يشكل يوم الموسيقى العربية، الذي يحتفل به في 28 مارس من كل عام، مناسبة لتسليط الضوء على الموسيقى بالوطن العربي والاهتمام بها ثقافيا وتربويا واجتماعيا، والتفكير في واقعها وآفاق مسار الممارسة الفنية.

وجرى إقرار الاحتفاء بيوم الموسيقى العربية إثر موافقة مجلس جامعة الدول العربية، على مستواه الوزاري في دورته العادية بتاريخ 6 مارس 2019، وذلك بموجب قراره الصادر تحت رقم 8372؛ وهو التاريخ الذي شهد سنة 1932 انعقاد أول مؤتمر للموسيقى العربية، والذي استضافته العاصمة المصرية (القاهرة).

ويأتي الاحتفال بيوم الموسيقى العربية بمبادرة من المجمع العربي للموسيقى، التابع لجامعة الدول العربية، بهدف إبقاء النوعية الرفيعة من هذه الموسيقى حية في ذاكرة الأجيال الشابة. كما تبرز في هذا اليوم ضرورة تعزيز الترسانة القانونية بما يحمي حقوق الموسيقيين والمؤلفين، ويوفر بيئة مهنية تسمح بالنهوض بالعمل الموسيقي بشكل عام.

ويشكل يوم الموسيقى العربية، كذلك، مناسبة لرصد واقع وأحوال الموسيقى العربية بمختلف تلاوينها وآفاق تطورها ومسارها، وللتأمل في الحركية الموسيقية في مختلف البلدان العربية ومنجزاتها ومآلاتها ونواقصها.

وكانت مذكرة المجمع العربي للموسيقى أكدت، في هذا الصدد، أن الاحتفال بهذا اليوم، بما يليق به من فعاليات، ليدعو إلى توجيه عناية المراجع المعنية في الدول العربية، وخاصة وزارات التربية والثقافة والإعلام والسياحة ورعاية الناشئة والشباب وغيرها من مؤسسات القطاعين العام والخاص، إلى التشجيع على إقامة الأنشطة المتنوعة في مجال الموسيقى العربية، و”بما يعتبر وقفة تعزز هوية المواطن العربي وتجعله أكثر قربا من موسيقاه، ومفاخرا بالثقافة التي ينتمي إليها ويتحدر منها”.

وفي هذا الصدد، قال الباحث المغربي في المجال الموسيقي، عبد العزيز بن عبد الجليل، عضو المجمع العربي للموسيقى ونائب رئيسته، إن الاحتفال بيوم الموسيقى العربية هو مناسبة لترسيخ الوعي بأهمية التراث الموسيقي المغربي المتنوع والحافل، والذي يضرب في العمق التاريخي البعيد، وكذا مناسبة للعمل على نشر الثقافة الموسيقية البناءة والهادفة لتحفيز ذوي الكفاءات من الدارسين والباحثين، لا سيما على مستوى البحث الجامعي، لإنجاز دراسات موسيقية تعرف بالتراث الموسيقي المغربي، الشفوي منه والمخطوط.

وأضاف بن عبد الجليل، في تصريح صحافي، أنه تم تحديد يوم 28 مارس لأنه يصادف تاريخ افتتاح المؤتمر الأول للموسيقى العربية الذي انعقد بالقاهرة سنة 1932، وحضره ثلة من كبار علماء الموسيقى في العالم، ممن سحرتهم الموسيقى العربية وتراثها الغني والمتنوع، إلى جانب أبرز الموسيقيين في العالم العربي، مذكرا بأنه جرى، طيلة أيام انعقاد المؤتمر، التباحث في موضوع الموسيقى العربية، والتوقف عند تاريخها ونظرياتها ومصطلحاتها ورصيدها ومقاماتها وإيقاعاتها.

وذكر بن عبد الجليل بأنه كان للمغرب حضور قوي في مؤتمر القاهرة عام 1932، وذلك من خلال فرقة موسيقية ضمت كبار شيوخ الطرب الأندلسي يومئذ (عمر الجعايدي بصفته الرئيس الفني للجوق، محمد المطيري، عثمان التازي، محمد دادي، عبد السلام بن يوسف، محمد الدكالي الملقب بـ”احبيبي امبيركو” ومحمد اشويكة).

وقال المتحدث إن الاحتفال بيوم الموسيقى العربية بالمغرب “مناسبة لتوجيه عناية القطاعات المعنية بالثقافة الموسيقية، العامة منها والخاصة، إلى التشجيع على إقامة الأنشطة في مجالات الموسيقى المغربية، بما يعزز هوية المواطن، ويجعله شديد القرب من تراثه قوي الاعتزاز به”.

وأشار بن عبد الجليل إلى أن البرنامج المغربي للاحتفال باليوم العالمي للموسيقى العربية برسم 2021 سطرته جمعيات تعنى بهذا المجال، يشمل عقد ندوات علمية وتنظيم عروض موسيقية متنوعة.

وأوضح أنه ستتم في الإطار الاستفادة مما توفره وسائل التواصل الاجتماعي من إمكانات ومنصات للترويج لهذا اليوم وإقامة فعالياته، ومن وسائل الإعلام لجذب انتباه الجمهور إلى هذا اليوم وأهميته، وتخصيص فقرات وندوات ولقاءات وأمسيات إذاعية وتلفزيونية تعرف به وتروج له، علاوة على تنظيم معارض خاصة بالموسيقى العربية التقليدية والشعبية (آلات، تسجيلات، مخطوطات، محفوظات، منشورات، مطبوعات، ملصقات، لوحات، رسوم وصور…).

ومن بين الفعاليات التي ستنظم بالمغرب ندوة ثقافية عن بعد لجمعية بعث الموسيقى الأندلسية بفاس، يوم 30 مارس، حول تقييم تجربة المخيم العربي الذي نظمته الجمعية بتعاون مع المجمع العربي للموسيقى خلال شهر مارس 2015 بالموازاة مع مهرجان فاس للموسيقى الأندلسية المغربية، ستعرف مداخلات لعدد من الأساتذة المشاركين في هذا المخيم، وبث تسجيل الحفل الختامي للمخيم والمهرجان الذي أحياه جوق الشباب العربي للموسيقى الأندلسية المغربية.

من جهتها، تنظم مؤسسة تراث المدينة (فاس)، يوم غد السبت، ندوة علمية تتخللها فقرات موسيقية، حول موضوع “مؤتمر الموسيقى العربية الثاني .. فاس 1969”. وستنظم جمعية “روافد موسيقية” من طنجة، بتنسيق مع جمعية تخت التراث بفرنسا، يوم 28 مارس، ندوة تحت عنوان “بعث آلة عود الرمل في المغرب”، بمشاركة العديد من الأساتذة من المغرب وفرنسا.

من جهتها، تنظم جمعية هواة الموسيقى الأندلسية بالمغرب عدة أنشطة بهذه المناسبة الفنية، من بينها ورشة تلقين الموسيقى الغرناطية الأندلسية، بتأطير من أساتذة متخصصين، مع مشاركة المجموعة الصوتية لكورال “دار الآلة”، وزيارة افتراضية لمتحف “دار الآلة” بالدار البيضاء، وندوة في موضوع “دور الجمعيات في تلقين الموسيقى الأندلسية والتعريف بها والمحافظة عليها”، وتقديم كتب في هذا المجال، لتتوج كل هذه الأنشطة الثقافية والفنية بحفل موسيقي أندلسي تحييه مجموعة “دار الآلة”.

وتشارك جمعية نهضة الموسيقى الأندلسية بمكناس، في الفعاليات المخلدة ليوم الموسيقى العربية، بشراكة مع الجمعية الإسماعيلية الكبرى، بتنظيم ندوة علمية بعد غد الأحد في موضوع “التجديد في الموسيقى العربية”، وحفل موسيقي يحييه جوق النهضة للموسيقى الأندلسية بمكناس.

وتشارك جمعية “نغم”، بدورها، بمجموعة من الأغاني من أداء كورال نغم للبوليفوني؛ فيما ينظم مركز تطاون أسمير للدراسات الموسيقية والمحافظة على التراث الموسيقي، على صفحته الرسمية على موقع “فيسبوك” بعد غد الأحد، ندوة علمية تحت عنوان “تجديد مفاهيم الموسيقى الأندلسية في ضوء الأبحاث والمناهج العلمية الحديثة”.

hespress.com