قبل 2 دقيقة
قال مشرف محتوى باللغة الفارسية على تطبيق إنستغرام ومدير محتوى سابق إن مسؤولين بالمخابرات الإيرانية عرضوا عليهما أموالا مقابل حذف حسابات صحفيين وناشطين.
وقال مدير المحتوى السابق لبي بي سي: “عُرض عليّ ما يتراوح بين 5000 و10000 يورو لحذف أحد الحسابات. لقد كانوا يسعون بشكل خاص إلى حذف حساب مسيح علي نجاد”.
ومسيح علي نجاح هي كاتبة وناشطة أمريكية من أصول إيرانية. وقالت وزارة العدل الأمريكية العام الماضي إن مسؤولين إيرانيين سعوا لاستدراج الصحفية المقيمة في نيويورك إلى دولة ثالثة لاختطافها.
كما اتهم المشرفان على المحتوى بعض الزملاء الإيرانيين بإظهار “تحيز مؤيد للنظام” عند مراجعة المواد المنشورة على المنصة.
وتحدثا إلى بي بي سي بعد أن اشتكى العديد من مستخدمي إنستغرام الإيرانيين من حذف المنشورات المتعلقة بالاحتجاجات الأخيرة المناهضة للحكومة في بلادهم. وقالت شركة “ميتا بلاتفورمز” المالكة لإنستغرام، والشركة الخارجية التي تستخدمها للإشراف على المحتوى، إنه لا توجد صحة لهذه الادعاءات.
واندلعت الاحتجاجات في عدة مقاطعات في وقت سابق من هذا الشهر بعد أن خفضت الحكومة الإيرانية دعمها للمواد الغذائية الأساسية، وهو ما تسبب في ارتفاع الأسعار.
وسرعان ما اتخذت الاضطرابات طابعا سياسيا، إذ ردد المتظاهرون شعارات ضد المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي والرئيس إبراهيم رئيسي.
وقمعت قوات الأمن الاحتجاجات بعنف. وأفادت أنباء غير مؤكدة بأن خمسة أشخاص على الأقل قتلوا.
ولم تحظ الاحتجاجات بتغطية تذكر في وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية، وهو ما يعني أن الإيرانيين اضطروا إلى الاعتماد على إنستغرام ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى لمعرفة ما كان يحدث على الأرض. ومع استمرار الاضطرابات، لاحظ المستخدمون حذف بعض مقاطع الفيديو بعد نشرها على إنستغرام.
وكان أحد الذين اشتكوا من هذا الأمر حساب 1500tasvir (“1500 صورة”)، وهو حساب شهير يديره نشطاء معارضون، والذي نشر يوم الخميس تغريده قال فيها إن تطبيق إنستغرام أبلغه بأن حسابه قد أصبح مقيدا من أجل “حماية مجتمعنا”.
ووصف حساب 1500tasvir هذه الخطوة بأنها “لا تُصدق”، وحذر من أن هذه هي الطريقة الوحيدة التي يُمكن للإيرانيين من خلالها التواصل مع العالم، وخاصة أولئك الذين يعيشون في البلدات والقرى الصغيرة.
وزعم الحساب أن “إنستغرام يعمل لصالح الديكتاتور في إيران”.
قيد التحقيق
وقال مدير المحتوى السابق لبي بي سي إنه “يعرف شخصيا بعض المراجعين الذين دعموا النظام الإيراني وتلقوا تعليمات من إيران”.
وكان الرجل – الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته، مثل الوسيط الحالي – يعمل في شركة “تيلوس إنترناشيونال”، وهي شركة تابعة لجهة خارجية مسؤولة عن التعامل مع التقارير والشكاوى الواردة من مستخدمي إنستغرام وفيسبوك.
وقال “يمكن للمراجع بشكل مستقل أن يحذف منشور جرى الإبلاغ عنه من دون مواجهة أية عواقب وخيمة”.
وأضاف: “إذا أدرك المدقق حدوث ذلك، فأقصى ما يمكنه القيام به هو تخفيض تقييمك الخاص بنسبة نقطة مئوية أو نقطتين”.
وقالت شركة “تيلوس إنترناشيونال”، التي يُقيم مشرفوها على المحتوى الصادر باللغة الفارسية في ألمانيا، لبي بي سي إنها تعتقد أن هذه المزاعم كاذبة، لكنها تعاملت معها على محمل الجد وبدأت تحقيقا في الأمر.
وقالت الشركة في بيان إنها “ليس لديها، ولم يكن لديها في أي يوم من الأيام، أي علاقات مع الحكومة الإيرانية”.
وأضافت أن “العمليات المطبقة تحد من قدرة المراجعين على إدخال آرائهم الشخصية أو السياسية في وظائفهم”.
وتابعت: “يراجع أعضاء فريقنا مجموعة عشوائية من المحتوى لتحديد ما إذا كان ينتهك سياسات ومعايير وإرشادات عملائنا، وهو الأمر الذي لا يدع أي مجال للآراء الشخصية”.
وقالت الشركة: “تُراجع هذه القرارات بشكل متكرر للتأكد من دقتها ولكشف أي تحيزات محتملة. أُجريت مراجعات إضافية، ولم نعثر على صحة لهذه الادعاءات”.
وقالت “تيلوس إنترناشيونال” إن جميع الوسطاء الذين وظفتهم الشركة قد خضعوا لعملية فحص شاملة تضمنت فحصا لخلفيتهم للتأكد من أنهم مؤهلون للقيام بهذا الدور.
وقال متحدث باسم “ميتا بلاتفورمز” لبي بي سي: “لا نرى أي دليل يدعم هذه الادعاءات. فرق المراجعة لدينا تزيل المحتوى الذي يخالف قواعدنا”.
وأضاف: “يجري تفصيل هذه القواعد بشكل متعمد لتجنب أي مجال للتحيز أو التأويل، ويجري تدقيق قرارات المراجعين بانتظام للمساعدة في ضمان الدقة”.
ومع ذلك، زعم مشرفو المحتوى الحاليون والسابقون الذين تحدثوا إلى بي بي سي أن حوالي 10 في المئة فقط من قراراتهم خضعت للتدقيق.
وقالت شركة ميتا إن عمليات التدقيق تجري بشكل أسبوعي وتستند إلى عينة عشوائية من أجل الحفاظ على الجودة والدقة، ولفهم مكان ارتكاب الأخطاء. وأضافت أنه تم تخصيص الأدوار والمهام بشكل عشوائي، بحيث لا يمكن لأي مشرف أن يضمن أنه سيراجع جزءا معينا من المحتوى.
وقالت الشركة إن عمليات التدقيق ساعدتها في تحديد الأخطاء حتى تتمكن من اتخاذ إجراءات لعلاجها. وقالت أيضا إن عمليات التدقيق الأخيرة للمنسقين الناطقين بالفارسية في ألمانيا “أظهرت مستويات عالية من الدقة وتتوافق مع نتائجنا عبر مواقع المراجعة الأخرى واللغات الأخرى”.
وقالت شركة “تيلوس إنترناشيونال” إن بعض مشرفيها اتُهموا على وسائل التواصل الاجتماعي بالعمل لصالح الحكومة الإيرانية وبتعمد إزالة محتوى من على تطبيق إنستغرام للتأثير على الرأي العام. وترى الشركة أن الاتهامات باطلة وأنها تخاطر بتعريض سلامة المشرفين للخطر.
وقال مدير ثالث سابق لبي بي سي إن الإيرانيين العاملين في شركة “تيلوس إنترناشيونال”، وكثير منهم طلاب، هم “أشخاص محترمون يتبعون إرشادات الشركة”.
وقال الثلاثة أشخاص الذين أجرت معهم بي بي سي مقابلات إنه من المحتمل أن تكون بعض مقاطع الفيديو للاحتجاجات قد حُذفت لأنها تضمنت أشخاصا يهتفون “الموت لخامنئي”.
وقالت شركة ميتا في وقت سابق إن مبادئها التوجيهية بشأن التحريض على العنف تحظر الدعوات لقتل رؤساء الدول. ومع ذلك، ففي إيران، عادةً ما تُردد عبارة “الموت لـ …” خلال الاحتجاجات للتعبير عن عدم الرضا عن شيء ما أو شخص ما، بدلاً من التعبير عن تهديد حقيقي.
سابقة أوكرانيا
وثقت محساء المرداني، الباحثة في مجال حرية التعبير والوصول إلى المعلومات عبر الإنترنت في إيران في معهد أكسفورد للإنترنت، أكثر من 200 حالة لمنشورات حُذفت من على تطبيق إنستغرام خلال الاحتجاجات على قلة المياه التي اندلعت في محافظة خوزستان الإيرانية الجنوبية الغربية في يوليو/تموز 2021.
وقالت: “كانت هناك مشكلة واضحة تتمثل في نسب شعارات الاحتجاج التقليدية التي يتم استخدامها بشكل دائم خلال أي احتجاج في تاريخ إيران الذي يزيد عن 40 عامًا، مثل (الموت للديكتاتور) أو (الموت لخامنئي)، في ظل سياسات شركة ميتا المتعلقة بالعنف والتحريض”.
وذكرت قناة “فايس نيوز” في ذلك الوقت أنه في أعقاب شكاوى مماثلة من مستخدمين، قامت شركة ميتا بعمل استثناء مؤقت لمدة أسبوعين لسياساتها وسمحت للأشخاص بنشر عبارة “الموت لخامنئي” أو نشر مقطع فيديو لأشخاص يهتفون بهذه العبارة.
وقالت المرداني: “لم نعد نرى استثناءات تُطرح، ربما بسبب رد الفعل العنيف الذي تلقته الشركة بشأن استثناءات أوكرانيا التي تم الإعلان عنها بشكل جيد بعد الغزو الروسي”.
وفي مارس/آذار الماضي، حظرت هيئة الرقابة الإعلامية الحكومية في روسيا تطبيق إنستغرام بسبب “دعوات للعنف” ضد الجنود الروس.
وجاء القرار بعد أن قالت شركة ميتا إنها ستسمح مؤقتا لمستخدميها في بعض الدول بالدعوة إلى العنف ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والجنود الروس.
وكان مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من بين أولئك الذين أعربوا عن قلقهم بشأن هذه السياسة، محذرين من أنها تفتقر إلى الوضوح و”يمكن أن تسهم في خطاب الكراهية الموجه إلى الروس بشكل عام”.