هبة بريس _ صحف

نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا للصحفي سيمون كوبر، قال فيه إن أشرف حكيمي، الظهير الأيمن في المنتخب المغربي المثير الذي قبل والدته المحجبة في المدرجات بعد الفوز على كندا، ولد ونشأ في ضواحي مدريد الجنوبية الفقيرة. واعتاد المدافع رومان سايس، ابن لأم فرنسية وأب مغربي، غسل الأطباق في مطعم والده في جنوب فرنسا. وتعلم نجم المغرب، حكيم زياش، كرة القدم في بلدة جديدة على أرض مستصلحة في هولندا.

في نهائيات كأس العالم في قطر، البلد الذي يشكل فيه المهاجرون 90% من السكان، كل الحدود غير واضحة، والمثال الأخير المغرب، الفريق الذي واجه إسبانيا، وهو آخر فريق أفريقي في المسابقة، والفريق العربي الأخير، مدعومين بملاعب مليئة بالمشجعين من جميع أنحاء العالم العربي، الذين يطلقون صافرات كلما تجرأ خصوم المغرب على شن هجوم.

والمغرب (الذي فاز بضربات الجزاء 3-0) فريق من أوروبا الغربية، حيث إن 14 من أصل 26 لاعبا ولدوا خارج البلاد، وهي أعلى نسبة لأي فريق في مونديال قطر. ويمزج أسود الأطلس بين أفضل ما في كرة القدم العربية وأفضل ما في اللعبة الأوروبية.

يبلغ عدد سكان المغرب 37 مليون نسمة، لكن فريق كرة القدم يعتمد على المغتربين الأقوياء، حيث تتفوق أوروبا الغربية على شمال أفريقيا فيما يتعلق بمرافق تدريب الشباب والرعاية الصحية والتغذية واللعب. وهكذا، لطالما كان لأسود الأطلس أبطال مهاجرون؛ اكتشف مدير سابق للمنتخب المغربي اللاعب المغربي الذي نشأ في فرنسا مصطفى حاجي، نجم كأس العالم 1998، من خلال القراءة عنه في مجلة France Football.

في عام 2014، استهدف الاتحاد المغربي لكرة القدم المغتربين الأوروبيين بحملة بعنوان “إعادة المواهب التي تنتمي إلى التراب”. في بعض الأحيان كانت تُعرض حوافز، كما كتب المؤرخ الهولندي غيجسبيرت أونك: فاستمال الاتحاد اللاعب الهولندي المغربي محمد إهاتارين من خلال دفع ثمن جنازة والده، “بما في ذلك إعادة جثمانه إلى المغرب”.

لكن حملة المغرب وجدت أيضا صدى عاطفيا في الشتات. تمكنت الفرق الأفريقية الأخرى -مثل الجزائر والسنغال- بشكل عام من تجنيد لاعبين مولودين في الخارج لم يكونوا جيدين بما يكفي للعب مع بلدهم الأوروبي. ولكن كان أداء المغرب أفضل. قبل زياش استدعاءه للمنتخب الهولندي في عام 2015، ثم غادر المعسكر واختار المغرب بشكل غير متوقع. لو اختار بشكل مختلف، لكان بالتأكيد يرتدي اللون البرتقالي في قطر، فالفريق الهولندي يفتقر إلى محرك اللعب مثله. ربما تدفع العنصرية الأوروبية -حتى المغاربة المولودون في هولندا والذين يطلق عليهم عادة marokkanen- بعض اللاعبين للعب مع بلد آبائهم الأصلي.

قدم مدرب المنتخب المغربي السابق وحيد خليلودزيتش مقامرة غريبة بمحاربة أفضل لاعب له، قائلا: “أنا لا أختار لاعبا يمكنه أن يزعزع توازن المجموعة”، وبعد إقالته، استدعى خليفته الفرنسي المغربي وليد الركراكي، الذي قضى طفولته الصيفية في زيارة عائلته في المغرب، نجمه على الفور.

وبمنحه دورا إبداعيا في الخارج على اليمين، يبدو أن زياش يحب اللعب لهذا الفريق. إنه زواج سعيد من تقاليد المراوغة في شمال أفريقيا وكرة القدم الجماعية الأوروبية: يمكنه التغلب على المدافعين، والتمرير لمسافة 40 ياردة عبر الملعب، وضرب الكرة لتسقط بالضبط عند العمود البعيد للهدف، لكنه أيضا يسحب جسده النحيل إلى الخلف للدفاع، وهو يلهث من الإنهاك أحيانا. لقد جعله فريق المغرب المجازف المختص، ما سمح له بلعب لعبته الطبيعية: إنه يحاول اتخاذ إجراء حاسم في كل مرة تقريبا يحصل فيها على الكرة.

على الجهة اليمنى للمغرب، انطلق حكيمي إلى الأمام لينضم إلى زياش حتى عندما كان الفريق متشبثا بتصدره 2-1 ضد كندا. بينما أعطى خليلودزيتش الأولوية للدفاع الباهت، هذا الفريق ينضح بالمتعة. وعندما يكون التنظيم الدفاعي مطلوبا، يتولى لاعب الوسط سفيان أمرابط، خريج فرق الشباب الهولندية، المسؤولية.

لا أحد يهتم بأن بعض اللاعبين يتحدثون لغة عربية مهتزة. فاز المغرب في مباراتين في كأس العالم الأسبوع الماضي، وبعد فوزهم على بلجيكا، اندلعت أعمال شغب صغيرة في المدن البلجيكية والهولندية، لكن الغالبية العظمى من المغتربين يستمتعون بسلام، ويتجمعون أمام أجهزة التلفزيون الخاصة بهم من مدريد إلى فرانكفورت، مسقط رأس لاعب خط الوسط عبد الحميد الصبيري.

ما رأيك؟

المجموع 0 آراء

0

0

هل أعجبك الموضوع !

hespress.com