قال فتح الله ولعلو، الأستاذ الجامعي وزير المالية الأسبق، إن ترسيم اللغة الأمازيغية في دستور 2011 كان مسألة إيجابية، مبرزا أن هذا الترسيم شيء أساسي، لأن فيه إغناء للهوية الوطنية وتقوية للكيان.
وفي المقابل، حذر ولعلو، في ندوة رقمية نظمتها جمعية رباط الفتح حول موضوع “اللغة العربية والعلم”، من دعوات إحلال الدارجة مكان العربية الفصحى في المدرسة، قائلا: “هذا خطر وتراجع فكري”، وعلل موقفه بكون الدارجة غير قادرة على التنظير وأن تكون مَرجعا كاللغة العربية الفصيحة.
واعتبر ولعلو أن هناك علاقة جدلية بين قوّة أي لغة وبين قوة الكيان (الدولة) الذي يحملها، ضاربا المثل باللغة الإنجليزية التي اكتسبت قوتها من قوة الولايات المتحدة الأمريكية، واللغة الصينية التي يتوسع نطاق استعمالها بفضل الصعود الهائل للصين التي تتبوأ حاليا الرتبة الثانية في قائمة أقوى اقتصادات العالم وتطمح إلى أن تكون الأولى خلال العشرية المقبلة.
وأبرز المتحدث أن اللغة العربية كانت قوية إبان فترات تاريخية سابقة، وكانت لها قوة إشعاع وعطاء خلال حكم المسلمين للأندلس، لكون الكيان الذي كان يحملها آنذاك كان قويا، مشيرا إلى أن الذي حدث بعد ذلك هو أن أوروبا بدأت الإصلاح الديني والثقافي، ثم جاءت الثورة الصناعية، وهو ما جعل اللغات الأوروبية تغزو العالم.
واعتبر وزير المالية الأسبق أن اللغة العربية “لغة قوية ومنيعة، لأنها لغة دين وحضارة، واستمدت قوتها تاريخيا من قدرتها على الأخذ والعطاء”، مشيرا في هذا السياق إلى أن اللغات اللاتينية، مثل الإسبانية والفرنسية والبرتغالية، “تتضمن ما لا يُتصور من كلمات من أصل عربي، وهذا يعني أنّ العربية لها قدرة على تطعيم لغات أخرى”.
وأوضح المتحدث أن النقاش حاليا ينبغي أن يتجاوز سؤال “هل اللغة العربية قادرة على مسايرة العصر؟”، إلى مناقشة “واقع العرب، لأن واقع الكيان هو الذي يحدد قوة اللغة”، مضيفا أن “اللغة الصينية بدأت تفرض وجودها لأن الكيان الصيني قوي، بعدما تحولت الصين من دولة متخلفة إلى ثاني قوة اقتصادية في العالم”.
وعرّج ولعلو على “واقع العرب” قائلا إن الصدمة النفطية عام 1976، التي غيّرت العلاقة بين الشمال والجنوب، “كانت للأسف نقمة، لأنها أفرزت التيارات التراجعية، ونمّت أنظمة الحزب الوحيد وأنظمة العسكر كما هو حال جيراننا (في إشارة إلى الجزائر) وفي بلدان أخرى، وأدت إلى انتشار اقتصاد الريع”.
من جهة ثانية، دعا وزير المالية الأسبق إلى استثمار اعتراف دستور المملكة بمختلف المكونات المشكّلة للهوية المغربية، من أجل تقوية “تمغربيت”، قائلا: “نحن جزء من العالم لكننا مغاربة، وعلينا أن نقوي تمغربيت دفاعا عن كياننا”، لافتا إلى أن “الكيانات المشكّلة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعيش لحظة ضعف يتطلب تجاوزها إصلاحا سياسيا واقتصاديا وثقافيا”، على حد تعبيره.