- بالاب غوش
- مراسلة الشؤون العلمية بي بي سي
قبل 57 دقيقة
يعكف علماء من وكالة الفضاء الأوروبية على دراسة إمكانية نقل الكهرباء لاسلكياً عبر الفضاء إلى ملايين المنازل.
وثمة احتمال أن توافق الوكالة، الأسبوع الجاري، على دراسة مدتها ثلاث سنوات تهدف إلى معرفة جدوى إنشاء محطات طاقة شمسية ضخمة في الفضاء، والجدوى الاقتصادية لهاللفكرة.
وتهدف الدراسة إلى وضع أقمار صناعية عملاقة في المدار، يستطيع كل منها توليد نفس كمية الكهرباء التي تنتجها محطات توليد الطاقة الأرضية.
ومن المقرر أن يدرس مجلس إدارة وكالة الفضاء الأوروبية جدوى الفكرة في مقره بالعاصمة الفرنسية باريس يوم الثلاثاء.
وعلى الرغم من دراسة منظمات ووكالات فضاء أخرى للفكرة سابقا، فإن برنامج “سولاريس” يمثل أول خطوة تمهد السبيل إلى وضع خطة عملية لتطوير نظام توليد طاقة متجددة يعتمد على الفضاء.
ويعد البرنامج واحدا من مقترحات عدة ينظر فيها مسؤولو الأبحاث العلمية خلال اجتماع مجلس وكالة الفضاء الأوروبية في باريس، والذي سيحدد ميزانية المرحلة التالية لخطط الوكالة لاستكشاف الفضاء والمراقبة البيئية والاتصالات.
وقال جوزيف أشباتشر، مدير عام وكالة الفضاء الأوروبية، لبي بي سي نيوز إنه يعتقد أن توليد الطاقة الشمسية من الفضاء قد يساعد “بطريقة هائلة” في مواجهة نقص الطاقة مستقبلا.
وأضاف: “لابد من تحولنا إلى اقتصادات محايدة للكربون، وبالتالي تغيير الطريقة التي ننتج بها الطاقة، لا سيما تقليل نسبة الوقود الأحفوري في إنتاج الطاقة”.
وقال: “إذا كان بإمكاننا عمل ذلك من الفضاء، وأنا أقول إذا كان بإمكاننا، لأننا لم نحقق ذلك بعد، فسيكون هذا رائعا تماما لأنه سيحل الكثير من المشكلات”.
ويمكن الحصول على الطاقة الشمسية بطريقة أكثر كفاءة في الفضاء، نظرا لانعدام الليل و الغيوم.
وكانت الفكرة قد طُرحت منذ ما يزيد عن 50 عاما، لكنها كانت صعبة للغاية ومكلفة جدا من حيث التنفيذ، وربما حتى الآن.
وكان العامل الحاسم في تغير الموقف من هذه الفكرة هو تراجع تكلفة إطلاق الصواريخ، بفضل تطوير صواريخ قابلة لإعادة الاستخدام وغيرها من الابتكارات التي طورها القطاع الخاص، فضلا عن التقدم في مجال روبوتات تعمل في الفضاء وتطوير تكنولوجيا نقل الكهرباء لاسلكيا من الفضاء إلى الأرض.
وتسعى وكالة الفضاء الأوروبية إلى الحصول على أموال من الدول الأعضاء بغية تمويل برنامجها البحثي الذي يحمل اسم “سولاريس”، والذي يهدف إلى معرفة إذا كانت هذه التطورات توفر إمكانية تطوير محطات طاقة شمسية في الفضاء يُعتمد عليها، ورخيصة التكلفة بما يكفي لجعلها مجدية من الناحية الاقتصادية.
وقال سانجاي فيجيندران، العالم في وكالة الفضاء الأوروبية والمشرف على برنامج سولاريس: “فكرة الطاقة الشمسية من الفضاء لم تعد خيالا علميا”.
وأضاف: “الإمكانات متوفرة ونحن الآن بحاجة إلى فهم المسار التكنولوجي بالفعل قبل اتخاذ قرار المضي قدما في مسعى لبناء شيء في الفضاء”.
ويتمثل الهدف الرئيسي لبرنامج سولاريس في تحديد ما إذا كان بالإمكان نقل الطاقة الشمسية المجمعة في الفضاء إلى شبكات الكهرباء على الأرض، وبالطبع لا يمكن عمل ذلك باستخدام كابل طويل للغاية، لذا يتعين إرسالها لاسلكيا باستخدام أشعة ميكروويف.
وأظهر فريق عمل البرنامج بالفعل أنه من الممكن، من حيث المبدأ، نقل الكهرباء لاسلكيا بأمان وكفاءة.
واستطاع مهندسون إرسال 2 كيلووات من الطاقة المجمّعة من الخلايا الشمسية لاسلكيا إلى محطات جمع على بعد أكثر من 30 مترا، خلال تجربة توضيحية في شركة “إيرباص” للفضاء الجوي في مدينة ميونيخ في سبتمبر/أيلول الماضي.
وتمثل الخطوة تقدما كبيرا في مجال نقل كميات كبيرة من الطاقة عبر آلاف الأميال، وبحسب جان دومينيك كوست، المسؤول في شركة إيرباص، لم تبق سوى خطوات صغيرة لتحقيق ذلك.
وقال: “لم يرصد فريق العلماء لدينا أي عوائق فنية تحول دون الحصول على طاقة شمسية من الفضاء”.
ووصف راي سيمبكين، كبير العلماء في شركة “إيمرود”، التي طورت نظام نقل الطاقة لاسلكيا، التكنولوجيا بأنها آمنة.
وقال لبي بي سي نيوز: “الطاقة منتشرة على مساحة كبيرة لدرجة أنه حتى في ذروة شدتها في بؤرة تركيزها لن تمثل خطورة على الحيوانات أو البشر”.
وكانت الولايات المتحدة والصين واليابان قد أحرزت تقدما في سباق تطوير الطاقة الشمسية الفضائية، ومن المتوقع أن تعلن عن خططها الخاصة قريبا.
وعلى صعيد آخر تأسست شركة “سبيس سولار” في المملكة المتحدة، وتهدف إلى دراسة إمكانية الاستفادة من الطاقة الشمسية من الفضاء في غضون ست سنوات، وتسويق ذلك تجاريا في غضون تسع سنوات.
وخلصت دراسة أجرتها الحكومة البريطانية، لا علاقة لها بخطة وكالة الفضاء الأوروبية، إلى أنه من الممكن استخدام قمر صناعي يمكنه إنتاج نفس الكمية من الكهرباء مثل محطة طاقة باستطاعة نحو 2 غيغاوات، بحلول عام 2040، وهو ما يتفق مع تقديرات وكالة الفضاء الأوروبية الخاصة.
بيد أن فيجيندران يقول إنه بالإمكان القيام بذلك في غضون 10 سنوات مع زيادة التمويل وتوافر الدعم السياسي الأكبر، على غرار الموعد النهائي الذي كان الرئيس الأمريكي السابق، جون كينيدي قد حدده عام 1961 لإرسال رائد فضاء أمريكي إلى سطح القمر.
وأضاف: “قد يشبه ذلك بالنسبة لجيلنا إرسال بعثة إلى سطح القمر”.