حقوق الصورة: shutterstock.com / Diyana Dimitrova

تتمحور مخاوف كثيرة بخصوص تحويل مجتمعاتنا الحالية إلى أخرى صديقة للبيئة حول مسألة فقدان الوظائف، إلا أن الأبحاث قد بينت مرارًا وتكرارًا أنه على الرغم من أن العديد من الوظائف ستندثر، فإن الكثير غيرها ستتوفر.

أوضح فريق من الباحثين أن الحفاظ على درجات الحرارة تحت درجتين مئويتين فقط من شأنه أن يخلق 8 ملايين فرصة عمل في مجال الطاقة بحلول عام 2050.

يقول يوهانس إميرلينج Johannes Emmerling، أحد أعضاء الفريق البحثي، وهو خبير اقتصادي بيئي في المعهد الأوروبي للاقتصاد والبيئة في إيطاليا: “يعمل حاليًا قرابة 18 مليون شخص في صناعات الطاقة، وهو رقم يُتوقع نموه إلى 26 مليونًا أو أن يتجاوز نسبة 50% إذا بلغنا أهدافنا المناخية. ستحتكر صناعات الطاقة المتجددة ثلثَ القوة العاملة، وسيتاح لمختلِف البلدان التنافس على تلك الطاقات كلٌّ حسب ما يجود عليه به موقعُه الطبيعي”.

كوّنَ الفريق نموذجًا لتقييم الوضع بدراسة 50 دولة حول العالم، مستندين في ذلك إلى ستة سيناريوهات، ثلاثة منها يبقى فيها الاحتباس الحراري محدودًا تحت درجتين مئويتين فقط، والثلاثة الأخرى حين نواصل نشاطاتنا الضارة بالبيئة كما نحن.

لقد وجدوا أنه في ظل السيناريوهات المتعلقة بإبقاء درجة الحرارة تحت 2°، لا توجد خسائر بالجملة للوظائف في قطاع الطاقة، ذلك أن خسارة الوظائف التابعة لمجال الوقود الأحفوري، تعوِّضها أخرى تابعةٌ لمجال طاقة الرياح والشمس.

ذكر أعضاء الفريق في بحثهم: “في السيناريوهات المتعلقة بإبقاء درجة الحرارة تحت 2°، قد يتدنى عدد العاملين في الوظائف التابعة لمجال الوقود الأحفوري بشكل ملحوظ من 12,6 مليون وظيفة اليوم إلى 3,1 مليون وظيفة. يتمثل معظم هذا التدني في العاملين في استخراج الوقود الأحفوري (مناجم الفحم، وآبار البترول، واستكشاف وإنتاج الغاز الطبيعي)، ويُقدر ذلك بـ80% من الوظائف المفقودة. سرعان ما ستندثر وظائف التنقيب عن الوقود الأحفوري واستخراجه، ولكن الخسائر ستُعوَّض فورًا في مجالي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بما يقرب من 7,7 مليون وظيفة في عام 2050”.

يلفتُ العديدُ من الأكاديميين الانتباهَ إلى أهمية إعادة تدريب العمال كمفتاح لتقليل اعتمادنا على الفحم وأشكال الوقود الأحفوري، ففي نهاية المطاف، سيكون الانتقال بعيدًا عن تلك الوظائف مفيدًا للناس. إن إعادة التدريب على أعمال أكثر ربحيةً وأرجح أن تنتشر مثل مجال إنتاج الطاقة الشمسية ستفيد البيئة، وتبقي على الوظائف.

يقول الباحث سانديب باي Sandeep Pai، الذي باشر البحث من جامعة كولومبيا البريطانية: “لا بد من وضع سياسات انتقالية لأن الوظائف المندرجة تحت قطاع استخراج الوقود الأحفوري ستتأثر بشدة في اتجاهنا نحو بيئة محدودةِ الانبعاثاتِ الكربونية”.

واستطرد قائلًا: “يحظى عمال الوقود الأحفوري بالقدرة على التأثير على المستوى السياسي ويشهدُ على هذا تاريخُهم الحافل، وثقل نقاباتهم، لهذا، وأثناء سيرنا نحو مصادر طاقة قليلة الانبعاثات الكربونية، لا بد لنا أولًا أن نملك خطة نهيء بها الناس لقبول السياسات المناخية الجديدة”.

لسوء الحظ، لا تتساوى الخسائر والمكاسب في الوظائف بين بلدان العالم، فبعض البلدان كالصين ستعاني من خسارة الوظائف مقارنةً باليوم، في حين أن الولايات المتحدة والشرق الأوسط وشمال أفريقيا سينعمون بالوظائف نتيجة التوسع في صناعات الطاقات المتجددة.

كما أن للفريق رؤيةً مثيرةً حول السرعة التي قد يحدث بها هذا الأمر، حتى لو لم تكن دولتك الأولى أو الثانية أو حتى العاشرة في اتخاذ خطوة نحو الطاقات المتجددة.

يقول الفريق في بحثه: “مع أن الشركات الصينية لم تلِج سوق الخلايا الشمسية إلا في عام 2000، حيث كان ذلك بعد 20 سنة من أول خطوة اتخذها السباقون للأمر، لكنها الآن تستحوذ على أكثر من نصف سوق صناعتها، ولم يستغرق هذا الانقلاب سوى 10 سنوات فقط”.

من الجلي إذن أننا إذا عزمنا على الأمر بشدة، فسنتمكن من تحقيقه، وذلك مع الحفاظ على مجال الطاقة مجالًا مزدهرًا للتوظيف.

nasainarabic.net