- ريبيكا جونز
- مراسلة الفن – بي بي سي نيوز
قبل 54 دقيقة
بعد 22 عاماً على فقدانهما، أعيد، إلى جامعة كامبريدج، دفترا مذكرات “مسروقان”، كتبهما تشارلز داروين بخط يده.
وتبلغ قيمة الدفترين الصغيرين المغلفين بالجلد ملايين الجنيهات، ويتضمنان رسم “شجرة الحياة” بقلم عالم التاريخ الطبيعي البريطاني الشهير.
وأعيد الدفتران في ظروف غامضة، بعد 15 شهراً من تسليط بي بي سي الضوء على اختفائهما، وإطلاق مكتبة الجامعة نداء عالمياً للعثور عليهما.
وتقول أمينة مكتبة الجامعة الدكتورة جيسيكا غاردنر: “أشعر بالسعادة”.
وعلت وجهها ابتسامة عريضة وهي تشرح ما حدث، ولم تستطع التوقف عن الابتسام. وقالت: “إنهما في أمان، وحالة جيدة، وعادا إلى مكانهما”.
ولكنّ من أعاد المفكرتين اللتين تبلغ كل منهما حجم بطاقة بريدية، “مجرم حقيقي”، إذ أنه تركهما في حقيبة هدايا زهرية زاهية تحتوي على الصندوق الأزرق الأصلي الذي كانتا تحفظان فيه.
وأرفق الطرد برسالة قصيرة مطبوعة كتب عليها: “أمينة المكتبة، عيد فصح سعيد”. وكان التوقيع حرف إكس x.
وفي داخل الحقيبة وجد الدفتران مغلفين بإحكام في غلاف بلاستيكي. وترك الطرد على الأرض، في جزء عام من المكتبة ليس فيه كاميرات مراقبة، خارج مكتب الدكتورة غاردنر.
وتحدثت غاردنر عن رد فعلها عندما رأت الحقيبة ومحتوياتها لأول مرة في 9 مارس/آذار: “كنت أرتجف، لكنني كنت أيضاً حذرة لأننا يجب أن نتأكد 100 في المئة قبل فتحها”.
وأعقب ذلك تأخير مؤلم استمر خمسة أيام بعد العثور على الطرد ومنح الشرطة الإذن بفتح ورق التغليف وفحص المفكرتين والتأكد من أنهما الأصليتان.
وتقول الدكتورة غاردنر بخجل: “ذرفنا الكثير من الدموع، ولا زلنا على الأرجح، لأننا لم نتجاوز حالة الانهيار العاطفي بعد، فاستعادة المفكرتين تعني الكثير بالنسبة إلينا”.
وتعترف غاردنر بأنها كانت تخشى عدم استعادة الدفترين في حياتها، قائلة: “اعتقدت أن الأمر قد يستغرق سنوات. إحساسي بالارتياح لعودة دفتري الملاحظات غامر ويكاد يكون من المستحيل التعبير عنه بشكل مناسب”.
وأضافت: “شعرت بالحزن عندما علمت بفقدهما وفرحت بعودتهما فرحة هائلة”.
ويعود تاريخ دفتري الملاحظات إلى أواخر ثلاثينيات القرن التاسع عشر بعد عودة داروين من جزر غالاباغوس. وفي إحدى الصفحات رسم مخطط طويل لشجرة، مما ساعد في استلهام نظريته عن التطور. وبعد أكثر من 20 عاماً أصبحت نظرية أساسية في عمله الرائد حول أصل الأنواع.
ويقول جيم سيكورد، الأستاذ الفخري للتاريخ وفلسفة العلوم بجامعة كامبريدج: “إنهما من أكثر الوثائق تميزاً في تاريخ العلم بأكمله”.
وشوهدت المخطوطتان آخر مرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2000 بعد “طلب داخلي” لرفعهما من غرفة المجموعات الخاصة بالمكتبة لتصويرهما.
ولكن لم تعرف المكتبة بفقدهما إلا خلال فحص روتيني بعد شهرين. واعتقد أمناء المكتبة في البداية أنهما أعيدا إلى المكان الخطأ في مكتبة الجامعة الواسعة، التي تحتوي على أكثر من 10 ملايين كتاب وخريطة ومخطوطة.
وعلى الرغم من عمليات البحث المختلفة لم يظهر الدفتران مطلقاً، وفي عام 2020 توصلت الدكتورة غاردنر إلى أنها ربما سرقا. واستدعت الشرطة وأبلغت الإنتربول.
وكان البروفيسور سيكورد واحداً من عدد من الأكاديميين والخبراء الذين فحصوا المخطوطتين المعادتين وتوصلوا إلى أنهما أصليتان. وشرح لي “سطور الأدلة” التي بحثوا عنها.
فقال: “يستخدم داروين أنواعاً مختلفة من الحبر في دفاتر الملاحظات. ففي صفحة شجرة الحياة الشهيرة، على سبيل المثال، يوجد حبر بني وحبر رمادي أيضاً. ومن الصعب جدا صياغة هذا النوع من التغييرات بشكل مقنع”.
وأضاف: “يمكنك أن ترى قطع النحاس الصغيرة التي تخرج من مكان المفصلات. ونوع الورق هو النوع الصحيح من الورق”.
“هذه هي العلامات الصغيرة التي يمكن لفريق الباحثين في مكتبة الجامعة استخدامها للقول بأن الدفترين أصليان”.
وتضيف الدكتورة غاردنر أن الدفترين “في حالة جيدة بشكل ملحوظ”. وتؤكد: “كل صفحة موجودة في مكانها”.
وتقول: “أتعجب أين كانا. إذ لم يتعامل معهما كثيراً، ومن الواضح أنهما حظيا بعناية فائقة، أينما كانا”.
“أعتقد أن ما يمكننا التكهن به على الأرجح هو أنهما كانا في مكان جاف، ولم يتعرضا للرطوبة”.
ويحتفظ بالدفترين الآن في غرفة آمنة في المكتبة، لكنهما سيعرضان للجمهور في يوليو/تموز كجزء من معرض مجاني عن داروين.
ولكن لا يزال هناك الكثير من الأسئلة المثيرة للاهتمام. من أخذ الدفترين؟ ومن أعادهما؟
قد تدل الكاميرات الأمنية في النهاية على بعض القرائن. على الرغم من عدم وجود كاميرات مراقبة في المكان الذي تركت فيه حقيبة الهدايا الشهر الماضي، فإن هناك كاميرات خارج المبنى تراقب الجزء الأمامي والخلفي من المكتبة بالإضافة إلى غرف القراءة المتخصصة والأقبية بالداخل.
وتقول الدكتورة غاردنر: “أرسلنا تسجيلات الكاميرات التي لدينا إلى الشرطة. فهذا أمر يخص التحقيق المباشر.”
أما شرطة كامبريدشير فقالت: “لا يزال تحقيقنا مفتوحا ونحن نتابع بعض الخطوط. كما نجدد مناشدتنا لأي شخص لديه معلومات بشأن القضية أن يتصل بنا”.