حقوق الصورة: Shutterstock
بقلم سيمون دوبي Simon Dubé، مرشح لشهادة الدكتوراه في علم النفس في جامعة كونكورديا، وديف أنكتيلDave Anctil، باحث تابع للمرصد الدولي للآثار المجتمعية للذكاء الصناعي والرقمي (OBVIA) من جامعة لافال.
يستكشف فيلم A.I. Rising الصادر عام 2018 كيف يمكن للآلات تلبية الرغبات البشرية ودعمهم أثناء الرحلات الفضاية، قد يحمل ذلك مفتاح حل المشاكل المتعلقة باستكشاف الفضاء.
على الرغم من تدريبهم الصارم، يبقى رواد الفضاء بشراً ذوي احتياجات. ولكي ننجح في استكشاف الفضاء واستعماره، فنحن بحاجة إلى التغلب على هذه التابوهات والمحرمات، والاهتمام بالاحتياجات والرغبات البشرية، وتقديم حلول واقعية وقوية مبنية على العلم بدلاً من الأخلاق التقليدية.
هل يمكن للبشر أن يزدهروا لفترات طويلة في مجموعات صغيرة وفي بيئات مغلقة ومعزولة؟ هل يمكن للبشر مواجهة الإمكانيات المحدودة للعلاقات الحميمة والجنس؟ قد تحمل تكنولوجيا الجنس الجواب على ذلك.
بصفتنا باحثين يستكشفون التفاعلات الجنسية بين الإنسان والآلة، نحن مهتمون بآثارها وتطبيقاتها المحتملة على رفاهية الإنسان – حتى خارج كوكبنا.
الجنس في الفضاء
يُعد استكشاف الفضاء واستعماره من أعظم مساعي البشرية، ولكنه يأتي مع تحديات عديدة. أحدها هو جعل رحلة الفضاء متوافقة مع طبيعة الإنسان البشرية، أي من الناحية البدنية والنفسية. بما أن العلاقات الحميمة والجنس هي من الاحتياجات الأساسية للبشر، فهي قضية مركزية للتوفيق بين الإنسان والفضاء.
كيف سيمارس البشر الجنس في الفضاء؟ هل يمكننا التكاثر ونشر نوعنا خارج الأرض؟ كيف ستبدو العلاقات الحميمة على متن سفن الفضاء والمستوطنات الفضائية؟
حتى الآن، نفت وكالة ناسا ووكالات الفضاء الأخرى حدوث أي نشاط جنسي على الإطلاق خلال المهمات الفضائية. فلم يجري ممارسة الجنس في الفضاء، أو أن لا أحد يتحدث عنه. مع ذلك، تثير المهمات البشرية الطويلة والوشيكة إلى القمر والمريخ مخاوف بشأن مستقبل العلاقات الجنسية في الفضاء.
إحدى المشاكل المهمة هي أن استكشاف واستعمار الفضاء سيحُد من فرص البشر في إقامة العلاقات وممارسة الجنس لفترات طويلة من الزمن. في المستقبل القريب، لن تشمل المهمات البشرية سوى أطقم ومستوطنات صغيرة. أي أن العدد القليل من الناس سيعني فرصاً أقل لإقامة العلاقات – مما سيصعب العثور على شركاء للتواصل معهم وربما سيزيد ذلك من التوتر بين أعضاء الطاقم.
على سبيل المثال، قد يكون من الصعب العثور على شركاء يناسبون شخصيتنا وتفضيلاتنا وميولنا الجنسي. وعندما تنتهي العلاقة، سيعلق الناس على متن سفينة مع شركائهم السابقين – ربما سيضر ذلك بمزاج الطاقم والعمل الجماعي الضروري للبقاء في البيئات الفضائية الخطرة.
الاحتياجات البشرية
في حين أن بعض الناس قد يكونون قادرين على تحمل سياسة الامتناع التام عن إقامة تلك العلاقات، إلا أنها قد تضر بالصحة البدنية والعقلية للآخرين – خاصةً عندما تغامر مجموعات أكبر من الناس في رحلات الفضاء. مع ذلك، تبدو وكالة ناسا خائفةً من معالجة قضايا العلاقات الحميمة والجنس في الفضاء. في عام 2008، قال بيل جيفز Bill Jeffs، المتحدث باسم مركز جونسون للفضاء التابع لناسا في هيوستن: “نحن لا ندرس الجنس في الفضاء، وليس لدينا أي دراسات جارية بشأن ذلك. إذا كان هذا هو موضوعك المحدد، فلا يوجد ما يمكن مناقشته.”
بالنظر إلى ما نعرفه عن العلاقات الجنسية البشرية، يبدو ذلك الموقف غير مسؤول. فهو يمنع البحوث من فحص الأسئلة الأساسية حول الصحة الجنسية والرفاهية في الفضاء. على سبيل المثال، كيف سنتعامل مع النظافة والارتباك المتعلق بالجنس في البيئات منعدمة الوزن في الفضاء؟ كيف سنحافظ على السلامة النفسية للطاقم إذا كان يجب على الناس تحمل فترات طويلة تفتقر إلى التحفيز والإثارة الجنسية؟ هل فرض الامتناع عن ممارسة الجنس حل معقول يقوم على دليلٍ تجريبي؟
تكنولوجيا الجنس و”الإيروبوتات”
يمكن أن يكون أحد الحلول هو توفير تقنيات الإثارة الجنسية للطواقم والمستوطنين في الفضاء.
يمكن أن يشمل ذلك الأدوات الجنسية – أي شيء يُستخدم في التحفيز أو التعزيز الجنسي – التي يمكن استخدامها للمتعة والإشباع الجنسي. لكن الأدوات الجنسية لا تعالج الأبعاد الاجتماعية للاحتياجات الجنسية للإنسان. ومن هنا تأتي الحاجة إلى الإيروبوتات.
يميز مصطلح الإيروبوتات erobots جميع العوامل المثيرة الاصطناعية والافتراضية والمُجسدة والمعززة والتقنيات التي تنتجها. تشمل الأمثلة الروبوتات الجنسية وروبوتات الدردشة الجنسية والشركاء الافتراضيين أو المُعززين. الإيروبوتية هو البحث الناشئ متعدد التخصصات الذي يدرس التفاعلات بين البشر والإيروبوتات والظواهر ذات الصلة.
على عكس التقنيات السابقة، توفر الإيروبوتات فرصة لإقامة العلاقات الحميمة مع أدوات اصطناعية مُصممة خصيصاً لاحتياجات مستخدميها. تستقطب التقنيات الجنسية الخطابات العامة والأكاديمية: إذ يستنكرها البعض بحجة أنها تروج للمعايير الضارة، بينما يدافع البعض الآخر عن فوائدها المحتملة وتطبيقاتها الصحية والتعليمية والبحثية.
تمثل الإيروبوتات حلاً عملياً لمعالجة الظروف اللاإنسانية للاستكشاف والاستعمار الفضائي. علاوة على ذلك، يمكن أن تساعدنا الإيروبوتات على التعامل مع الأسئلة المتعلقة بالعلاقات الحميمة والجنسية في الفضاء من منظور علمي وعلائقي وتكنولوجي.
يمكن أن توفر الإيروبوتات الرفقة والمتعة الجنسية لأفراد الطاقم والمستوطنين. بالإضافة لاستخدامها كأدوات جنسية، يمكن أن تدمج الإيروبوتات الأبعاد الاجتماعية في التجارب الحميمة. إذ يمكنها مساعدة مع يعانون من الوحدة والقلق الذي لا مفر منه الناتج عن العزلة. يمكن استخدام الإيروبوتات كشركاء رومانسيين بديلين، عن طريق توفير منافذ جنسية وتقليل المخاطر المرتبطة بالعلاقات الجنسية.
يمكن أن توفر الإيروبوتات أيضاً الدعم العاطفي. وأخيراً، يمكن أن تساعد مستشعرات الإيروبوتات وقدراتها التفاعلية في مراقبة الصحة الفسيولوجية والنفسية لرواد الفضاء – عن طريق استخدامها كمكملات للفحوص الطبية اليومية.
يمكن أن تتخذ الإيروبوتات العديد من الأشكال ويمكن أن تُصنع من مواد خفيفة. يمكن استخدامها أيضاً من خلال الواقع الافتراضي أو المُعزز ويمكن دمجها مع الأدوات الجنسية لتوفير تجارب جنسية تفاعلية وغامرة. يمكن أيضاً استخدام نفس التكنولوجيا لاختبار التجارب الحميمة مع الأحباء البشريين مرة أخرى على الأرض.
الانتقال إلى الفضاء
لتسخير إمكانات التكنولوجيا الحميمة في المهمات الفضائية البشرية، يجب علينا بناء تعاونٍ بين الأوساط الأكاديمية وبرامج الفضاء الحكومية والقطاع الخاص.
يمكن أن تساهم الإيروبوتات في برامج أبحاث الفضاء. باعتبارها مجالاً قائماً على النشاط الجنسي والأطر الإيجابية للتكنولوجيا، فهي تؤكد على أهمية العلاقات الحميمة والجنسية في حياة الإنسان وتعزز تطوير التكنولوجيا الموجهة نحو الصحة والرفاهية.
وفي النهاية، يجب علينا التخلص من التابوهات والمحرمات الخاصة بنا فيما يتعلق بالتكنولوجيا والجنس بينما نسافر إلى الحدود النهائية للفضاء.