- شيونا ماكالام وآشلي سوان
- مراسلتا شؤون التكنولوجيا
قبل 12 دقيقة
من الصعوبة بمكان ألا تشعر بنوع من الرهبة والدهشة حين تدخل حرم معامل إيرباص في تولوز في فرنسا.
إنه موقع ضخم ومكان عمل يتسع لنحو 28 ألف موظف، بالإضافة إلى مئات الزوار المتحمسين لرؤية الطائرات وهي في طور التصنيع.
طائرة الشحن الضخمة بيلوغا Beluga متوقفة على رصيف التحميل، وهي جاهزة لنقل المركبات والأقمار الصناعية في جميع أنحاء العالم.
بالقرب من المكان الذي نجري فيه المقابلات، توجد الحظيرة التي شهدت تطوير طائرة الركاب الشهيرة كونكورد التي تفوق سرعتها سرعة الصوت.
يعد هذا الموقع أيضا موطنا لكثير من الأبحاث وعمليات التطوير الخاصة بشركة إيرباص، بما في ذلك مشروع دراغونفلاي Dragonfly الذي تم الانتهاء منه مؤخرا – وهو عبارة عن تجارب تهدف لتعزيز وتطوير قدرة الطيار الآلي.
على مدار الخمسين عاما الماضية، أسهمت الأتمتة في مجال الطيران إلى تغيير دور الطيار، وقد بات الطيارون في يومنا هذا ينعمون بمساعدة التكنولوجيا في قمرة القيادة.
ويقوم مشروع دراغونفلاي Dragonfly ، الذي أجري على طائرة إيرباص A350-1000، بتوسيع نطاق استقلالية الطائرة إلى حدود أبعد مما هو متوفر حاليا بمراحل.
ركز المشروع على ثلاثة مجالات: الهبوط التلقائي المحسن، وتعزيز تحرك الطائرة على الأرض باستخدام دفعها الذاتي، والتحويل الآلي للمسار في حالات الطوارئ.
ربما يكون التحويل الآلي للمسار في حالات الطوارئ هو الأكثر دراماتيكية.
طمأننا مالكولم ريدلي، رئيس فريق التجارب للطائرات التجارية التابعة لشركة إيرباص، إلى أن خطر التورط في حادث جوي “ضئيل للغاية”.
لكن على الرغم من ذلك ينبغي أن تكون الطائرات والطاقم مستعدين لأي سيناريو، لذلك اختبر مشروع دراغونفلاي Dragonfly نظام هبوط الطوارئ التلقائي.
الفكرة هي أن هذه التكنولوجيا ستتولى زمام الأمور إذا احتاج الطيارون إلى التركيز على اتخاذ القرارات الصعبة أو في حالة إصابتهم بالتوتر والعجز عن التصرف.
ووفقا لهذه التكنولوجيا يمكن للطائرة النزول والهبوط تلقائيا، وأيضا رصد الطائرات الأخرى والطقس والتضاريس.
كما يسمح النظام للطائرة بالتحدث إلى مراقبة الحركة الجوية على الراديو بصوت اصطناعي تم إنشاؤه من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي.
يجب أن تقوم أنظمة الطائرة بالكثير.
كان أحد التحديات هو تعليم النظام كيفية فهم جميع المعلومات والخروج بحلول، كما يقول ميغيل مينديز دياس، مصمم عمليات الطوارئ الآلية.
“تحتاج الطائرة، من تلقاء نفسها، إلى استعادة جميع المعلومات. لذا فهي بحاجة إلى الاستماع إلى رسائل المطار القادمة من قسم مراقبة الحركة الجوية”.
وقال “بعد ذلك تحتاج إلى اختيار أنسب مطار للتحول إليه”.
أجرى مشروع دراغونفلاي Dragonfly عمليتي هبوط طارئ ناجحتين.
خلال الرحلات التجريبية، فهم مراقبو الحركة الجوية الفرنسيون الموقف تماما وهبطت الطائرة بأمان.
يقول مينديز: “لقد كان إنجازا رائعا حقا”.
لحسن الحظ، كانت جميع عمليات الهبوط تقريبا أقل دراماتيكية، كما فحص مشروع دراغونفلاي في النوع الاعتيادي لعمليات الهبوط.
تمتلك معظم المطارات الكبيرة تقنية ترشد الطائرة إلى المدرج، تسمى نهج الموضع.
ولكن ليس كل مطار في العالم لديه هذه التقنية، لذلك كانت شركة إيرباص تبحث عن طريقة مختلفة للهبوط.
استكشف مشروع دراغونفلاي Dragonfly استخدام مستشعرات مختلفة لمساعدة الطائرة على الهبوط الآلي.
وتضمنت استخدام مزيج من الكاميرات العادية وتقنية الأشعة تحت الحمراء والرادار.
جمع الفريق أيضا بيانات من جميع أنحاء العالم، بحيث يمكن نمذجة جميع أنواع الظروف الجوية.
بالإضافة إلى تزويد الطائرة بمزيد من المعلومات، فإن المستشعرات الإضافية تمنح الطيار مزيدا من الوضوح عند مراقبة الهبوط.
على سبيل المثال، تعد كاميرات الأشعة تحت الحمراء مفيدة في الظروف الجوية التي تكون فيها السماء ملبدة بالغيوم، فكلما اقتربت الطائرة من الأجسام الموجودة في السماء، أصبحت تلك الأجسام أكثر دفئا.
تقول نوريا توريس ماتابوك، مهندسة رؤية ومنظور الكومبيوتر في مشروع دراغونفلاي، إن التكنولوجيا “ستجعل الطيار مرتاحا لكونه يسير على الطريق الصحيح للتوجه إلى المدرج”.
كما أجرى مشروع دراغونفلاي أيضا دراسة وتجارب على تعزيز تحرك الطائرة على الأرض باستخدام دفعها الذاتي. وعلى الرغم من أن هذه قد تبدو مهمة بسيطة، إلا أنها قد تكون أصعب جزء من المشروع، خاصة في أكثر مطارات العالم ازدحاما.
في هذه الحالة، يكون الطيار مسيطرا على الطائرة.
زودت التكنولوجيا الطاقم بتنبيهات صوتية. لذلك عندما واجهت الطائرة عوائق أصدرت إنذارا. كما نصحت الطيارين بالسرعة وأوضحت لهم الطريق الذي ينبغي أن يسلكوه.
قال مالكولم ريدلي، رئيس فريق التجارب للطائرات التجارية التابعة لشركة إيرباص: “أردنا التوصل إلى ما من شأنه أن يساعد ويقلل من أعباء عمل الطيارين خلال مرحلة تحرك الطائرة على الأرض باستخدام دفعها الذاتي”.
لكن ما رأي الطيارين في مثل هذه التطورات؟ يبدو أن البعض لا يريد أن يصل استخدام التكنولوجيا إلى حدود بعيدة.
قال توني لوكاس، رئيس اتحاد الطيارين الأسترالي والدولي: “لا أعرف ما إذا كان أي طيار قد يكون راضيا أو مرتاحا لأن الكمبيوتر هو الحكم الوحيد لتحديد ما إذا كانت الرحلة قد هبطت بنجاح أم لا”.
بالإضافة إلى ذلك، فهو غير مقتنع بأن الطائرات ذاتية التحليق ستكون قادرة على التعامل مع السيناريوهات المعقدة المحتملة.
وقال من قاعدته في مطار سيدني “الأتمتة لا يمكن أن تحل محل اتخاذ القرار من قبل طيارين مدربين تدريبا جيدا ومتمكنين على متن الطائرة”.
استخدم لوكاس مثالا طائرتين من طراز بوينغ 737 ماكس، التي أدى النظام الآلي فيهما إلى وقوع حادثين مميتين في 2018 و 2019.
تسارع شركة إيرباص إلى الإشارة إلى أنه لن يتم إدخال المزيد من الأتمتة على أنظمتها إلا عندما يكون ذلك آمنا تماما، وأن الهدف ليس إخراج الطيارين من قمرة القيادة والاستغناء عنهم.
لكن هل يمكن أن تكون طائرات الركاب بدون طيار يوما ما؟
يقول ريدلي: “لن تُعتمد الطائرات المؤتمتة بالكامل إلا إذا اتضح أنها الطريقة الآمنة والناجعة تماما لحماية ركابنا وطاقمنا”.