- إيلنا شوتز
- مراسلة الشؤون الاقتصادية
قبل 18 دقيقة
يقول الناشط في مجال الحفاظ على البيئة، ليونيداس نزيجييمبا “لا يمكنك تنظيم وإدارة ما تجهله”.
ويضيف: “من أجل تحسين وضع الغابات، نحتاج إلى استخدام تكنولوجيا جديدة”.
وليونيداس نزيجييمبا هو المشرف الرئيسي على خمس مناطق حرجية محمية في بوروندي، الدولة الصغيرة الواقعة في وسط أفريقيا.
على مدى العقدين الماضيين، عمل هو وفريقه مع المجتمعات المحلية لحماية الغابات وإدارتها، ويشرق وجه نزيجييمبا عندما يصف الرائحة المنعشة وجمال المناطق، ويقول: “إنها طبيعة نقية”.
ويتعين على نزيجييمبا أخذ مجموعة من العوامل بعين الاعتبار لدى أدائه لعمله، من بينها مراقبة تأثير النشاط البشري والاقتصادات، وتتبع التنوع البيولوجي وتأثير تغير المناخ، بالإضافة إلى أعداد الموظفين والميزانيات.
ولمساعدته على تتبع كل هذا وتسجيله، يستخدم الآن أحدث إصدار من برنامج مجاني يسمى تقنية فعالية الإدارة المتكاملة.
وقد طُورت تلك التقنية خصيصا لمثل هذا العمل البيئي من خلال مشروع يسمى بايوباما Biopama (برنامج إدارة التنوع البيولوجي والمناطق المحمية). ويحظى البرنامج بدعم كل من الاتحاد الأوروبي والدول الـ 79 الأعضاء في منظمة أفريقيا والكاريبي والمحيط الهادئ.
يقول نزيجييمبا: “نستخدم هذا النوع من التقنيات بغية تدريب مديري الموقع على استخدامها لجمع بيانات جيدة، وتحليل هذه البيانات، من أجل اتخاذ قرارات جيدة”.
ولا يعد تتبع غابات العالم وحمايتها أمرا مهما للمجتمعات المحلية والاقتصادات الأكثر تضررا بشكل مباشر وحدها، إذ يسهم انحسار الغابات وزوالها في تغير المناخ، لذا فإن الحفاظ على الغابات يمكن أن يساعد في التصدي للأضرار المناخية.
ووفقا للأمم المتحدة، يفقد العالم حوالي 10 ملايين هكتار (25 مليون فدان) من غاباته كل عام.
ويعد زوال الغابات هذا مسؤولا عن 20 في المئة من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم، وفقا لصندوق الحياة البرية العالمي، الذي يضيف أنه “من خلال الحد من فقدان الغابات، يمكننا تقليل انبعاثات الكربون ومكافحة تغير المناخ”.
وفي إطار محاولة لاستعادة الغابات والموائل الطبيعية الأخرى في جميع أنحاء العالم، أطلقت الأمم المتحدة العام الماضي عقد الأمم المتحدة لاستعادة النظام البيئي. وقد أدى ذلك إلى تعهد البلدان والشركات والمنظمات الأخرى باتخاذ إجراءات لمنع ووقف وعكس تدهور النظم البيئية في جميع أنحاء العالم.
تقول يلينا فينيغول، مسؤولة الغابات في منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو): “مجرد القول بأننا سنستعيد الغابات ليس كافيا..فهناك حاجة للتخطيط المسؤول لكيفية عمل آلية استعادة النظام البيئي، تليها الإجراءات العملية المتخذة على أرض الواقع والتي يتم تمكينها من خلال الاستثمارات في استعادة النظم البيئية، وأنظمة المراقبة المطبقة لتتبع استعادة تلك النظم”.
أدى هذا التركيز المتزايد على الغابات إلى ظهور أدوات رقمية جديدة لجمع البيانات وفرزها واستخدامها بشكل أفضل.
أحد هذه المواقع هو موقع منظمة الأغذية والزراعة الخاص بإطار رصد النظام الإيكولوجي فيرم (Ferm). تم إطلاق الموقع العام الماضي، ويستخدم صور الأقمار الصناعية لتسليط الضوء على التغيرات في الغابات حول العالم. الخرائط والبيانات يمكن الوصول إليها من قبل أي من مستخدمي الإنترنت، سواء أكانوا علماء أو مسؤولين حكوميين أو رجال أعمال أو أشخاص عاديين.
مصدر البيانات الرئيسي لـ Ferm هو وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، ونظام التحقيق في ديناميكيات النظام البيئي العالمي. يُعرف اختصارا باسم جاداي Gedi، ويُنطق هذا الاختصار مثل كلمة جاداي التي تعود لأحد الشخصيات من سلسلة أفلام حرب النجوم Star Wars. وكنوع من التيمن بهذه السلسلة السينمائية، فإن شعارها هو “عسى أن تكون الغابة معك” على غرار الجملة الشهيرة التي تستخدم في كافة أجزاء تلك السلسلة “عسى أن تكون القدرة معك”.
وفي الواقع فإن التكنولوجيا نفسها تبدو خيالا علميا تحول إلى واقع. تقول لورا دنكانسون، التي تساعد في قيادة مشروع جاداي من قسم العلوم الجغرافية بجامعة ماريلاند: “نطلق أشعة الليزر على الأشجار من محطة الفضاء الدولية”.
وتضيف الدكتورة دنكانسون، وهي خبيرة رائدة في الاستشعار عن بعد: “نستخدم الطاقة المنعكسة لرسم خرائط ثلاثية الأبعاد للغابات، بما في ذلك ارتفاعها وكثافة المنطقة الظليلة ومحتوى الكربون.. هذه تقنية جديدة مثيرة لأننا على مدى عقود كنا قادرين على مراقبة انحسار الغابات من الفضاء، ولكن الآن مع جاداي يمكننا تحديد انبعاثات الكربون المرتبطة بفقدان الغابات بشكل أكثر دقة”.
يتم توفير الخرائط والبيانات أيضا لـ Ferm من قبل شركة بيزنيس بلانيت لابس Business Planet Labs النرويجية، التي تشغل أكثر من 200 قمر صناعي مزودين بكاميرات. تلتقط هذه الأقمار حوالي 350 مليون صورة لسطح الأرض يوميا، تغطي كل منها مساحة كيلومتر مربع واحد.
يمكن أيضا استخدام Planet Labs مباشرة من قبل الحكومات والشركات في جميع أنحاء العالم. وبالإضافة إلى مراقبة الغابات، يمكن استخدام كاميراتها لفحص كل شيء من الجفاف إلى الزراعة والطاقة ومشاريع البنية التحتية، بالإضافة إلى مراقبة البنى التحتية الرئيسية، مثل الموانئ.
يقول ريمي دانونزيو، مسؤول الغابات في منظمة الأغذية والزراعة (فاو)، إن جميع الصور المتاحة من الفضاء “قد غيرت بشكل كبير الطريقة التي نراقب بها الغابات، لأنها زودتنا بمشاهدات قابلة للتكرار ومراقبة متكررة بشكل كبير للأماكن”.
ويضيف: “فعليا ومع كل هذه الأقمار الصناعية المتاحة للجمهور مجتمعة، بات يمكننا الحصول على لقطة كاملة للأرض كل أربعة إلى خمسة أيام”.
ومن الأمثلة على كيفية استخدام كل هذه المراقبة شبه الآنية عبر Ferm، المخططات التجريبية في فيتنام ولاوس التي تحاول معالجة مشكلة قطع الأشجار غير القانوني. يتم إرسال تنبيهات، إلى حراس الأحراش والمتطوعين من عمال الخدمة الاجتماعية، على هواتفهم المحمولة عند اكتشاف زوال غابات جديدة.
يقول مسؤول الغابات في منظمة الأغذية والزراعة، أكيكو إينوغوتشي :”ما نحاول فعله حاليا ليس فقط فهم حجم الغابات المفقودة، ولكن أيضا أين يتم فقدها على وجه التحديد في هذه المنطقة أو تلك، حتى نتمكن من مراقبة الخسارة، وحتى نتمكن من منع الأوضاع من التدهور، بشكل شبه فوري”.