كثفت نظام العسكر بالجزائر الملاحقات القضائية ضد المقربين من الناشطة أميرة بوراوي في إجراءات وصفت بالتعسفية، بزعم تورطهم في مساعدتها على الخروج غير القانوني من الجزائر إلى تونس ثم فرنسا رغم صدور قرار بمنعها من السفر على خلفية حكم يقضي بسجنها سنتين بتهمة ازدراء النبي والإساءة إلى رئيس الجمهورية.
وأمرت محكمة جزائرية بوضع الصحافي مصطفى بن جامع في الحبس الموقت في القضية التي تسبب في أزمة جديدة بين الجزائر وباريس.
وعبّرت منظمة مراسلون بلا حدود في تغريدة لها، عن إدانتها لاعتقال الصحافي مصطفى بن جامع واستنكرت ما وصفته بالأساليب القمعية المتكررة ضد الصحافيين، ودعت السلطات الجزائرية إلى الإفراج الفوري عنه.
كذلك أمرت محكمة قسنطينة في شرق الجزائر، مساء أمس الأحد، بوضع خديجة بوراوي والدة الناشطة الحاملة للجنسيتين الفرنسية والجزائرية “تحت الرقابة القضائية” بمعنى الإفراج عنها مع بقائها تحت تصرف القضاء، بحسب ما ذكرت اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين.
وكان الدرك الجزائري أوقف قبل أسبوع خديجة بوراوي (71 عاما)، في مسكنها بالعاصمة الجزائرية للتحقيق معها في قضية ابنتها، ثم قام بتحويلها إلى عنابة بشرق البلاد حيث جرى التحقيق أيضا مع الصحافي مصطفى بن جامع رئيس تحرير جريدة “لوبروفنسيال” الموقوف منذ 8 فبراير.
وتم حجز هاتف بن جامع وجهاز الإعلام الخاص به للقيام بعملية تفتيش تقني بحثاً عن أدلة بزعم تورّطه في مساعدة الناشطة بوراوي في الخروج غير القانوني من الجزائر إلى تونس. وذلك على الرغم من نفي بوراوي أيّة صلة له بخروجها من البلاد.
وكانت بوراوي نشرت محادثات مع بن جامع عبر تطبيق واتساب بعد وصولها إلى تونس يوم الاثنين الماضي، وتضمنت ترتيب لقاء بينهما في عنابة، ما يدلّ على أنّها لم تكشف لبن جامع عن مغادرتها البلاد.
ويشتبه في أن أميرة بوراوي استعملت جواز السفر الخاص بوالدتها في العبور من المركز الحدودي “أم الطبول” الفاصل بين الجزائر وتونس، دون أن ينتبه لذلك أعوان الأمن، وهو ما استدعى التحقيق مع والدتها، بينما أُطلق سراح شقيقتها التي كانت قد اعتقلت في الساعات الأولى لتفجر القضية.
وأضافت اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين، وهي منظمة حقوقية، أن التحقيق جار أيضا مع رؤوف فراح الباحث في الشؤون الأمنية الذي أوقف الثلاثاء.
وخلّف اعتقال فرح، الكثير من الجدل، حيث أصدرت المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، بيانا تعتبر فيه أن اعتقال رؤوف فرح هو تعسفي بطبيعته وليس له أساس قانوني.
وأبرزت أن “فرح بسبب رحلاته العائلية المعتادة بين تونس العاصمة، المدينة التي يقيم فيها لأسباب مهنية، وعنابة مسقط رأسه، يجد نفسه اليوم ضحية جانبية لقضية لا علاقة له بها”.
وكان فرح يحضّر لإصدار كتاب أشرف عليه مع فريق بحث حول الرهانات المستقبلية للجزائر ومنطقة الساحل. وذكرت دار النشر “كوكو” المصدرة للكتاب، أن هذا المرجع سيكون متاحا في المكتبات رغم اعتقال صاحبه.
وتأتي هذه التطورات القضائية، في سياق الأبعاد الكبيرة التي أخذتها عملية إجلاء الناشطة أميرة بوراوي إلى فرنسا بعد خروجها من التراب الجزائري بطريقة غير شرعية عبر الحدود مع تونس.
ولم يصدر أي بلاغ رسمي من القضاء أو الدرك الوطني عن مجريات التحقيق في خروج أميرة بوراوي من الجزائر.
ورغم منعها من مغادرة الأراضي الجزائرية، تمكنت الناشطة الفرنسية الجزائرية من ركوب طائرة متجهة من تونس إلى فرنسا مساء الاثنين.
وبعد توقيفها وإطلاق سراحها ثم توقيفها مرة أخرى لدى الشرطة التونسية، تلقت بوراوي حماية قنصلية فرنسية.
وأثار ذلك غضب الجزائر، وقرر الرئيس عبدالمجيد تبون الأربعاء استدعاء سفير بلاده لدى فرنسا “للتشاور” عقب ما وصفه بـ”عملية الإجلاء السرية” للناشطة والصحافية أميرة بوراوي من تونس إلى فرنسا.
وقبل ذلك أعربت الخارجية الجزائرية في مذكرة رسمية للسفارة الفرنسية عن “إدانة الجزائر الشديدة لانتهاك السيادة الوطنية من قبل موظفين دبلوماسيين وقنصليين وأمنيين تابعين للدولة الفرنسية”.
وتلاحق النظام العسكري الجزائري اتهامات حقوقية دولية بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان على خلفية حملة قمع قاسية واعتقالات تعسفية طالت العشرات من المعارضين ونشطاء الحراك الشعبي ولم تستثن إعلاميين حيث زج بالعديد منهم في السجون وصدر بحق بعضهم أحكام، بينما تنتظر آخرين محاكمات يشكك معارضون في نزاهتها.