تفاعلٌ ملحوظ للأحزاب السياسية المغربية مع المستجدات الدبلوماسية، ضمنها الأزمة الأخيرة مع المملكة الإيبيرية بعد استقبالها زعيم جبهة “البوليساريو”، يسلط الضوء من جديد على واقع الدبلوماسية الحزبية التي تطالها الكثير من الانتقادات التي تصب في اتجاه ضعف المقاربة الاستباقية في ما يتعلق بالملفات السياسية الخارجية.

وعقدت العديد من التنظيمات الحزبية المغربية، في اليومين الماضيين، لقاءات ثنائية مع نظيرتها الإسبانية لتدارس حيثيات الخلاف الدبلوماسي، بالإضافة إلى مراسلة تنظيمات أخرى الهيئات الإسبانية للتنديد بالخطوة الأحادية المتخذة من طرف مدريد دون إخطار الرباط بفحوى الاستقبال.

ومع ذلك فإن الدبلوماسية الحزبية حيال القضايا الوطنية، حسَب متابعين للشأن السياسي، تظل غير منتجة، لأنها لا تستبق القرارات الرسمية، إذ تكتفي بإصدار بيانات إيجابية أو سلبية بخصوص ما يقع في الساحة في أغلب الأحايين، فيما يمكنها استغلال الروابط المرجعية والشخصية التي تجمعها بالقيادات الحزبية الأجنبية للدفاع عن قضايا البلاد.

وأكد محمد شقير، الباحث في العلوم السياسية، أن “الدبلوماسية الحزبية تبقى محدودة في المغرب بسبب عوامل عديدة، أبرزها أن مجال السياسة الخارجية محفوظ للملك، بالإضافة إلى مجالات الأمن والدفاع، وهو ما جعل وزارة الشؤون الخارجية تصنف ضمن وزارات السيادة التي لا يتم إسنادها إلى القيادات الحزبية، لأنها تفشل في تأدية الرهانات المطلوبة منها”.

وأبرز شقير، ضمن إفادته، أن “بنية الأحزاب كذلك محدودة على مستوى العمل الدبلوماسي، إذ لا تخصص أي تنظيمات موازية تعنى بمجال السياسة الخارجية، ذلك أنها لا تتوفر على خلايا تفكير أو معاهد تابعة لها تتكلف بصياغة توجهات السياسة الخارجية”.

وأوضح الباحث السياسي أن “الأحزاب تكون جوقة تابعة للقرار الدبلوماسي المتخذ على مستوى المؤسسة الملكية، عوض تفعيل المقاربة الاستباقية المطلوبة”، ثم زاد شارحا أن “الأحزاب تنتمي إلى تكتلات دولية يمكن استغلالها للدفاع عن القضايا الوطنية، بما فيها قضية الصحراء، بالموازاة مع العلاقات الثنائية التي تربطها بأحزاب أجنبية”.

وذكر المتحدث ذاته أن “الفرق البرلمانية يمكنها أيضا الاضطلاع بأدوار أساسية في ما يتعلق بالأزمات الدبلوماسية، عبر المشاركة في التظاهرات الدولية واستضافة الأحزاب في مؤتمراتها العامة”، ليردف بأن على الأحزاب “خلق المناخ العام لصناعة القرار الدبلوماسي، اعتبارا لأدوارها الديناميكية المتحررة من البرتوكولات الرسمية”.

hespress.com