بعيدًا عن آلام حفلات الملاكمة التي تبدأ في الثالثة صباحًا داخل رحمك الذي أصبح منزلًا لكائن تنتظرين التعرف على هويته بفارغ الصبر، قد ينتابك الفضول لمعرفة ما يحصل ضمن تلك الحجرة الصغيرة التي تحتضن هذه الروح داخلك،
سنقوم هنا بتصوير روعة ما يحصل مع هذه الكائنات اللطيفة داخل رحمك.
ماذا يفعل الأطفال في الرحم طوال اليوم؟
من الغريب أن يسكن داخلك كائنٌ لم تتعرفي عليه يومًا، وعليك الانتظار مدة طويلة لتري وجهه للمرة الأولى، لكن لحسن الحظ، يمكن للأطباء والعلماء إخبارك بكل شيء عمّا يفعله ذلك الكائن الصغير الذي ينمو بداخلك لحين قدوم موعد اللقاء.
الأسبوع الأول في رحمك الصغير
يستغرق الأمر بضعة أيام لتعبر كرة الخلايا سريعة الانقسام من قناة فالوب -بعد تلقيح البويضة بالنطفة- إلى الرحم، لتبدأ بعدها رحلة هذه الكرة في بناء دعائم ثابتة على جدار الرحم لتكمل نموها في الأشهر التسعة القادمة ضمن بيتها الجديد.
بداية نبضات الحياة
يبدأ قلب طفلك بضخ الدم في الأسبوع السادس من الحمل، وبحلول الأسبوع الثامن ينتظم معدل دقات القلب ليبلغَ نحو 160 نبضة في الدقيقة، يمكنك عندها سماع هذه النبضات عبر جهاز الأمواج فوق الصوتية.
تبقى هذه اللحظة الأروع والأكثر حميمية في حياة الأمهات، والتي ستنسيك كل ألم يعترضك خلال رحلتك.
أنا أسمعكِ جيدًا يا أمي
تتشكل معظم أجزاء الأذن اللازمة لالتقاط الصوت بحلول الأسبوع السادس عشر، وحينها يمكن للطفل أن يسمع بسهولة دقات قلب أمه، وصوت تنفسها، وحديثها.
قد يساعد هذا في تفسير سبب ارتياح الأطفال للضوضاء بعد الولادة، وذلك لاعتيادهم عليها أثناء فترة الحمل.
توجد أيضًا بعض الأدلة التي تشير إلى أن الأطفال يتعلمون التعرف على صوت الأم، والتفاعل معه أثناء وجودهم داخل الرحم، لذا غالبًا ما يكون صوتك هو أكثر الأصوات تمييزًا لدى طفلك.
يفيد معظم الباحثين الذين يدرسون نمو الأجنة بأن المحفزات التي يتلقاها طفلك بشكل فطري في الرحم عن طريق محادثاتك وأنشطتك اليومية، جيدة بما يكفي لإعداد طفلك للعالم الخارجي.
لا يوجد دليل علميّ مقنع من دراسات نمو العقل البشري -التي لا تزال في بدايتها-يفضي إلى أن التحفيز السمعي المتعمد للجنين بواسطة الأجهزة له تأثير على الذكاء، أو الإبداع، أو النمو لاحقًا.
النظرة الأولى للحياة ستكون من داخل رحمك
يمكن للأطفال فتح أعينهم داخل الرحم كما يمكنهم رؤية الضوء المسلّط على البطن من الخارج.
يمكن أن ترى عيون الجنين الضوء بدءًا من الأسبوع السادس عشر تقريبًا، لكنّ العيون لا تتشكل بالكامل حتى الأسبوع عشرين تقريبًا، إذ يفتح الجنين عينيه لأول مرة بين الأسبوعين السادس والعشرين والثامن والعشرين.
تكون رؤيته ضبابية نوعًا ما خلال رحلة الحمل، ولكن يمكنه رؤية مصادر الضوء الساطعة كالشمس أو المصباح اليدوي الموجه على البطن ويستجيب لها بالرفرفة.
قد يساعد الخروج إلى الإضاءة الطبيعية في كثير من الأحيان على نمو عيني طفلك بشكل طبيعي، وتقليل خطر الإصابة ببعض اضطرابات العين.
لتبدأ رحلة الطفو لخمسة وعشرين أسبوعًا!
تسبح الأجنة في السائل الأمنيوسي الذي يدخل في تكوينه بول الجنين بنسبة كبيرة، إذ يقوم الجنين بابتلاعه، وإعادة طرحه خلال الحمل.
يبدأ الأطفال في التبول داخل الكيس الأمنيوسي في حوالي الأسبوع الثامن، على الرغم من أن إنتاج البول يزداد بين الأسبوعين الثالث عشر والسادس عشر (عندما تصبح الكلى أكثر نموًا).
يمكن للأجنة البدء في شرب هذا السائل الذي يحيط بالجنين في حوالي الأسبوع العاشر أو الحادي عشر، أو عندما يتمزق الغشاء البلعومي مما يسمح للطفل بالبلع، وبحلول الأسبوع العشرين، يكون معظم السائل الأمنيوسي مكونًا من بول الجنين.
التعرف على النكهات
يمكن للأطفال تذوق الطعام الذي تأكله الأم في الرحم، إذ تنتقل جزيئات النكهة من الطعام الذي تأكله الأم من دمها عبر المشيمة، وعبر السائل الأمنيوسي إلى الطفل.
وبما أن براعم التذوق تبدأ في النمو في الأسبوع الحادي عشر تقريبًا (تمامًا مع فتح الفم)، فإنه يمكن للطفل أن يتذوق كل ما تأكله الأم منذ ذلك الحين، على الرغم من أن حاسة التذوق تكون أقوى في الأسبوعين الثامن والعشرين والتاسع والعشرين، عندما تنضج براعم التذوق تمامًا.
الآن بعد أن تعرفتِ على المزيد حول ما يفعله طفلك في رحمك طوال النهار والليل، قد تشعرين أنك أصبحتِ أقرب خطوة نحوه، وتذكري دومًا أنه مهما طالت الأيام المليئة بالركلات والدوار والتعب، فإن اليوم الذي ستحملين فيه طفلك للمرة الأولى سيمحو كل ألم، وستكون ضحكة واحدة من ثغره قادرةٌ على إضاءة الكون بأكمله.
دمتِ أنت والسبّاح الصغير في داخلك بألف خير.