ترتبط الكائنات الحية مع بعضها بعضًا بروابط مشتركة عديدة، وكان لا بد من وجود صيغة لفهم هذا الارتباط من خلال شجرة الحياة.
شجرة الحياة أو شجرة النشوء والتطور، مصطلح يستخدم في علم الأحياء التطوري لفهم الصلة والترابط بين الكائنات الحية من حيث النسب، والمورثات، والأنواع، والسلف المشترك.
وهي تعزز فهمنا لتطور السلالات والمورثات من الماضي وحتى الحاضر والتنبؤ بتطور السلالات المستقبلية للأنواع.
التنبؤ بالسلالات المستقبلية يكون من خلال ربط نماذج تطور مورثات السلالات السابقة وحتى ننتهي بالسلالات الحالية للتنبؤ بكيفية تطورها وفهم التغيرات التي طرأت على السلالة الواحدة وأسبابها.
-مؤسس شجرة الحياة؟
كانت اكتشاف عالم الأحياء Charles Darwin تشارلز داروين، وكان أول من رسم شجرة تطورية أولية عام 1837م، ولكن الرسم التوضيحي الوحيد في كتاب أصل الأنواع وضعه داروين في عام 1859م، إذ وُجِد الرسم التوضيحي لشجرة التطور في دفتر ملاحظاته.
ولم يكن داروين هو الوحيد الذي اهتم بدراسة علم الأحياء والوراثة بل سبقه العديد من العلماء بما في ذلك عالم الأحياء الفرنسي Jean-Baptiste Lamarck جان باتيست لامارك الذي وضع رسومًا توضيحية عن التطور الأحيائي عام 1809م.
-وصف شجرة الحياة؟
ورغم أن شجرة الحياة هو مصطلح في علم الأحياء، فإنه يشبه كثيرًا الأشجار النباتية من حيث تكونها من الجذور والفروع، فشجرة الحياة تبدأ من الجذور التي تمثل السلف المشترك، وهو مجموعة الأجداد التي نشأت منها الأنواع الأُخرى كشجرة العائلة التي يعود فيها نسب الأحفاد والآباء إلى الأجداد، وهو ما يطلق عليه السلف المشترك الأخير (MRCA)، ثم تتفرع لعدة نقاط أو فروع والتي تمثل أنواع المجموعات أو المورثات، ويدل طول الفرع على كمية التغير الوراثي الطارئة على النوع ويمكن قياسه من خلال عدد بدائل النيوكليوتيد أو البروتين لكل موقع مورثي، كما أن الفروع قد تتصل بفروع أخرى في الشجرة وتمثل آخر الأسلاف المشتركة للكائنات الحية.
ولدينا العقدة التي تربط بين فرع وآخر تدل على انقسام سلالة الأجداد لينتج عنها سلالتان أو أكثر، ويطلق على هذا الانقسام اسم “cladogensis” أي انقسام السلسلة، واجتماع العقد مع بعضها يطلق عليها طوبولوجيا شجرة التطور.
قد نشاهد أيضًا ارتباطًا بين الأنواع المختلفة في شجرة التطور وتبادل جيناتها عن بعد كالبكتيريا مثلا، وهذا ما يسمى “horizontal gene transfer” أي انتقال المورثات الأفقي، ويصعب تمثيله من خلال بنية شجرة محددة، لذلك تتشابك مع بعضها لتشكل ما يسمى بشبكة الحياة.
أو يُهجَّن بين أنواع مختلفة من السلالات بدمج المادة الوراثية بين نوعين متقاربين جينيًا للحصول على نوع واحد هجين من السلالات، كما تجري الأبحاث في علم السلالات التطوري للوصول إلى شجرة حياة تحوي جميع الأنواع المعروفة وجميع علاقاتها التطورية مع أسلافها، وربطها مع السلف المشترك لكل الكائنات الحية على الأرض.
أنواع شجرة الحياة؟
يوجد نوعان من شجرة الحياة، قد تكون الشجرة ذات جذر مشترك أو بلا جذر ويقصد بالجذر المشترك: الشجرة التي لديها جذر يمثل السلف المشترك الأحدث لجميع الكائنات الحية الموجودة على فروع الشجرة.
أما الشجرة بلا جذر فهي التي توضح العلاقة بين العقد بوضع الفرضيات حول النسب وقد تكون فرضيات خارجية.
-بِمَ تفيدنا شجرة الحياة؟
لم يكن استخدام شجرة الحياة عبثيًا، فهي ذات فائدة كبيرة لما تعطينا من صورة واضحة وحقيقية عن توصيف وتصنيف الكائنات الحية استنادًا لخلاياها الجينية، كما أنها تفيد في عصرنا الحالي بقضايا الطب الشرعي كإثبات النسب وتحديده من خلال استخدام الحمض النووي، وتحديد هوية المجرم والكشف عن سلالته، وتحديد أنماط الأمراض والكشف عن مصادرها وأسبابها، والحفاظ على السلالات التي من المحتمل أن تنقرض من خلال حفظ حمضها النووي.
-نظريات شجرة التطور؟
تدعم مجموعة كبيرة من الأدلة الاستنتاج القائل أن كل كائن حي على قيد الحياة اليوم وجميع الذين عاشوا هم أعضاء في تراث مشترك يعود إلى أصل الحياة منذ 3.8 مليار سنة.
وهذه الشجرة أتاحت للباحثين والعلماء في وقتنا الحاضر استخدام الأنساب لفهم نظرية التطور والتنوع البيولوجي.
كما أن التكنولوجيا والتقدم المعرفي قد ساهما بشكل كبير في فهم هذه الشجرة وسهولة تنظيمها من خلال أجهزة الكومبيوتر والبرامج المخصصة لتوضيحها وتخزينها في قاعدة بيانات أحيائية خاصة.
وهناك العديد من العوامل التي تؤثر على شجرة الحياة ولعل من أهمها الهجرة، إذ يظهر اختلاف الأنساب بسبب هجرة بعض الأفراد إلى منطقة اخرى معزولة مثلًا، وهذا ينعكس في النسب والاختلاف السلوكي والمظهر الخارجي للسلالات المنفصلة، وقد تحدث طفرة في إحدى السلالات المنفصلة ولا تصيب السلالات الأخرى.