية، هو مشروع قانون سيمكن من تحقيق السلم والاستقرار الاجتماعي.

وأوضح أن الهدف الثاني اقتصادي، ويتمثل في تحسين دخل الفلاحين ومستوى معيشة السكان مقارنة بما عليه الوضع الآن؛ فمشروع القانون وإن كان ينص على أن يزرع كل فلاح ثلث أراضيه فقط لأغراض مشروعة، فإن العائدات المرتقبة، حسب الدراسات التي نتوفر عليها، ستكون مضاعفة مقارنة مع الزراعات غير القانونية.

أما الهدف الثالث، فيشير البيوسفي إلى أنه بيئي، حيث تساهم الزراعة الحالية في تفقير التربة بسبب الاستعمال المكثف للأسمدة، كما تهلك الفرشة المائية بسبب الاستغلال المفرط للماء، إلى جانب اندثار الغابة، حيث نفقد سنويا حوالي ألف هكتار من الغطاء الغابوي منذ سنة 1975، وتنظيم زراعة القنب الهندي سيساهم بالتأكيد في الحد من هذه الاختلالات.

وقال المسؤول إن تفعيل قانون الاستعمال المشروع لزراعة القنب الهندي سيواكب ببرنامج تنموي مندمج، ووكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال، التي تتوفر على خبرة في المجال التنموي تفوق 25 سنة، منكبة على إعداده في الوقت الراهن، وسيتضمن محاور عديدة تصب جميعا في العمل على تنمية المراكز الصاعدة وتحويلها إلى مدن صغيرة وبلديات توجد في قلب الجماعات الترابية القروية المعنية.

ويروم البرنامج التنموي المندمج، بحسب منير البيوسفي، تمدين المراكز الصاعدة بالجماعات المعنية بهذه الزراعة؛ وذلك لتمكين ساكنتها من الاستفادة من الخدمات، سواء العمومية أو الخصوصية، المتاحة بالمدن، كالتعليم والصحة والبريد والبنوك والتأمينات وباقي الخدمات، فيما تروم هذه الخدمات تحسين مستوى عيش سكان هذه المناطق.

وأوضح المدير العام لوكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال أن “هذا البرنامج التنموي، الذي سيهم 98 جماعة ترابية تنتمي إلا الأقاليم المعنية بزراعة القنب الهندي والتي يفوق تعداد سكانها مجتمعة مليون نسمة، يقوم على ثلاث ركائز أساسية تتمثل في الركيزة الاجتماعية والركيزة الاقتصادية والركيزة البيئية”.

hespress.com