حديقة يلوستون الوطنية.
في حين أن الكثير من الانتباه العام في يلوستون يركز على قدرتها على إنتاج انفجارات كبيرة وهائلة، فإن المخاطر التي من المُرجَح أن تحدث هي انفجارات مائية حرارية عنيفة أصغر.
تحدث الانفجارات الحرارية المائية عندما يتحول الماء الذي قارب على الغليان فجأةً إلى بخار، ما يؤدي لإطلاق كميات كبيرة من الطاقة.
يؤدي إطلاق الطاقة إلى كسر الصخور في الأسفل، وغالبًا ما تترك وراءها فوهة. نفس المصادر التي يمكن أن تنتج هذه الانفجارات هي التي تعطي منطقة يلوستون ينابيعها الساخنة المعروفة، وفواراتها المائية الحارة، بالاضافة إلى دخاناتها.
تستضيف منطقة بحيرة يلوستون في منتزه يلوستون الوطني ما لا يقل عن ثمانية فوهات كبيرة ناتجة عن الانفجارات الحرارية المائية، بما في ذلك ثلاثة من أكبر الفوهات الحرارية المائية المعروفة على الأرض. مقارنةً بالمناطق الأخرى المُهِمَـة في يلوستون، لم تُدرَس فوهات الانفجار الحراري المائي بدِقة.
في دراسة جديدة نُشرت يوم الثلاثاء، 21 يونيو 2022، في تقرير لإدارة الخدمات العامة في الولايات المتحدة الأمريكية، قام الباحثون بتقدير تاريخ الانفجارات الحرارية المائية في بحيرة يلوستون على مدار الـ 14000 سنة الماضية.
قالت ليزا مورغان، الكاتبة الرئيسية للدراسة، أن النظام الحراري المائي في يلوستون هو الأكبر في العالم ويدفعه التدفق العالي للحرارة على مساحة كبيرة، ومعدلات هطول الأمطار العالية، والزلازل النشطة والتشوه. يوجد أكثر من 10000 مَعْلَمٍ مائيٍّ حراريٍّ في يلوستون.
وأضافت: “بالنسبة لهذه الدراسة، أردنا معرفة المزيد عن التاريخ الجيولوجي الحديث لبحيرة يلوستون وما هو الدور الذي لعبه النشاط الحراري المائي في البُحيرَة، وخاصةً دور الانفجارات الحرارية المائية وآليات إطلاقها”.
قام الفريق البحثي بجمع عينات من الرواسب من الجزء الشمالي من بحيرة يلوستون وربطها بالعينات التي جُمعت سابقًا من المنطقة المُجاوِرة، بهدف توصيف خصائصها الكيميائية والفيزيائية وتحديد رواسب الانفجار الحرارية المائية في العينات.
وقد قالت مورغان: “لم يتم وصف رواسب الانفجار الحراري المائي المُترسِبة تحت الماء في الدوريات المنشورة.
في تحليل العينات، حققنا الكثير من الاكتشافات وكان لدينا العديد من المفاجآت…
أولها هو مدى اختلاف رواسب الانفجار الموجودة في العينات عن رواسب الانفجار التي تمت رؤيتها على السطح. كان هذا متوقعًا حيث تم ترسيب أحدهما من خلال عمود مائي والآخر ترسب على السطح”.
وجد الباحثون دليلاً على أن ما لا يقل عن 16 راسبًا في العينات نتجت عن الانفجارات الحرارية المائية. في حين أن 14 من الرواسب تمثل أحداث انفجار أكثرَ محلِيةً، فقد ارتبطَ اثنان من الرواسب باثنين من أكبر فوهات الانفجار الحرارية المائية في يلوستون: فوهتي ماري باي وإليوت.
وقع انفجار ماري باي الحراري المائي قبل 13000 عام وأسفر عن فوهةٍ بعرض 2.5 كيلومتر (1.5 ميل) مغمورة جزئيًا تحت البحيرة.
تمت دراسة الرواسب من انفجار ماري باي المكشوف على الأرض سابقًا، لكن أظهرت عينات الرواسب من البحيرة أن مدى رواسبها كان أكبر مما كان يُعتقد سابقًا وأن مستوى البحيرة يجب أن يكون أقل في وقت الانفجار.
استنتج الباحثون إلى أنَّ انفجار ماري باي نتج عن انخفاض مفاجئ بلغ 14 مترًا (46 قدمًا) في مستوى البحيرة بسبب نشاط زلزالي وتسونامي أدى إلى تآكل الممر المائي لبحيرة يلوستون.
بينما حدث انفجار فوهة إليوت قبل 8000 عام ونتج عن هذا الانفجار الضخم فوهة بعرض 700 متر (2300 قدم).
الحفرة مغمورة بالكامل تحت الماء، ولا توجد رواسب من الانفجار على السطح. استنادًا على السجلات الموجودة في العينات، فإن الرواسب من فوهة اليووت قد انتشرت على نطاق أكثر اتساعًا مما كان يُعَتَقُد سابقًا.
نتيجة الاختلاف المُرجح لطريقة تشكل فوهة ماري باي على الأرجح، توصل الباحثون إلى أن فوهة اليووت تشكلت عندما أدى نشاط زلزالي إلى كسر غطاء قُبة النظام الحراري المائي.
في بحيرة يلوستون، تتشكل القِبـَـاب الحرارية المائية عندما تتسبب الجيوب السفلية من الغاز أو السوائل المشحونة بالغاز في تقوس الرواسب العلوية لأعلى. سيؤدي تمزيق هذه القُبة إلى فقدان مفاجئ للضغط، ما يؤدي إلى انفجار حراري مائي.
العديد من الرواسب الأصغر في عينات الرواسب كانت من انفجارات مائية حرارية غير معروفة سابقًا.
كما كان متسقًا مع الدراسات السابقة للفوهات الناتجة عن الانفجار، يبدو أنه لا توجد علاقة بينها وبين الانفجارات البركانية في يلوستون.
قالت مورغان: “بالنظر إلى ما نراه من بحيرة يلوستون وأماكن أخرى في يلوستون، فإن الانفجارات الحرارية المائية بمقاييس مختلفة ستستمر في الحدوث”.