لقد مني السيد أحمد ويحمان وجماعته بفشل ذريع خلال حملته التي أرادها أن تكون على مزاجه، كي يستقطب أو على الأقل أن يكون لها صدى لدى شريحة معينة من الرأي العام المغربي في مسألة معارضة استئناف العلاقات الرسمية مع دولة إسرائيل. بعد هذا الإخفاق في خلق رأي عام، استعان الرجل كعادته بالخارج لخلق جبهة تتصدى لاختيارات المغرب في علاقاته الخارجية إن على المستوى الإقليمي أو الدولي، الأمر الذي بات واضحا بالملموس، كما كنا نؤكد على ذلك من قبل، بأن أجندة الرجل بات من المؤكد أنها غير مغربية.

ونحن لا نفتري على أحد ولا نفتعل وقائع كما هو دأبهم في اتهام شرفاء هذا الوطن، بل سندنا في ما نقول مرده إلى كون السيد ويحمان كشف من دون أن يرف له جفن عن مخططه القاضي بتأسيس ما سماه “بالهيئة العليا لتنسيقية مناهضة الصهيونية ومقاومة التطبيع”.

وما يدل على أن هذا التوجه كيدي بامتياز والمقصود منه بالدرجة الأولى المغرب، هو اختيار دولة لها علاقات مميزة مع إسرائيل وهي تركيا كمقر لهذه الهيئة وبالتحديد في مدينة إسطنبول. فهذا يتناقض مع المبدأ الذي يدعون إليه والمتمثل في مناهضة التطبيع. والحال عندهم كأن تركيا مستثناة من هذه الحملة على الرغم من ما لها من اتفاقيات متعددة مع الكيان الإسرائيلي، وبالرغم كذلك من كون العلم الإسرائيلي يعلو الفضاء التركي كما هو الحال عليه مقر تلك الهيئة المزعومة.

بل أكثر من ذلك، أريد للسيد أحمد ويحمان كونه مغربيا أن يكون منسقا للهيئة. فيما وقع الاختيار على الإماراتي السيد أحمد النعيمي أن يكون هو الآخر نائبا له في تلك الهيئة، وهو أمين عام الرابطة الإماراتية لمقاومة التطبيع. ووفق بيان تلاه السيد ويحمان ضمت هذه الهيئة في عضويتها ناشطين من المغرب والجزائر وفلسطين ولبنان والسنغال وتونس وسوريا وغانا والامارات والبحرين وماليزيا والعراق وكوت ديفوار والكويت وموريتانيا والسودان واندونيسيا وليبيا والأردن.

لكن ما يشد الانتباه إلى هذه القائمة وهي أنها خلت تماما من أي عضو تركي أو هكذا أريد لها أن تكون. والسؤال المطروح لماذا؟ الجواب عن ذلك ولا وجود لغيره وهو أن تركيا منسجمة مع سياستها وبالتالي إن خلت القائمة من أي ناشط تركي، فالأمر يفسر على أن أنقرة ترفض أية عضوية من هذا القبيل لكي لا يرقى الشك إلى خطها الرسمي الذي ارتضته أن يكون وفيا للإبقاء على العلاقات مع إسرائيل.

كما أن السيد ويحمان لم يخطر بباله أن يسأل نفسه عن سر هذا الغياب التركي عن تلك القائمة، وفي الوقت نفسه لم يخطر بباله كذلك أن يسأل نفسه حينما وقع عليه الاختيار كمغربي وعلى السيد النعيمي كإماراتي ليترأسا هذه الهيئة.

ونكاد أن نجزم أن تلك التعيينات لم تكن وليدة الصدفة بل كانت من ورائها أياد تركية من خلف الستار لغاية في نفس أنقرة بوصلتها موجهة إلى المغرب والإمارات. ثم أن هذا الرجل لماذا يبلع لسانه في مناهضة التطبيع حينما يتعلق الأمر بتركيا. وكيف سخر لكي يكون في واجهة هذا المحور ضد بلاده.

يبدو أنه لا يريد أن يطرح كل هذه الأسئلة على نفسه ما دام أنه يجد ذاته في طروحات أخرى ويرفض الاصطفاف إلى كل ما يخدم مصالح وطنه. ومن هنا يتضح أن سياسة الكيل بالمكيالين تعني في ما تعنيه وجود مصلحة في مكان ما لويحمان وأتباعه، وإلا كيف يمكن للقلم أن يرفع عن تركيا أردوغان. ونقول لهم في هذا الشأن إذا كان لهم من الأصل مبدأ، كما يزعمون، فيجب استحضاره في جميع الحالات بعيدا عن كل فكر انتقائي.

وفي باب الخيانة ما يفيد أن الآفة تمكنت من أن تنال من أصحابها إلى حدود لم يعد هناك أمام الخارجين عن القانون وعن الإجماع الوطني ما يوقظ فيهم صحوة الضمير لاعتبارات شخصية تضع كل الاعتبارات الوطنية في مهب الرياح. التمرد على خيارات الوطن أمام العلن باتت حالة نفسية مرضية بدليل أن ناشطين من هذا الطينة يفضلون التميز في الشر والأذى نتيجة عدم القدرة على إيجاد موطئ قدم في مسار سياسي وطني.

والأخطر من ذلك أن هؤلاء يحاولون أن يتقمصوا أدوارا أكبر من حجمهم لإخفاء مخططاتهم المناوئة وذلك بالانتقال إلى مربع آخر يتم فيه توزيع اتهامات رخيصة ومكشوفة لا تستقيم على حجة ولا على سند. من ذلك أن السيد ويحمان ونائبه في المرصد المدعو عزيز هناوي ينصبان نفسيهما فوق الأجهزة الأمنية بامتلاكهما لمعلومات أمنية خطيرة لم تتوصل إليها الدولة من قبيل تواطؤ أمازيغ على أمن واستقرار هذا الوطن. وكأننا دولة في قلب دولة. بينما الأمازيغ تاريخيا وحاضرا هم حماة هذا الوطن وهم أكثر وطنية وأشد إيمانا بقضايا وطنهم.

ومن القصص الغريبة التي تفتقت عليها قريحة أصحابنا أنهم في تلك الاتهامات يعتمدون على ما يوحي لهم خيالهم من أوهام. فالسيد أحمد ويحمان على سبيل المثال يدعي في صفحته بـ”فيسبوك” أنه يملك ما يثبت أن صاحب هذا المقال متورط في التجسس لصالح إسرائيل بناء على صورة لنا من الصور مع اليهود المغاربة. وقد نسي أو تناسى أن وجودنا في إسرائيل كان بقرار رسمي من الدولة ونعتز بذلك أيما اعتزاز.

وإذا كانت الصورة التي نشرها في صفحته لا تشكل مادة دسمة لاتهاماته الرخيصة، فإننا نحيله على صور أخرى تذكارية حرصنا على نشرها في مجلة “زمان” وهي تؤرخ لنشاطنا الرسمي في إسرائيل وليس تآمرا على الوطن كما يريد أن يسوق للرأي العام. وننصحه أن يستأنس بها ما إذا كان ذلك قد يشبع رغباته. وكما أنه من جانبنا لا نستحيي من الموقع الذي نحن فيه لكي ندافع عن وطننا في علاقاته مع دول على شرط أن يحقق التعاون معها مصلحة البلاد. على خلاف ما يجنح إليه العارفون بأسرار خطيرة من تغليب قضايا الغير على حساب قضيتنا الوطنية.

hespress.com