استقرت اصطفافات تأييد ومعارضة نموذج التنمية الجديد على نفس مواقع الفاعلين التقليديين، دون جديد، فأمام تريث أحزاب مشاركة في العملية السياسية، تبدي التنظيمات المقاطعة تشاؤمها من قدرة التقرير على الدفع بالمغرب نحو الأمام.
واحتفظت التنظيمات اليسارية بمواقف متشنجة من اللجنة ومخرجاتها، متهمة إياها بإغفال إشراك فاعلين أساسيين في التشاور، ثم عدم التطرق الكافي للمسألة السياسية وتصفية الأجواء بين الجميع.
ومن شأن هذه المواقف إعادة إفراز المشهد السياسي نفسه، باحتفاظ النهج الديمقراطي وجماعة العدل والإحسان وبعض أطياف الحركة الأمازيغية بموقف صدي عن المبادرة، وبقاء التنظيمات الأخرى نفسها على مستوى “التفاعل الاعتيادي”.
وكانت لجنة النموذج التنموي أعلنت في وقت سابق أن مسلسل المشاورات الموسعة الذي أطلقته منذ شهر دجنبر 2019 شارف على الانتهاء، وأنها دخلت مرحلة إعداد التقرير التركيبي لرفعه إلى الملك بداية شهر يناير 2021، لكنه تأخر إلى غاية يوم أمس الثلاثاء.
المسارات نفسها
مصطفى البراهمة، الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي، أورد أن تنظيمه قاطع لجنة النموذج التنموي، مشيرا إلى أن التعامل الجدي مع القضايا المصيرية من قبل الدستور والاقتصاد وغيرها يتطلب المشاركة الشعبية.
وانتقد البراهمة، في تصريح لجريدة هسبريس، إقصاء فئات وشرائح واسعة لصالح نخب منتقاة من السلطة، متوقعا أن تنتج لجنة النموذج التنموي المسارات نفسها، وأن تدور في فلك الدولة.
وأشار المتحدث إلى استحالة إنتاج اللجنة مضامين لصالح المواطنين، وفق تعبيره، مسجلا أن رئيس اللجنة شكيب بنموسى وقع في أخطاء عديدة، الظاهر منها تسليمه خلاصة النموذج للسفيرة الفرنسية (بنموسى نفى الأمر).
واعتبر القيادي اليساري أن النموذج التنموي الحقيقي ليس أوراقا، بل موجود على أرض الواقع، وتبرزه بشكل جلي “الدولة البوليسية”، بقمع مختلف الاحتجاجات السلمية.
تصفية الأجواء
علي بوطوالة، الكاتب العام لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، سجل أن التقرير يشبه ما ورد في الخمسينية، من ناحية دراسته الوضع المغربي الراهن، ووضع التوجهات الإستراتيجية، لكن العبرة الحقيقية هي مدى التطبيق والتنزيل.
وأضاف بوطوالة، في تصريح لجريدة هسبريس، أنه على مستوى تشخيص المشاكل هناك مجهود، مثمنا أي مبادرة للخروج بالمغرب من الوضع الحالي، الذي عمقته تداعيات تفشي فيروس كورونا كثيرا.
وأوضح السياسي اليساري المغربي أن المدخل الحقيقي لأي إصلاح بالمغرب هو السياسة والدستور، مطالبا بالعمل على تصفية الأجواء، وزاد: “غياب هذا المعطى سيحد كثيرا من نجاعة النموذج ومن عمق الإصلاح”.