رائد فضاء ناسا تشارلز ديوك Charles Duke يصوّر قائد المهمة جون يونغ John Young أثناء قيادته للمركبة القمرية الجوالة في لقطات صوّرت في 21 نيسان/أبريل 1972 خلال اليوم الخامس من هبوط أبولو 16 على سطح القمر. (حقوق الصورة: © NASA / DutchSteamMachine).

تبدو الأحداث التاريخية وكأنها صورت بتقنية فيديو عالية الدقة.
 

التقط رواد الفضاء الذين كانوا على متن بعثات أبولو Apollo التابعة لوكالة ناسا والمنطلقة إلى القمر أفلامًا تصويريةً مذهلةً لسطح القمر، لكن التحسينات الحديثة باستخدام الذكاء الصنعي قد جعلت تلك الأفلام مدهشةً حقًّا.

ظهرت التفاصيل المشاهدة على سطح القمر واضحةً ومفعمةً بالحيوية بشكلٍ مذهل خلال الخطوات الأولى لقائد بعثة أبولو Apollo رائد الفضاء نيل أرمسترونج Neil Armstrong’s على سطح القمر في عام 1969، وخلال البعثتين 15 و 16 في 1971 و1972 على التوالي في الأفلام المعاد صياغتها، والتي تنشرها عبر الإنترنت على منصة يوتيوب قناة “دتش ستيم مشين” DutchSteamMachine التي يديرها متخصصٌ في ترميم الأفلام في هولندا.

استخدم الشخص الذي رمّم الفيلم، والذي يدير قناة “دتش ستيم مشين”، والمعروف أيضًا باسم “نيلز” Niels الذكاء الصنعي لتثبيت اللقطات المهتزة، وإنشاء أُطرٍ جديدةٍ في أفلام الهبوط على سطح القمر التابعة لوكالة ناسا، ما أدّى إلى زيادة معدل الأُطر (عدد الأُطر التي تعرض في الثانية)، كما حسّن الحركة، وجعلها تبدو أشبه بالحركة في فيديو عالي الدقة إتش دي (HD).

بحسب وكالة ناسا، فقد أطلق برنامج أبولو 11 مهمةً للرحلات الفضائية نحو القمر بين عامي 1968 و 1972، أربعٌ منها هي بعثات اختبار معدات، وهبطت ستٌ منها على القمر، ما سمح لـ 12 رجلًا بالسير والقيادة و/أو حتى القفز فوق سطح القمر المليء بالفوهات.

خلال كل تلك المهمات، التقط رواد الفضاء تفاصيل المدارات والأنشطة أو التجارب باستخدام كاميرات الصور المتحركة بمقاس 16 ملم، والتي كانت تقدم الفيلم عادةً بمعدل 1 أو 6 أو 12 إطارًا في الثانية، أو بمعدل الأُطر القياسي لصناعة الأفلام وهو 24 إطارًا في الثانية، علمًا أنّ كاميرات الفيديو عالية الدقة تلتقط 30 أو 60 إطارًا في الثانية.

ذكر نيلز لموقع Live Science بالبريد الإلكتروني أنه عندما تُعرَض الأفلام القديمة التي صوّرت بمعدل أُطر أقل بمعدلات أطر أعلى، تظهر الحركة متسارعةً ومتذبذبةً، ما يخلق انقطاعًا بين الماضي والشخص الذي يشاهده.

قال نيلز: “أستخدمُ ذكاءً صنعيًا مفتوحَ المصدر مدربًا باستخدام لقطاتٍ نموذجيةٍ لإنشاء أُطرٍ جديدةٍ تمامًا بين أُطرٍ حقيقيةٍ، حيث تحلّل التقنية الفرق بين الأُطر الحقيقية وما تغيّر، وهي قادرةٌ على توليد نوع البيانات التي ستكون موجودة في حال التقطت بمعدل أُطرٍ أعلى. يُسمّى هذا الذكاء الصنعي التوليد الحركي المدرك لعمق اللقطة DepthAware video frame Interpolation ) DAIN)، وهو تطبيقٌ مجانيٌّ وقابلٌ للتنزيل لنظام التشغيل ويندوز Windows، وهو حاليًا قيد التطوير وفقًا لموقع دين DAIN.

بحسب كلام نيلز فإنّ الخبراء كانوا يعيدون صياغة الأفلام القديمة منذ عقود، غير أن الإضافة الأخيرة للذكاء الصنعي قد نقلت النتائج إلى مستوًى نوعيٍّ جديدٍ. أوضح نيلز أن معظم العمل على إعادة تحسين اللقطات القديمة كان من خلال إزالة الأوساخ، والخدوش، وتثبيت عمل الكاميرا المهتزة، وإضافة الألوان أحيانًا، ولكن لم يسبق إنشاء أطرٍ جديدةٍ تمامًا بناءً على بيانات من إطارين حقيقيين متتاليين.

إن أحد أكبر التحديات في إنشاء هذه الترميمات يتمثل في العثور على مصدر لقطات عالية الجودة بحسب ما أوضحه نيلز، ووفقًا له فإنّ الحصى والجسيمات والحبيبات الكثيفة في الفيلم يمكن أن تربك الخوارزمية وتتداخل مع عملية التوليد في الذكاء الصنعي.

إن لقطات وكالة ناسا مجديةً بشكلٍ خاص بالنسبة لترقيات الذكاء الصنعي لأن معدل الأُطر الأصلي منخفضٌ جدًا، حيث يتراوح بين 6 إلى 12 إطارًا في الثانية، ويؤدي رفعه إلى 24 أو 50 أو 60 إطارًا في الثانية إلى إحداث فرقٍ كبيرٍ للغاية، ونظرًا لأن الحركة في الأفلام بطيئةٌ جدًا، فإنه يمكن للخوارزمية إنشاء المزيد من الأطر بدون أدواتٍ رقميةٍ.

يأمل نيلز في أن تقرّب مقاطع الفيديو الخاصة به عملية السير على سطح القمر من المشاهدين الأرضيين، وأن يساعدهم هذا الأمر على رؤية وتقدير هذه الأحداث البارزة كما فعل رواد الفضاء، كما يأمل أن تلهم اللقطات التي أُعيد تصميمها مزيدًا من الاهتمام بالخطط القادمة لوكالات الفضاء لإطلاق مهماتٍ مأهولةٍ تسافر خارج مدار الأرض، وحتى أن تتيح العودة إلى سطح القمر مع تزويدها بكاميراتٍ قادرةٍ على التصوير بدقةٍ عاليةٍ. صرّح نيلز لموقع لايف ساينس: “ستكون اللقطات التي صُوِّرت بكاميرات فيديو عالية الجودة مذهلةً للغاية”.

يمكنكم مشاهدة جميع مقاطع الفيديو المحسّنة باستخدام الذكاء الصنعي الخاصة بنيلز حول الهبوط على سطح القمر المحسّنة على قناة “دتش ستيم ماشين” على منصة يوتيوب، كما يمكنكم العثور على المزيد من مشاريعه على منصة باتريون Patreon.

nasainarabic.net