20 فبراير و"الخدعة الكبرى"...
صورة: أ.ف.ب


سعيد ابن عائشة


الثلاثاء 23 فبراير 2021 – 08:40

كانوا شبابا في عمر الزهور عندما انطلت عليهم الحيلة فقرروا نقل تجربة “الخريف” إلى المغرب، بعد أن توهموا أن الأمر يتعلق بنسمات الربيع في ذلك الشتاء البارد، الذي ارتفعت فيه درجة حرارة الاحتجاجات إلى مستوى غير مسبوق، وتعززت قوة الشارع بوافدين جدد، لم يكن لهم أي وجود في الساحة السياسية من قبل.. ولكن الطامة الكبرى تراوحت بين غرور الشباب ومكر الشيوخ، الذين كان بينهم من يخفي وراء ظهره خنجر “الانقلاب المدني”.

كان الشباب مندفعين بأقصى سرعة، وكان الشيوخ انتهازيين إلى أقصى درجة، فكانت الفكرة الشابة تصطدم بوصاية شيوخ بعضهم تعود على المتاجرة في السياسة وبعضهم تعود على المتاجرة في الدين، وكلاهما كان مستعدا لتقديم “قرابين” للمرحلة، ولولا لطف الأقدار لكانت الخسائر فادحة، لاسيما بعدما اعتقد بعض الانتهازيين أن الوقت حان لإحراق الوطن.

الذين يعرفون 20 فبراير يعرفون بالتأكيد الحركة التي قضت على آمال كل الانتهازيين، وهي الحركة الصامتة لـ”9 مارس” التي أطلقها الملك محمد السادس، من خلال خطاب استباقي دشن عهدا جديدا من الإصلاحات. وقتها قال الملك محمد السادس لشعبه: “إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب”، فكان الدستور الجديد، وكانت هذه المجموعة الجديدة من رؤساء الجهات الذين تم التعويل عليهم للشروع في تنزيل مشروع الجهوية المتقدمة، بالإضافة إلى توسيع صلاحيات الوزير الأول ليصبح رئيسا للحكومة؛ ولكن السياسيين خذلوا تطلعات الملك والشعب، وربما حان الوقت لنعلنها صراحة، إذ نجح السياسيون في قطف ثمار 20 في فبراير، ولكنهم فشلوا في ضرب موعد مع التاريخ.

تحل ذكرى 20 فبراير في أجواء باردة وباهتة، وقد نجح المغاربة في تجاوز إحدى أكبر الصعوبات التي واجهت وطنهم في القرن العشرين، كما يتجاوزون اليوم بثبات عقبة جائحة كورونا؛ ولكن الأسف الذي يحدو الجميع بالتأكيد هو عدم وصول حركة 20 فبراير إلى البرلمان، ويا لها من مفارقة ألا يكون هناك أي صدى للصوت القوي لحركة 20 فبراير داخل أكبر مؤسسة تشريعية.

جل الأحزاب المغربية سرقت حقها وحق غيرها من ثمار 20 فبراير، إما عن طريق المشاركة، أو عن طريق المقاطعة، وجل الذين برعوا في التحدث باسم الحركة أخذوا نصيبهم من الكعكة، وحدهم الذين آمنوا بالمشروع مازالوا على طريق الحلم، ويعرفون تفاصيل أكبر عملية سرقة سياسية لمشروع حركة كان بإمكانه أن يضخ الأنفاس اللازمة في حياة المؤسسات الوطنية.

نحن اليوم في فبراير، لكن شباب حركة 20 فبراير بدؤوا يتجاوزون مرحلة الشباب، إلا أن لعبة الانتهازية متواصلة، إذ تتواصل محاولة إقصاء الشباب باسم الشباب من المشاركة السياسية، بحشرهم في الزاوية الضيقة لـ”الكوطا”، حيث يصبح الريع السياسي جريمة سياسية تهدد مستقبل وطن بكامله، لأن عمق رسالة 20 فبراير لم يفهمه السياسيون، المؤتمنون على التنزيل السليم لمقتضيات الدستور في ما يتعلق بالمبادئ السليمة للعبة الديمقراطية والمشاركة السياسية.

20 فبراير الاحتجاجات جائحة كورونا

hespress.com