- بول رينكون
- محرر الشؤون العلمية – بي بي سي نيوز
قبل ساعة واحدة
تخيل جسوراً خرسانية يمكنها معالجة التصدعات والكسور التي تحدث فيها ذاتياً من دون تدخل بشري، أو أجهزة متناهية الصغر تحقن في الجسم من أجل علاج المرض.
هذا مجرد تطبيقين لفئة من المواد الذكية التي تتغير وتتكيف مع بيئتها.وهي مواد مستوحاة من الكائنات الحية. ولهذه المواد القدرة على تغيير طريقة حياتنا وفقاً لتقرير جديد.
لكن استخدامها قد يتطلب وجود تشريعات تنظم ذلك لتجنب الآثار الجانبية التي قد تنجم عن ذلك حسب وثيقة صادرة عن الجمعية الملكية في المملكة المتحدة.
بعض المواد “الحية” موجودة فعلاً وهي قيد الاستخدام مثل الطلاء والإسمنت ذاتي المعالجة أو الإصلاح القادر على إصلاح نفسه، لكن المزيد من التطبيقات في طريقها للظهور.
وقال البروفيسور مارك ميودونيك، أحد المشاركين في صياغة التقرير: “هذا قرنٌ حاسم حقاً لنا. ننطلق من رؤية غير حية للمواد التي نصنعها، هي متطورة لكنها تتفكك، ونتجه إلى اعتماد رؤية بيولوجية أكثر للأشياء التي سنقوم بإنتاجها”.
“إذا تضررت الجسور في المستقبل، ستدرك ذلك بنفسها، وعندها ستكون قادرة على فعل شيء ما حيال ذلك”
هناك طريقتان رئيسيتان لإنتاج الخرسانة ذاتية الإصلاح. الأولى تستخدم كبسولات مزروعة في الخرسانة تسد الصدوع في الخرسانة عندما تنشأ. تقوم الكبسولات بإطلاق مادة مستخلصة من البيتومين تتصلب عند تعرضها للهواء والماء وتملأ الفجوات والشقوق.
أما الطريقة الثانية فهي تعتمد أيضاً على الكبسولات، ولكنها تكون محشوة بالبكتيريا. وعندما تتشقق الخرسانة، تطلق الكبسولات تلك البكتيريا التي تنتج الكالسيت المعدني لمعالجة الضرر الحاصل.
وجرت بالفعل تجربة هذه التقنية على الطرقات في المملكة المتحدة.
وتوجد تطبيقات أخرى لمواد ذاتية المعالجة مثل شاشات الهواتف المحمولة التي يمكنها إصلاح نفسها عند التصدع، والأجهزة الإلكترونية التي تعيد إصلاح الدوائر الإلكترونية التالفة فيها، وتستعيد عملها.
وقال البروفيسور ميودونيك: “السؤال من وجهة نظري ليس إن كان ذلك ممكناً بل متى متى يدخل ذلك حيز التنفيذ، أما بخصوص ما إذا كان هذا التقرير سابق لأوانه، لا أرى أبداً أنه سابق لأوانه”.
“إنكم ترون الكثير من التطبيقات الصغيرة في هذا المجال على أرض الواقع. لذا حان الوقت الآن لجمع الجهات العلمية معاً لتقول: “نحن سائرون في هذا الطريق، لذلك دعونا الآن نغير طريقة عملنا، في الوقت الحالي العديد من الجهات تستخدم هذه التطبيقات وتعمل منفردة بشكل تام وفي مجالات متفرقة تعمل فيها كل جهة لوحدها، لا روابط بينها ولا يجمعها هدف مشترك”.
الطب هو مجال كبير آخر من المتوقع أن يشهد استخدام المواد الحية فيها على نطاق واسع.
يمكن حقن أجهزة مجهرية تعمل على المدى الطويل في مجرى الدم للقيام بجراحات صغيرة أو معالجة الضرر أو القيام بعمليات جس وجمع البيانات. يمكن دفع هذه الروبوتات الصغيرة بواسطة محركات صغيرة تعمل بالطاقة الناتجة عن التفاعلات الكيميائية.
ويمكنها توصيل الأدوية إلى نقاط محددة في الجسم، مثل الأورام. وهذا من شأنه أن يجنب المريض الضرر الذي قد يلحق بباقي الجسم والذي ينجم عن طرق العلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي المنتشرة حالياً.
الملابس الذكية
قد تكون الملابس أيضاً مجالاً يمكن تطبيق هذه التقنية فيها. قال البروفيسور ميودونيك: “هناك بعض التطبيقات المثيرة في هذا المجال، باستطاعتها تغيير شكل ملابسك أو تغيير الألوان حسب حالتك المزاجية”.
ولكن قد تكون هناك أيضاً استخدامات لهذا التقنية في مجال الطب عند التعافي من الإصابات أومن العمليات الجراحية.
وقال أستاذ علوم المواد بكلية لندن إنه باستخدام التكنولوجيا القابلة للارتداء، يمكن أن تكون لديك أجهزة استشعار في الملابس. إذا كنت تتعافى من جراحة في الكتف مثلاً، فيمكن لهذه المستشعرات أن تخبر المريض والطبيب بمقدار حركة الكتف”.
ويقول تقرير الجمعية الملكية إنه كلما أصبحت المواد “الحية” أكثر شيوعاً، فإنها ستشكل تحديات للجهات التنظيمية.
في المستقبل، ستكون هذه المواد والأنظمة التي تشكل جزءاً منها، قادرة على العمل دون تدخل بشري. هذا يعني أنها قد تتصرف أو تعمل ذاتيا دون تدخل بشري وبشكل غير متوقع.
ويمكن أن يثير استخدامها القلق من ناحية السلامة، وكذلك قضايا أخلاقية وعملية.
ويقول التقرير: “ستكون هناك حتماً حاجة إلى تشريع تنظيمي في هذا المجال”.
يوافق البروفيسور ميودونيك على أن تطوير مواد “حية” جديدة لتطبيقات متنوعة يمكن أن يكون من صلب عمل هيئة علمية جديدة مقترحة في المملكة المتحدة على غرار وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة ( DARPA) في الولايات المتحدة.
وستقوم الهئية الجديدة بـأبحاث “بلو سكايز” دون وجود ضمانات بتحقيق النتائج المرجوة ولكنها ستكون مجزية للغاية في حال النجاح.