صورة منقسمة تُظهر الشمس في حدّها الأقصى خلال الدورة الشمسية في نيسان/أبريل 2014 على اليسار، وفي حدّها الأدنى خلال الدورة على اليمين في كانون الأول/ديسمبر 2019. (حقوق الصورة: NASA/SDO).

أكدّ العلماء أن الشمس قد دخلت رسميًا دورة مناخ شمسية جديدةً لمدة تسعة أشهر، ومن المرجح أن تبدو مثل سابقتها التي استمرت من 2008 إلى 2019.

يتوقع العلماء أن مرحلة النشاط الجديدة للشمس، والتي تُسمّى الدورة الشمسية الخامسة والعشرين، ستبلغ ذروتها في عام 2025، لكنها ستكون بشكلٍ عام دورةً أقلّ نشاطًا و تشبه إلى حدٍ ما الدورة الشمسية الرابعة والعشرين التي انتهت في كانون الأول/ديسمبر.

إن مناخ الشمس الذي يتبع دورة نشاط مدتها أحد عشر عامًا هو واقعة غريبة مهمة للغاية يجب التنبؤ بها، إذ سيؤثر ما يصدر عنها على الحياة على الأرض وما حولها، وفي بعض الأحيان يكون مصحوبًا بعواقبَ وخيمةٍ.

صرّحت ليزا أبتون Lisa Upton، رئيسة اللجنة المشاركة لتوقع الدورة الشمسية الخامسة والعشرين وعالمة فيزياء الشمس في مؤسسة أبحاث أنظمة الفضاء Space Systems Research Corporation، وهي شركة لدعم المهام الفضائية مقرها ولاية فرجينيا الأميركية Virginia، صرّحت خلال مؤتمرٍ صحفي لوكالة ناسا في يوم 15 أيلول/سبتمبر حيث نوقشت النتائج : “نحن متحمسون جدًا لوجودنا هنا اليوم للإعلان عن بدء الدورة الشمسية الخامسة والعشرين رسميًا”.

أوضح دوغ بيسكر Doug Biesecker، عالم فيزياء الشمس في مركز التنبؤ بالطقس الفضائي التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي NOAA والرئيس المشارك للجنة التنبؤ، أنّه يجب أن يتوقع متتبعو المناخ الفضائي أنّ نشاط الشمس سيرتفع وينخفض في نمطٍ مشابهٍ لنمط السنوات الإحدى عشر الماضية.

وقد بيّن بيسكر: “ستصل الدورة الشمسية الخامسة والعشرين إلى ذروة عدد البقع الشمسية عند حدّ 115 بقعة في تموز/يوليو من عام 2025″، مع ملاحظة أن الدورة الشمسية النشطة بشكلٍ خاص عادةً ما تشهد ذروة عدد البقع الشمسية فوق حدّ 200 بقعة.

شدّد العلماء على أن هدوء الدورة الجديدة النسبي لا يعني أنه يجب علينا عدم أخذها في الحسبان.

أشار بيسكر إلى التوهج الهائل الذي أحدثته الشمس في عام 2012 قبل سنواتٍ قليلةٍ من ذروة الدورة الشمسية الأخيرة، وذكر أنّ الدورة الخامسة والعشرين ستكون مثل الدورة الرابعة والعشرين من حيث البقع الشمسية موضحًا أنّ هذه الدورة قد تمكنت من إنتاج عاصفةً شمسيةً أسطوريةً لمئة عام، لكنها لم تؤثر على الأرض.

ذكر عالم الطاقة الشمسية في ناسا ليكا غوهاتاكورتا Lika Guhathakurta خلال المؤتمر الصحفيّ أنّه خلال الحد الأدنى من الطاقة الشمسية، لا ينتهي النشاط الشمسي بل يتغير شكله فقط. على سبيل المثال، تكون الأشعة الناتجة عن المجرّة الكونية عاليةً في كل الأوقات في بيئة الفضاء، وتصاحب هذا الأمر تداعياتٌ متنوعةٌ على استكشاف الفضاء، والسياحة الفضائية، والصناعة الملاحية.

رسم بياني يوضح مد وتدفق البقع الشمسية على مدار عدة دورات شمسية حديثة بالإضافة إلى توقعات العلماء للدورة القادمة. حقوق الصورة: SILSO data/image, Royal Observatory of Belgium, Brussels

رسم بياني يوضح مد وتدفق البقع الشمسية على مدار عدة دورات شمسية حديثة بالإضافة إلى توقعات العلماء للدورة القادمة. حقوق الصورة: SILSO data/image, Royal Observatory of Belgium, Brussels

هناك تأثيرٌ محتملٌ آخر للشمس الأكثر هدوءًا خلال الدورة على النفايات الفضائية، والتي يمكن أن ترسلها دوراتٌ شمسيةٌ أكثر نشاطًا إلى الغلاف الجوي للأرض لتحترق بعدها.

أوضح بيسكر: “تعني الدورة الشمسية الصغيرة للأسف أننا لن نزيل الكثير من الحطام المداري، والذي ستتولى أمره دورةٌ شمسيةٌ كبيرةٌ”.

من أجل مراقبة النشاط الشمسي والتنبؤ به، يعتمد العلماء على مجموعةٍ واسعةٍ من الملاحظات والمشاهدات، وتُحتسَب أعداد البقع الشمسية الأكثر وضوحًا، فكلما زاد عدد البقع الشمسية، زاد نشاط الشمس.

يمكن لتشكّل البقع المبكرة في الدورة في أقاصي الشمال أو الجنوب على الشمس أن يعطي العلماء انطباعًا عمّا سيكون عليه الموسم الشمسي القادم. في الوقت الحالي، إن البقع الشمسية التي تظهر أقرب إلى خط الاستواء كما هو معتادٌ لدوراتٍ شمسيةٍ أكثر هدوءًا.

على الرغم من أن السنوات القليلة الماضية شهدت إطلاق مجموعةٍ جديدةٍ من بعثات النظام الشمسي والمناخ الفضائي، ولكنّ بيكسر أوضح أنّ فريق التنبؤ لم يعتمد على البيانات من تلك المركبات الفضائية الجديدة.

ذكر بيسكر: “عندما نحاول التنبؤ بشيءٍ له دورة مدتها أحد عشر عامًا، تكون البيانات الجديدة مفيدةً دائمًا، لكن من الصعب الوثوق بها، وبشكلٍ عام لم تلعب المهمات الفضائية الأحدث دورًا بعد في عملية التنبؤ بالدورة، لكن هذا لا يعني أنها لن تلعب دورًا عندما نحاول التنبؤ بالدورة الشمسية السادسة والعشرين”.

ستكون مراقبة النشاط الشمسي ووضع تنبؤات موثوقة حول الدورات الشمسية القادمة أمراً مهماً بشكل خاص، لأن رواد الفضاء سيخرجون مرّةً أخرى إلى ما وراء حماية المجال المغناطيسي للأرض.

تعمل ناسا على إعادة رواد الفضاء إلى القمر في السنوات القادمة ضمن برنامج أرتيميس Artemis الخاص بها، حيث سيخطو البشر على سطح القمر لأول مرة منذ خمسة عقود في عام 2024، أي العام الذي يسبق ذروة الدورة الشمسية المتوقعة، هذا يعني أن ناسا تحتاج إلى معلوماتٍ كافيةٍ ووافيةٍ عن نشاط الشمس لتكون على ثقةٍ بأنها لا ترسل روادًا فضائيين إلى وضعٍ خطير.

لهذه الغاية، تدمج الوكالة أيضًا مراقبة المناخ الفضائي في أعمالها التمهيدية لأرتيميس، وفقًا لجيك بليشر Jake Bleacher، كبير علماء الاستكشاف في مديرية عمليات الاستكشاف البشري والعمليات في ناسا، خلال المؤتمر الصحفي، مشيرًا إلى خططٍ لوضع أدوات الطقس الشمسي على بوابة القمر، وهي البؤرة الأمامية التي خططت لها وكالة ناسا في مدار القمر التي ستدعم زيارات الطاقم إلى القمر.

قال بليشر: “ستكون البوابة في مكانها قبل وقتٍ طويلٍ من وصول رواد الفضاء إلى القمر، لذلك سيكون لدينا وقت لإجراء بعض القياسات وإجراء بعض الأبحاث هناك. نحاول المساعدة في إضافة المركبات الفضائية التي تقيس الشمس وتفهم هذه البيئة إلى الأسطول”.

nasainarabic.net