الطب البديل قد يقتلك حقًّا!

الطّب البديل هو علم زائف لم يثبت نجاحه، ولا تُعتبر العلاجات البديلة جزءًا من الرعاية الطّبية الأساسيّة. تقدّم بعض العلاجات البديلة منافع للمرضى، ولكنّها تعرّضهم أيضًا لمخاطر أكبر، ولم يثبت العلم والبحث الطّبيّ منافعها وفوائدها بعد. تتوفّر العديد من العلاجات الطّبيّة البديلة، ويستخدم قرابة 40% من البالغين في الولايات المتحدة الأميركيّة أحد أنواع العلاجات البديلة بانتظام. من الأمثلة على العلاجات البديلة استخدام العوامل الممخلبة التي تزيل المعادنَ الفائضة من الدّم في علاج الأمراض القلبيّة، وتتضمّن الأشكال الشّائعة من الطّب البديل:

• تقويم العمود الفقري: يهدف هذا العلاج إلى تحسين وظائف الجسم، ويساعده على شفاء ذاته طبيعيًّا، يُستخدَم على نحوٍ شائعٍ لعلاج مشاكل العمود الفقريّ، وآلام الرّأس والرّقبة، والصّداع.
• العلاج بالإبر: يهدف هذا العلاج الصّينيّ القديم إلى تحفيز الشّفاء الطّبيعيّ عبر تنبيه نقاطٍ معيّنةٍ، ويستخدم لعلاج العديد من الحالات مثل الألم، والغثيان، والأرق، والاكتئاب، والقلق، والعقم لكن لا يوجد أي مصدر علمي يؤكد نجاح هذا النوع من العلاج إنما الشعور المؤقت بالتحسن الذي يشعره المريض بعد العلاج يسمى بتأثير بلاسيبو أو ما يعرف العلاج بالوهم.
• طب الأعشاب: استخدام أجزاء النبات مثل الجذور، والأوراق، والثمار، والأزهار. يركّز طب الأعشاب على العلاج العضويّ لعددٍ من الحالات الصّحيّة، يستخدم 80% من الأشخاص حول العالم العلاج بالأعشاب طبقًا لمنظّمة الصّحة العالميّة.
• العلاجات بالطّاقة: علم زائف ولم يثبت صحته، تركّز هذه العلاجات المزعومة مثل العلاج بالحقل المغناطيسيّ، والعلاج باللّمس، والريكي على توجيه الطّاقة عبر الجسم لتحفيز الشّفاء الطّبيعيّ. توجد بعض الأدلّة البحثيّة على أنّ العلاج باللّمس يمكن أن يقلّل القلق والألم المعتدل لدى مرضى السّرطان، هذا أيضًا بسبب تأثير بلاسيبو.
• العلاجات المثليّة وهي علم زائف أيضًا.

على الرّغم من كون بعض العلاجات الطّبيّة البديلة مثل العلاج بالإبر والعلاج بالطّاقة قد أثبتت فائدتها في تخفيف الأعراض لدى بعض مرضى السّرطان، مثل الغثيان، والإقياء، والأرق، والاكتئاب، والتّوتر، والقلق، والتّعب، والألم، فقد تبيّن أنّها ليست قويّةً كفايةً لاستبدال علاجات وأدوية السّرطانات التّقليديّة بها، تساعد هذه العلاجات في تخفيف أعراض السّرطان، ولكنّها لا تعدّ علاجًا للمرض. بالنّسبة للمرضى الذين يعانون من السّرطانات القابلة للعلاج، أُثبت أنّ استخدام الطّب البديل قد يكون مميتًا.

يمكن أن تكون العلاجات الشّائعة مثل العلاج الكيميائيّ والإشعاعيّ والجراحة صعبةًّ بسبب آثارها الجانبيّة، ولكنها اختُبِرت وأُثبِتت فعاليّتها. قد يكون الطب البديل مميتًا لمرضى السّرطانات الذين يختارون هذه العلاجات عوضًا عن العلاجات التقليديّة للسّرطان. يعرّض الأشخاص الذين يختارون الطب البديل عوضًا عن العلاج التّقليديّ أنفسهم لأخطارٍ شديدةٍ ناتجةٍ عن تخلّيهم عن العلاجات المثبتة في محاربة السّرطان.

تؤدي التّأخيرات في العلاج التقليديّ للسّرطان إلى نموّ الورم وانتشاره إلى أعضاء أخرى من الجسم، حتى المرضى في المراحل الأولى من السرطان قد يحصلون على نتائج إيجابية أقلّ إذا أُخِّرت المعالجة الفعالة لفترةٍ من الزّمن، يمكن أن تقدّم العلاجات التقليديّة نوعًا من الرّاحة للمرضى عندما يصل السّرطان لمراحل متقدّمة ويكون علاجه غير ممكن.

تختلف العلاجات المتمّمة عن العلاجات البديلة، إذ تُستخدم العلاجات المتممة جنبًا إلى جنبٍ مع العلاجات التقليديّة، بينما يحلّ العلاج البديل محلّ العلاج التقليديّ، أمّا العلاج بتغيير نمط الحياة فيعني الوقاية من الأمراض وعلاجَها بتناول الطّعام الصّحيّ وممارسة الرّياضة وغيرها من العادات الصّحيّة دون استخدام الأدوية.

يرغب العديد من الأشخاص بالخضوع للعلاجات البديلة والمتممة، وذلك لأنها تستخدم الجسم بحد ذاته للعلاج أو علاجات موجودة في الطّبيعة، إذ يعتقد الغالبية أنّ المواد الطّبيعيّة آمنةٌ دومًا، ولكنّ هذا الاعتقاد خاطئٌ. تُعتبر العديد من المواد الطّبيعيّة سامّةً مثل السيانيد، إضافةً إلى ذلك تمتلك معظم المواد الطّبيعيّة هامشًا علاجيًّا ضيّقًا (يعني ذلك أنّ الكميّة التي تؤدّي إلى فائدةٍ علاجيّةٍ تكون أقلّ بقليلٍ فقط من الكميّة التي تسبّب الضّرر)، مثل الديجوكسين وهو دواء طبيعيّ مستخلصّ من نبتة الديجيتال (قفاز الثعلب) استخدم منذ عام 1700 لعلاج الفشل القلبيّ، وقد تؤدي إلى العديد من الآثار الجانبيّة الخطيرة، رغم أنّها قد تبدو سبلًا سهلةً وبسيطةً للعلاج. من هذه المخاطر نذكر:

• تأخير الجراحة أو العلاج الكيميائيّ والإشعاعيّ، ما قد يسبب انتشار الورم وزيادة حجمه لدى مرضى السرطان.
• أُثبت أنّ بعض العلاجات المتممة والبديلة قد تسبب آثارًا خطيرةً أو حتى الوفاة.
• يمكن أن تزيد بعض الفيتامينات والمعادن من خطر حدوث السرطانات في حال فَرطِ استخدامها.
لا بدّ من استشارة مقدّم الرعاية الطبية في حال الرّغبة بالعلاج باستخدام أحد الطرق البديلة، ولا بدّ من الانتباه لعدّة نقاط:
• احذر أيّ معالجةٍ تدّعي قدرتها على شفاء السّرطان وغيره من الأمراض صعبةِ العلاج، مثل التّعب المزمن، والإيدز، إذ لم تثبت هذه الادعاءات بعد.
• احذر المعالجات التي تدّعي تقديمها لفوائد دون وجود آثارٍ جانبيّة، فحتى الأعشاب والفيتامينات تمتلك آثارًا جانبيّة.
• احذر المروّجين الذي يطلبون عدم استخدام العلاجات الطبية التقليدية في حملاتهم الترويجيّة.
• احذر من الكلمات الترويجيّة مثل (العلاج المعجزة) و(العلاجات القديمة) و(المكونات السريّة)، احذر كذلك القصص الشّخصيّة التي تتحدّث عن نتائجَ مبهرة دون وجود إثباتٍ علميّ.
• تحقّق من التدريب العلميّ للشّخص الذي يقدّم العلاج البديل، تحقّق من كونهم أطباء حقيقيين أو خبراء في علاج السّرطان.
• تحقّق من أنّ دراسة تأثيرات هذه العلاجات قد أُجريت على البشر، وليس فقط على الحيوانات، تحقّق أيضًا من الآثار الجانبيّة التي قد تسبّبها هذه العلاجات، ومن تداخلها مع العلاجات التقليدية.
• تحقّق من كون الدّراسات منشورةً في مجلّةٍ عالميّة محكّمة من قبل أخصائيّين في نفس المجال، وليس فقط في الإعلام والمجلّات والبرامج التلفازيّة.

تزايدت الدراسات على العلاجات البديلة، وفي الواقع فإنّ بعض العلاجات أُثبتت فعاليتها حقًا، ولكن لعلاج حالاتٍ أخرى غير المستخدمة لعلاجها، فمثلًا أُثبت أنّ العلاجَ بالإبر يساعد في تخفيف الغثيان النّاتج عن العلاج الكيميائيّ، ولكنّه لم يثبت فعاليّةً أكبر من البلاسيبو في تخفيف آلام الظّهر، بالإضافةً إلى ذلك، فقد لا تكفي بعض الدّراسات السّريريّة لإثبات النّتائج رغم تصميمها الجيّد، لذلك لا بدّ من تكرار التّجارب بسبلٍ مختلفةٍ لتأكيد النّتائج، وقبولها في المجتمع الطّبيّ.

nasainarabic.net