قبل 27 دقيقة

عظام بشرية

صدر الصورة، NOTIZIE DEGLI SCAVI DI ANTICHITA,1934, P. 286, FI

التعليق على الصورة،

صورة ملتقطة عام 1934 لرفات شخصين تم العثور عليهما في ما يعرف باسم بيت الحرفيين في مدينة بومبي القديمة

تمكن باحثون من استخراج أسرار جينية من عظام رجل وامرأة كانا بين ضحايا بركان فيزوف الذي دفن أحياء مدينة بومبي الإيطالية قبل نحو ألفي عام.

وقال الباحثون إن هذا هو أول جينوم بشري بكامل خواصه الجينية تقريبا يتم الحصول عليه من رفات ضحايا بركان فيزوف. وظلت المادة الوراثية لضحايا ذلك البركان القديم محفوظة في الرفات التي تحوّلت بفعل رماد البركان والزمن إلى مواد صلبة.

ونُشر هذا الكشف البحثي في دورية “ساينتيفك ريبورتس” العلمية.

وكانت الضحيتان اللتان استُخرجت الأسرار الجينية من عظامهما، قد اكتُشفتا عام 1933 في مكان يطلق عليه علماء الآثار في بومبي اسم “كاسا دِل فابرو” أو منزل الحرفيين.

وكانت الضحيتان مُسترخيتين في ركن بحجرة الطعام، مما يوحي بأنهما كانتا تأكلان وقت انفجار البركان في الـ 24 من أغسطس/آب سنة 79 للميلاد.

وكانت دراسة قد اقترحت أن سحابة ضخمة من رماد بركان فيزوف استطاعت قتل كل سكان مدينة بومبي في أقل من 20 دقيقة.

ولم تكن الشخصيتان صاحبتا المادة الوراثية المكتشفة تحاولان الهرب من ثورة البركان، بحسب الباحثة سيرينا فيفا من جامعة سالينتو الإيطالية.

وتقول سيرينا لبي بي سي: “يبدو من وضعية جسمَي الضحيتين أنهما لم تكونا في حالة هروب. وربما ترجع عدم محاولتهما الهرب لأسباب صحية”. وهو ما أشارت إليه نتائج دراسة عظام الضحيتين.

وقال غابرييل سكورانو الباحث في مركز جيوجينيتكس في كوبنهاجن، “إن الأمر كله متعلق باحتفاظ الهياكل العظمية بحالتها. هذا هو أول ما نبحث عنه، وقد بدت الحال مبشّرة، ما شجّعنا على محاولة استخراج المادة الوراثية من تلك العظام”.

باحثة وعظام

صدر الصورة، SERENA VIVA

التعليق على الصورة،

الباحثة سيرينا فيفا تفحص أحد هياكل ضحايا بركان فيزوف

وبفضل الحالة الجيدة لهياكل الضحايا وآخر التقنيات المعملية، تمكّن الباحثون من استخراج قدر هائل من المعلومات من قلب “قدر صغير من العظام المسحوقة”، بحسب الباحث سكورانو.

ويشير سكورانو إلى أنه أصبح ممكنا باستخدام آلات تقنية حديثة قراءة عدد من صحائف الحالة الوراثية (الجينوم) في وقت واحد.

وكشفت الدراسة الجينية أن الهيكل العظمي للرجل احتوى على مادة وراثية خاصة ببكتيريا مسببة لمرض الدرن الرئوي، مما يوحي بأنه ربما كان يعاني المرض قبل أن يداهمه بركان فيزوف.

كما احتوى جزء صغير من عظام جمجمته على مادة وراثية كافية للتعرّف على رمزه الجيني بشكل كامل.

وأظهرت الدراسة أن هذا الرجل حمل “علامات جينية” -أو إشارات مميِّزة في رمزه الجيني- مشابهة لأفراد آخرين كانوا يعيشون في إيطاليا إبان الإمبراطورية الرومانية.

كما أظهرت الدراسة أن الرجل ذاته حمل مجموعة من الجينات الشائعة في جزيرة سردينيا، ما يوحي بأنه كان هناك تنوّع جينيّ بمستويات عالية في شبه الجزيرة الإيطالية في ذلك الزمان.

ويقول الباحث سكورانو إنه ما يزال هناك الكثير مما يمكن الكشف عنه عبر الأبحاث البيولوجية في مدينة بومبي – بما في ذلك كشوفات تتعلق بالمواد الوراثية، على نحو كفيل بدوره بالكشف عن مزيد من الثراء البيولوجي الذي كان يزخر به ذلك العهد القديم.

يقول سكورانو: “بومبي جزيرة رومانية لدينا لها صورة من يوم واحد من عام 79 للميلاد”.

وترى الباحثة سيرينا فيفا، أن كل جسم بشري يتم العثور عليه في بومبي يعدّ بمثابة “كنز”. وتقول في ذلك: “هذه الأجسام هي شهود على واحد من أهم الأحداث التاريخية في العالم، والعمل مع هذه الأجسام يعتبر بالنسبة لي أمرا عاطفيا للغاية وبالغ الأهمية”.

وفي عام 79 للميلاد ثار بركان جبل فيزوف بمدينة بومبي القديمة التي تقع على مقربة من نابولي الإيطالية. وطُمرت المدينة القديمة تحت الغبار البركاني ليتجمد سكانها في الأوضاع نفسها التي كانوا عليها لحظة ثورة البركان، مما ترك المنطقة مصدرا غنيا بالاكتشافات بالنسبة لعلماء الآثار والباحثين في علوم الأنثروبولوجيا وغيرها.

بي بي سي العربية