تتضمن صور تيتان قمر زحل الست 13 عامًا من البيانات التي جمعتها مركبة كاسيني الفضائية التابعة لناسا. حقوق الصورة: ناسا/مختبر الدفع النفاث – معهد كاليفورنيا للتقنية/جامعة نانت/جامعة أريزونا.

يزداد قمر زحل، تيتان، غرابةً وإثارةً عندما يتعلق الأمر بآمال العلماء في الحياة خارج الأرض.

ربما يكون تيتان هو المكان الأكثر شبهًا بالأرض في نظامنا الشمسي، باستثناء المكونات المختلطة التي يحويها كمحيط تحت الأرض، وتضاريس جليدية مائية بدلًا من الصخور، وأمطار المركبات العضوية، وغلاف جوي أكثر كثافةً من غلافنا الجوي.

تضيف اثنتان من نتائج البحث الجديدة مزيدًا من الدسائس إلى هذا القمر الغريب، إذ تحددان مادة كيميائية غير متوقعة في الغلاف الجوي لتيتان وأدلةً على ظواهر سطح أكثر تعقيدًا مما أدركه العلماء سابقًا.

قالت ميليسا ترينر Melissa Trainer، عالمة الأحياء الفلكية في مركز جودارد لرحلات الفضاء Goddard Space Flight Center التابع لناسا في ماريلاند، في بيان: “نفكر في تيتان كمختبر حقيقي حيث يمكننا أن نرى كيمياء مماثلة لتلك الموجودة في الأرض القديمة عندما كانت الحياة تترسخ هنا”. لم تشارك ترينر في أي من المقالات الجديدة لكنها نائب المحقق الرئيسي في مهمة دراجونفلاي Dragonfly التابعة لناسا والتي ستنطلق إلى تيتان في عام 2027 وتصل في عام 2034.

إن افتتان العلماء بكيمياء تيتان هو ما يجعل النتائج الجديدة مثيرة للاهتمام للغاية. حوّل الباحثون مصفوفة أتاكاما الكبيرة المليمترية/ما دون المليمترية Atacama Large Millimeter/submillimeter Array (ALMA) في تشيلي نحو القمر واكتشفوا التوقيع الكيميائي للسيكلوبروبينيليدين Cyclopropenylidene، وهو مركب مثلثي غريب يتكون من ثلاث ذرات كربون وذرتي هيدروجين.

ويقول كونور نيكسون Conor Nixon، عالم الكواكب في جودارد، في نفس البيان: “تيتان فريد من نوعه في نظامنا الشمسي، لقد ثبت أنه كنز دفين من الجزيئات الجديدة”.

السيكلوبروبينيلين هو الوحيد الأحدث منها، ويقول الباحثون إن العثور عليها أمر مثير للدهشة، لأن المادة الكيميائية غير المعروفة صديقة جدًا: إذا كانت هناك مركبات أخرى بالقرب منها فإنها تميل إلى التفاعل ما يلغي توقيع السيكلوبروبينيلين.

لذلك بينما وجد العلماء المركب في الكون فإنه عادةً ما يكون في المناطق الشاسعة والباردة وشبه الفارغة بين أنظمة النجوم – بالكاد بيئة مثل بيئة تيتان على الرغم من أن المادة الكيميائية وجدت فقط في الغلاف الجوي العلوي الرقيق للقمر.

يعد المركب الذي رُصِد حديثًا مثيرًا للاهتمام لأنه المادة الكيميائية الثانية الموجودة في تيتان، إذ تلتصق ذرات الكربون ببعضها البعض لبناء عمود فقري يشبه الحلقة. تشكل المواد الكيميائية الأخرى التي لها هذا النوع من البنية ضرورية للجزيئات الجزء المحتوي على المعلومات من الحمض النووي.

قال ألكسندر تيلين Alexander Thelen، عالم الأحياء الفلكية في جودارد الذي عمل في البحث، في البيان نفسه: “الطبيعة الدورية لها تفتح هذا الفرع الإضافي من الكيمياء الذي يسمح لك ببناء هذه الجزيئات المهمة حيويًا”. فحص الباحثون في وقتٍ لاحقٍ البيانات المؤرشفة التي جمعتها بعثة كاسيني التابعة لوكالة ناسا، والتي درست نظام زحل من عام 2004 إلى عام 2017 وشاهدوا أدلةً داعمة على السيكلوبروبينيلين في تلك الملاحظات.

إن العثور على مثل هذا المركب المحير في الغلاف الجوي العلوي لتيتان أمر مثير للاهتمام بشكل خاص، لأن العلماء يعتقدون أن التفاعلات التي يحركها ضوء الشمس في المنطقة تحول مركبات تيتان البسيطة إلى جزيئات ثقيلة ومعقدة بشكل متزايد تتساقط في النهاية على سطح القمر.

وُصف البحث في ورقة بحثية، وقد نُشر في المجلة الفلكية في 15 تشرين الأول/أكتوبر.

تظهر الصورة خريطة للحفر التسع التي حللها العلماء في البحث الجديد. حقوق الصورة: السيد سليمانيدو Solomonidou وآخرون، 2020. وحقوق الخريطة فالخلفية للسيد لي موليك Le Mouélic وآخرون، 2019.

تظهر الصورة خريطة للحفر التسع التي حللها العلماء في البحث الجديد. حقوق الصورة: السيد سليمانيدو Solomonidou وآخرون، 2020. وحقوق الخريطة فالخلفية للسيد لي موليك Le Mouélic وآخرون، 2019.

تغيير الحفر


يُعد هذا السطح موقع الاكتشافات الحديثة الأخرى حول القمر الغريب، والتي نشأت عندما درس الباحثون بيانات كاسيني حول تسع حفر كبيرة على سطح تيتان.

في البداية أدركوا أن هذه الحفر أتت بنكهتين مختلفتين، وأنهما منفصلتان جغرافيًا.

كانت الفوهات حول خط استواء تيتان تقع في الكثبان وتحتوي على مواد عضوية حصرية ثم تُرش بالرمل. وفي شمال وجنوب تلك المنطقة عُثِر على حفر في السهول تضمنت كلًا من جليد الماء والمواد العضوية ثم غمرت في أمطار الميثان وحمل أي رمال تتساقط فيها.

وقالت أنيزينا سولومونيدو Anezina Solomoidou، الزميلة البحثية في وكالة الفضاء الأوروبية والمؤلفة الرئيسية للدراسة الجديدة، في بيان لوكالة ناسا: “الجزء الأكثر إثارةً من نتائجنا هو أننا وجدنا دليلًا على السطح الديناميكي لتيتان مخفيًا في الحفر، مما سمح لنا باستنتاج إحدى أكثر القصص اكتمالًا لسيناريو تطور سطح تيتان حتى الآن. يقدم تحليلنا المزيد من الأدلة على أن تيتان لا يزال عالمًا ديناميكيًا في يومنا هذا”.

من بين المواقع التي درسها الباحثون موقع يدعى سيلك Selk، حيث وجد العلماء فوهة بركان مغطاة بمواد عضوية دون أي علامة على هطول أمطار الميثان. لكن لدى فوهة سيلك شيئًا مميزًا، ولذلك فمن المقرر بالفعل أن تقوم مهمة دارجونفلاي بزيارة فوهة البركان واستكشافها، الأمر الذي يمنح العلماء رؤية أفضل لما يحدث على سطح تيتان.

nasainarabic.net