- كيتي بالماي
- مراسلة المال والأعمال
قبل 9 دقيقة
تعترف إيما بوميرت بأنها شعرت بالسخف عندما وضعت العصبة عالية التقنية على رأسها لأول مرة. لكنها لا تنكر أنها شعرت أيضا بشيء من الراحة عند ارتدائها: ” شعرت بالراحة لأنني غريبة الأطوار إلى حد ما”.
وإيما، الشابة البالغة من العمر 24 عاما من ولاية إلينوي، هي عضوة في فريق تطوير التزلج في الولايات المتحدة الأمريكية.
إنها رياضية في أكثر من مجال، إذ أنها أيضا مدربة رفع أثقال مؤهلة، وحصلت هذا العام على درجة الماجستير في فسيولوجيا التمارين الرياضية.
وعصبة الرأس التي تستخدمها الآن هي عبارة عن جهاز تخطيط كهربائي للدماغ، وقد ازدادت شعبيتها بين الرياضيين، إذ تقيس الموجات الدماغية لمن يرتديها.
ونظرا لأن الدماغ المجهد يعطي المزيد من الموجات أو الإشارات، بسبب زيادة النشاط الكهربائي، فإن الفكرة هي أنه، جنبا إلى جنب مع تمارين التأمل، يمكن لعصبات الرأس أن تساعد المستخدم على تدريب نفسه على أن يكون أكثر هدوءا، ومن ثم تعزيز أدائه.
ولكن هل هذه الأجهزة التي يستخدمها الأطباء لفحص حالات مثل الصرع والسكتات الدماغية، مفيدة حقا في مساعدة الناس على تقليل إجهادهم؟
تقول بومرت إنها أرادت معرفة ذلك بعد تجربة سماعة رأس تسمى FocusCalm قبل عامين: “بعد استخدامها بنفسي، أصبحت لدي الرغبة في إجراء المزيد من الأبحاث حول هذا الموضوع”.
لذلك اتصلت بوميرت بالشركة التي تقف وراء المنتج، BrainCo ومقرها ولاية ماساتشوستس.
وبما أن دراستها الجامعية ذات صلة بالموضوع، ولمشاركتها في رفع الأثقال والرياضات الشتوية، فقد دعتها الشركة لتصبح باحثة بدوام جزئي لبضعة أشهر في عام 2020. ومرة أخرى في وقت سابق من هذا العام.
ويبدو أن بوميرت مقتنعة بأن الجهاز يعمل بشكل فعال: “كان علي أن أتخيل وأتعلم كيفية الحصول على تحكم أفضل، وما هو التدريب الذي أحتاجه للوصول إلى حالة أكثر استرخاء، مع استمرار القدرة على الحصول على طاقة عالية للغاية”.
بدوره يوضح ماكس نيولون، رئيس شركة BrainCo، أن عصبة الرأس تستخدم خوارزمية برمجية للذكاء الاصطناعي لمراقبة 1250 “نقطة بيانات” في إشارات الموجات الدماغية للشخص، وهي متصلة بتطبيق على الهاتف المحمول.
ومن ثم تُسجل النقاط على مقياس يتدرج من 0 إلى 100، حيث يشير الرقم 100 إلى الحالة الأكثر هدوءا.
وفي معظم الأوقات، يبدو أن المقياس لدى الشخص العادي يتراوح حول الرقم خمسين.
يقول نيولون، الذي بدأ العمل على التكنولوجيا لأول مرة في عام 2015: “إنه إجراء حيادي، فلا شيء يدخل دماغك، لدينا أشخاص يقومون بجميع أنواع التجارب المختلفة، مثل قضاء الوقت مع أسرهم وغيره من الممارسات اليومية للتعلم عن أنفسهم واكتشاف ما يضعهم في تلك الحالة من الاسترخاء والهدوء”.
مثل التمارين البدنية التي تجعل الجسم أقوى، يقول نيولون إنه يمكن للناس أن يتعلموا جعل عقولهم في حالة استرخاء، وبمجرد اكتساب المهارة، فإنها تبقى لدى الشخص.
وقد قامت شركة InteraXon الكندية، مطورة عصبة رأس أخرى، بتصنيع منتجها The Muse عام 2014.
وهذه العصبة مصممة أيضا لمساعدة الأشخاص على الشعور بالهدوء، وبالتالي تعزيز التأمل أو النوم بشكل أفضل.
بالإضافة إلى قياس الموجات الدماغية، فإنها تسجل معدل ضربات القلب، وسرعة التنفس ووضعية الشخص. وتترافق مع تطبيق يصدر أصواتا مهدئة، مثل أصوات الغابات المطيرة.
يقول ديريك لو، الرئيس التنفيذي لشركة InteraXon، إن عملاء الشركة إما “يحاولون معالجة مشكلة في حياتهم، مثل التوتر والقلق، أو يحاولون تحسين شيء ما، مثل أدائهم في رياضة معينة”.
كل هذا يبدو جيدا، لكن الدكتورة نعومي مورفي، أخصائية علم النفس السريري والطب الشرعي في المملكة المتحدة، تتعامل بحذر مع أجهزة التخطيط الدماغي الاستهلاكية.
وتقول مورفي إن عصبات الرأس هذه تحفز أدمغة الذين يضعونها على العمل للوصول إلى “معايير” الدرجة الوسطية لنشاط للدماغ البشري.
وتضيف: “هذا يمكن أن يجعل البعض يشعرون بتحفيز يفوق قدرة أدمغتهم أو يكون دونها”.
وتمضي مورفي بالقول: “في حين يجد بعض الأشخاص أن قياس نشاطات الدماغ مفيد، ينجذب كثيرون إلى تلك التكنولوجيا العصبية لأنها تتماهى مع مواطن ونقاط ضعف لديهم، وقلقهم بشأن أدائهم، وفي هذه الحالة يمكن أن يؤدي استخدام هذه الأجهزة إلى تفاقم الوضع لديهم”.
ومن المنطلق نفسه، تتساءل البروفيسورة ساندرا واتشتر، من جامعة أكسفورد البريطانية، وهي خبيرة بارزة في الذكاء الاصطناعي، عما إذا كانت هناك حاجة لاستخدام أجهزة تخطيط كهرباء الدماغ تلك لجعل الناس أقل توترا.
وتقول مستشهدة بأساليب بوذية وهندوسية: “قد يكون تدريب اليقظة والتأمل من الأساليب التي أرى أن للذكاء الإصطناعي هامشا ضئيلا للغاية من حيث القدرة على تحسين الطرق التقليدية لتلك الممارسات”.
وتضيف: ” إن قياس درجة اليقظة لدى الفرد مقابل درجتها المتوسطة في الدماغ البشري لا يحقق الهدف، وهو تركيز كل شخص على نفسه فقط، وبالإضافة إلى ذلك، لا يوجد شيء مثل الاسترخاء المثالي أو درجات الإجهاد الإشكالية المقلقة، لأنه وببساطة، كل شخص لديه خصوصية ويختلف عن أي شخص آخر”.
لكن الدكتور ستيف ألدر، استشاري طب الأعصاب في المملكة المتحدة، يعد من مؤيدي أجهزة قياس أنشطة الدماغ الاستهلاكية، خاصة عندما يستخدمها الرياضيون.
يقول: “في الغالب فإن أي تمرين دماغي يمكنه أن يحفز تحسنا في الأداء، ومن المرجح أن يؤدي استخدام أداة توفر قياس النشاط إلى تحسين وتعميق قدرة التحكم في العقل، لذا فإني أرى أن تلك الأدوات مفيدة”.
ويضيف أنه بالنسبة للرياضيين من فئة النخبة، تعد مسألة القدرة على التحكم بالعقل والقدرة على الاسترخاء أمرا أساسيا، ومن هنا فإن هذه الأدوات يمكن أن تكون مفيدة جدا لهم.
وبالعودة إلى الولايات المتحدة، تقول بومرت إنه في حين أن عصبات الرأس مفيدة للغاية، يجب ألا ينظر إليها الرياضيون على أنها حل سحري، وتخلص للقول: “ينبغي أن تستثمر كل ما تتعلمه من أساليب الأسترخاء وتوظفها بشكل صحيح”.