اكتشاف عظيم سوف يساعدنا في علاج الاضطرابات العصبية.
المصدر: Dartmouth college.

ملخص: عقدة السعة (الحجم) الجزيئية، هي التي تنظم تدفق الإشارات الكهربائية في الدماغ، وتساهم في تعزيز قدرات التعلم والذاكرة وذلك وَفقًا لدراسةٍ جديدةٍ، إذ يمكن أن يساعد هذا الاكتشاف الباحثينَ في بحثهم عن تدبيرٍ للاضطرابات العصبية مثل الزهايمر وباركنسون والصرع.

أظهرت دراسة دارتموث أن التحكم بعقدة السعة الجزيئية التي تنظم الإشارات الكهربائية في الدماغ يعزز من قدرات التعلم والذاكرة لدى الفرد، فهو يتحكم بسعة نطاق تدفق الإشارات الكهربائية عبر المشابك التي بين الخلايا العصبية.

يساعِدُ اكتشافُ آليةِ التحكم وتحديد الجزيء الذي ينظمها الباحثينَ في بحثهم حول تدبير الاضطرابات العصبية بما في ذلك داء الزهايمر والصرع وباركنسون.

يصف البحث الذي نُشِر في (Proceedings Of the National Academy Of Science) الدراسةَ الأولى لكيفية مساهمة أنواع الإشارات الكهربائية في عمل نقاط التشابك العصبي.

قال مايكل هوبا (Michael Hoppa)، الأستاذُ المساعدُ في العلوم البيولوجية في دارتموث ومشرفُ البحثِ: “إن نقاط التشابك العصبي في دماغنا ديناميكية للغاية، وتتواصل فيما بينها بمجموعة من الهمسات والصيحات، هذا الاكتشاف يضعنا على طريق أكثر استقامةً نحو القدرة على علاج الاضطرابات العصبية المستعصية”.

تسمح نقاط التشابك العصبي (نقاط اتصال صغيرة في نهاية استطالات الخلايا العصبية) للخلايا العصبية في الدماغ بالتواصل فيما بينها عبر تردداتٍ مختلفة، إذ يحول الدماغ التنبيهات الكهربائية من الخلايا العصبية إلى ناقلاتٍ عصبيةٍ كيميائيةٍ تنتقل عبر هذه المساحات المشبكية.

تغيّر كمية الناقل العصبي المحرَّرة أعدادَ وأنماطَ الخلايا العصبية في دوائر الدماغ، إذ إنّ إعادة تشكيل قوة الاتصال المشبكي هي ذاتها آلية التعلم وآلية تشكيل الذكريات.

توجَدُ وظيفتانِ تدعمانِ عمليات الذاكرة والتعلم هذه، إحداهما معروفةٌ بالتعزيز، وهو سلسلةٌ من النتوءات السريعة المتزايدة التي تضخِّم الإشارات التي تغير شكل المشبك، أما الأخرى فهي آلية التثبيط الذي يقلل هذه الإشارات، تعمل هاتان الوظيفتان -بالتزامن معًا- على الحفاظ على توازن الدماغ ومنع حدوث الاضطرابات العصبية مثل النوبات.

قال هوبا: “بتقدمنا في العمر، من الضروري أن نكون قادرينَ على الحفاظ على نقاط التشابك العصبي القوية، فنحن بحاجةٍ إلى توازنٍ جيِّدٍ من المرونة في أدمغتنا، وكذلك إلى استقرار الاتصالات المشبكية”.

ركّز البحث على الحُصين، مركَزِ الدماغِ المسؤولِ عن التعلُّمِ والذاكرة.

وجد فريق البحث في دراستهم أن الموجات الكهربائية تنتقلُ إشاراتٍ تناظريةً، ويؤثر شكلها على حجم الناقل العصبي الكيميائي المتحرر عبر المشابك. تعمل هذه الآلية بشكلٍ مشابهٍ لخافت الإضاءة مع إعداداتٍ متغيِّرة.

اعتبرت دراساتٌ سابقةٌ أن التموجات تُنقل إشاراتٍ رقميةً، وبشكلٍ أقرب إلى مفتاح الإضاءة الذي يعمل فقط بوضعَي التشغيل والإيقاف.

قال إن ها تشو (In Ha Cho)، زميل ما بعد الدكتوراه في دارتموث والمؤلف الأول للدراسة: “إن اكتشاف كون هذه التموجات الكهربائية تناظريةً يعزِّز فَهمنا لآلية عمل الدماغ في تكوين الذاكرة والتعلم، إذ يوفّر استخدام الإشارات التناظرية مسارًا أسهل لتعديل قوة دوائر الدماغ”.

أجرى إيريك كاندل (Eric Kandel)، حائزُ جائزة نوبل، بحثًا في العلاقة بين التعلم والتغير في أشكال الإشارات الكهربائية في الرخويات البحرية عام 1970، ولم يعتقد أن هذه العملية تحدث في المشابك الأكثر تعقيدًا الموجودةِ في دماغ الثديَّات في ذلك الوقت.

إضافةً إلى اكتشاف أن الإشارات الكهربائية التي تتدفق عبر نقاط الاشتباك العصبي في الحُصين إشاراتٌ تناظريةٌ، حدّد بحث دارتموث أيضًا الجزيء الذي ينظم الإشارات الكهربائية.

عُرِف سابقًا الجزيء المسمى KVβ1 بدوره في تنظيم مسارات البوتاسيوم، ولكن لم يكن معروفًا أن له أي دور في المشبك الذي يتحكم في شكل الإشارات الكهربائية.

تساعد هذه النتائج في تفسير سبب تأثير فقدان جزيئات KVβ1 سلبًا على التعلم والذاكرة والنوم لدى ذبابة الفاكهة، كما يكشف البحث عن الآليات التي تمكن الدماغ من قيامه بعمليات حسابية سريعة في مثل هذه الطاقة المنخفضة.

يمكن أن يوصل التدفق الكهربائي التناظري المفرد معلوماتٍ متعددةً، فيسمح ذلك بتحكم أكبر بإشارات التردد المنخفض. يساعد هذا في فهمنا لكيفية قدرة عقولنا على العمل بمستويات أجهزة الكمبيوتر الخارقة بمعدل نبضات كهربائية أقل بكثير أي ما يعادل طاقة تشغيل مصباح الثلاجة.

وكلما ازدادت معرفتنا عن مستويات التحكم هذه، ازداد فهمنا لآلية عمل دماغنا بهذه الكفاءة.

قال هوبا: “بحث الباحثون على مدى عقود عن منظمات مرونة التشابك من خلال التركيز على الآلية الجزيئية لتحرر المواد الكيميائية. حتى الآن، من الصعب قياس النبضات الكهربائية بسبب صغر حجم نهايات الاستطالات العصبية”.

النتيجة التي وصل إليها هذا البحث الجديد كانت بفضل التطور التقني الموجود في دارتموث، والذي مكننا من قياس الجهد ومفرزات الناقل العصبي باستخدام الضوء لقياس الإشارات الكهربائية في الاتصالات المشبكية بين الخلايا العصبية في الدماغ.

سيسعى الفريق في أبحاثه القادمة إلى تحديد كيفية ارتباط هذه النتيجة بالتغيرات بالتمثيل الغذائي في الدماغ، والتي تحدث أثناء الشيخوخة وتسبب اضطرابات عصبية شائعة.

وفقًا لفريق البحث، يوجد هذا النظام الجزيئي في منطقة من الدماغ حيث يمكن استهدافها بسهولة بواسطة الأدوية، ويمكن أن تساعد في تطوير العلاجات الدوائية.


nasainarabic.net