كشفت نتائج استطلاع للآراء أجري مؤخرا أن ثمة قلقا متصاعدا يساور سكان العالم من ظاهرة تغير المناخ.
ولكن المشاركين في الاستطلاع عبروا عن وجهات نظر متفاوتة إلى حد كبير إزاء الخطوات العاجلة التي ينبغي اتخاذها للتعامل مع المشكلة.
فقد عبرت أغلبيات كبيرة في الدول الفقيرة عن موافقتها التامة على ضرورة التعامل مع مشكلة تغير المناخ بالنشاط نفسه الذي تعامل العالم به مع أزمة انتشار وباء فيروس كورونا.
ولكن مستوى التأييد لاتخاذ خطوات حاسمة للتعامل مع المشكلة في الدول الأكثر غنى كان أقل بكثير.
في غضون ذلك، حذّر ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز من أن أزمة المناخ “ستقزّم” تأثيرات فيروس كورونا.
وكشفت نتائج الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة (غلوبسكان – Globescan) عن أدلة جديدة تشير إلى أن سكان الكرة الأرضية ما زالوا يشعرون بقلق بالغ إزاء ظاهرة تغيّر المناخ رغم وباء كورونا وتأثيراته الاقتصادية الفادحة.
ففي الدول الـ 27 التي شملها الاستطلاع، قال 90 في المئة من المشاركين إنهم ينظرون إلى ظاهرة تغيّر المناخ على أنها مشكلة خطيرة جدا أو خطيرة إلى حد ما.
وتعززت هذه النظرة في السنوات القليلة الماضية.
وقد تصاعد إلى حد كبير القلق والشعور بضرورة اتخاذ خطوات حاسمة وسريعة للتعامل مع مشكلة المناخ لدى المشاركين في الاستطلاع في كندا وفرنسا والهند وكينيا ونيجيريا والولايات المتحدة.
ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، ازدادت نسبة الذين ينظرون إلى أزمة المناخ على أنها خطيرة جدا أو خطيرة من 60 في المئة في عام 2014 إلى 81 في المئة في يونيو/ حزيران الماضي عندما أجري الاستطلاع، وذلك رغم تشكيك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وجود أزمة أصلا.
وفي الفترة نفسها، ازدادت المخاوف من تغيّر المناخ في الهند من 70 في المئة إلى 93 في المئة من الذين استطلعت آراؤهم.
ويقول أريك وان، الخبير لدى غلوبسكان، إن أزمة فيروس كورونا زادت من شعور الناس بالتهديد الذي يشكله ارتفاع درجات الحرارة.
وقال الخبير لبي بي سي “هذه السنة هي سنة ضعف ووهن وهي في الوقت نفسه سنة استشرى فيها عدم المساواة، ولذا يشعر الأكثر تعرضا لهذه العوامل بأكبر قدر من الجدية في ضرورة التعامل السريع مع مشكلة المناخ”.
ولكن الفروق في وجهات النظر بين سكان الدول الغنية والدول الأقل غنى بدأت بالظهور عندما سئل المشاركون في الاستطلاع عما إذا كان ينبغي على حكوماتهم التعامل مع مشكلة تغيّر المناخ بالجدية نفسها التي تعاملت بها مع أزمة فيروس كورونا.
ففي كل من اليابان والسويد وأستراليا والولايات المتحدة وبريطانيا، كانت نسبة الذين عبروا عن موافقتهم القوية على أن تتخذ إجراءات حاسمة وسريعة للتصدي لظاهرة تغيّر المناخ أقل من 45 في المئة.
أما في كل من كينيا والمكسيك والأرجنتين وتركيا ونيجيريا، فقد تجاوزت هذه النسبة 70 في المئة.
وكذلك، عندما سئل المشاركون عمّن يعتقدون أنهم سيكونون الأكثر تأثرا بظاهرة تغيّر المناخ، رد أكثر من 60 في المئة من المشاركين في البرازيل وكينيا وتركيا ونيجيريا وجنوب أفريقيا بقوة بأن الفقراء هم الذين سيتحملون وزر الظاهرة الأكبر.
ولكن في اليابان والولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها، لم يشعر إلا أقل من 40 في المئة من المشاركين في الاستطلاع بأن عبء المشكلة الرئيسي سيقع على كاهل فقراء العالم.
وربما يكون أحد الأسباب الرئيسية لهذا التباين التجارب الشخصية للمشاركين في ما يتعلق بتغيّر المناخ.
ففي بريطانيا مثلا، لم يقل إلا 13 في المئة من المشاركين إنهم تأثروا بشكل شخصي بارتفاع درجات الحرارة، مقارنة بـ 34 في المئة قالوا إنهم تأثروا شخصيا بوباء فيروس كورونا.
وكشفت نتائج الاستطلاع وجود تباينات مماثلة في الدول الأكثر غنى مثل السويد والولايات المتحدة واليابان.
ولكن أكثر من 50 في المئة من المشاركين في المكسيك وتركيا وفيتنام قالوا إنهم تأثروا بظاهرة تغيّر المناخ بشكل شخصي.
وقال خبير الاستطلاعات أريك وان “يتبادر إلى ذهني إعصار كاترينا، الذي شكّل علامة فاصلة في العقدين اللذين قضيناهما في تتبع توجهات الرأي العام في ما يتعلق بالتغيّر المناخي”.
ومضى وان للقول “حينذاك، تعرّض النظام إلى هزة قوية، وتغيرت وجهات النظر إلى حد كبير وذلك عندما بدأ الناس يشعرون تدريجيا بأن المشكلة حقيقية وأنها من صنع البشر وبأننا معرضون لعواقبها ولسنا محصنين ضدها”.
وشمل الاستطلاع الذي أجري عبر الإنترنت ألف مشارك بالغ في كل من البلدان الـ 27 التي أجري فيها.
ونشرت نتائج الاستطلاع بالتزامن مع انطلاق قمة “أسبوع المناخ 2020” في نيويورك، التي من المتوقع أن تكون أكبر قمة تناقش قضية التغيّر المناخي هذه السنة، والتي تنظم بالتنسيق مع منظمة الأمم المتحدة.