- ماريانا سبرنغ
- مراسلة بي بي سي لشبكات التواصل الاجتماعي
قبل 33 دقيقة
قال مطلعون على مجريات الأمور في تويتر لبي بي سي إن الشركة لم تعد قادرة على حماية المستخدمين من المحتوى التحريضي والمعلومات المضللة والاستغلال الجنسي للأطفال، بعد تسريح العمالة والتغييرات الجديدة في عهد إيلون ماسك، المالك الجديد للشركة.
وتدعم البيانات الأكاديمية الحصرية، بالإضافة إلى شهادات بعض مستخدمي تويتر، تلك المزاعم، ما يشير إلى أن خطاب الكراهية يزدهر تحت قيادة ماسك، مع تجرؤ ناشري المحتوى التعبوي، وزيادة المضايقات، وارتفاع أعداد متابعي حسابات شخصيات مسيئة وكارهة للنساء.
وأكد موظفون حاليون وسابقون في الشركة لبرنامج بانوراما في بي بي سي أن الخاصيات التي تهدف إلى حماية مستخدمي تويتر من المحتوى التحريضي والتنمر والمضايقات أصبح من الصعب الحفاظ عليها، وسط ما يصفونه ب”بيئة عمل فوضوية يحيط فيها الحراس الشخصيون ماسك في جميع الأوقات”.
وقد تحدثتُ إلى العشرات منهم، ممن أعلنوا رغبتهم في التحدث علانية للمرة الأولى.
تقول الرئيسة السابقة لتصميم المحتوى إن جميع أعضاء فريقها، الذي أنشأ تدابير أمان مثل أزرار التنبيه، قد فُصل من العمل، قبل أن تقرر هي الاستقالة في وقت لاحق.
وتشير الأبحاث الداخلية التي أجراها تويتر إلى أن تدابير السلامة هذه قللت من المحتوى التحريضي بنسبة 60 في المئة، ولقد أخبرني مهندس يعمل في تويتر بأنه “ليس ثمة من يبالي بمثل هذه المخاطر”، مشبِّها المنصة بمبنى يبدو جيدا من الخارج، بينما يحترق “من الداخل”.
ولم يرد تويتر على طلب بي بي سي للتعليق.
يكشف تحقيقي أيضا:
- المخاوف من تزايد الاستغلال الجنسي للأطفال على تويتر وعدم إثارتها بشكل كافٍ مع سلطات إنفاذ القانون
- لم يعد من الممكن اعن حملكتشاف حملات التنمر الموجهة التي تستهدف تقليص حرية التعبير، وعمليات التأثير من قبل حكومات أجنبية، التي دأب الموقع على حظرها يوميا في السابق، حسبما قال موظف انضم حديثا إلى الشركة.
- تُظهر بيانات حصرية أن أعداد الحسابات، التي تستهدفني بمنشورات تنضح بكراهية النساء، آخذة في الازدياد منذ استحواذ ماسك على الشركة، وأن ثمة زيادة، قدرها 69 في المئة، في أعداد الحسابات الجديدة التي تتابع شخصيات مسيئة وكارهة للنساء.
- استهدفت الحسابات، التي أصبحت أكثر نشاطا منذ استحواذ ماسك، الناجين من الاغتصاب، مع توفر مؤشرات على أن تلك الحسابات قد أعيدت إلى العمل أو تم إنشاؤها حديثا.
لا تعد الإساءة على تويتر شيئا جديدا بالنسبة لي، فأنا مراسلة أشارك تغطيتي للمعلومات المضللة والمؤامرات والكراهية على تويتر. غير أنني لاحظتُ، خلال معظم العام الماضي، أن الإساءة تتناقص بشكل مطرد عبر جميع مواقع التواصل الاجتماعي. ثم في نوفمبر/تشرين الثاني، لاحظت أن الأمر بات أكثر سوءا مجددا على تويتر.
اتضح أنني كنت على حق. كان فريق من المركز الدولي للصحفيين وجامعة شيفيلد يتتبعون الكراهية التي أتلقاها، وكشفت بياناتهم أن الإساءة التي استهدفتني على تويتر قد زادت بأكثر من ثلاثة أضعاف منذ تولى ماسك منصبه، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق على ذلك.
وتعرضت جميع مواقع التواصل الاجتماعي لضغوط للتعامل مع المحتوى المسئ وخطاب الكراهية عبر الإنترنت، لكنهم يقولون إنهم يتخذون تدابير للتعامل معها، لكن مثل تلك الإجراءات لم تعد تحتل المرتبة الأولى في جدول أعمال تويتر.
في سان فرانسيسكو، مقر تويتر، شرعت في البحث عن إجابات. ومن أفضل من يقدم لي مثل تلك المعلومات أكثر من مهندس مسؤول عن شفرة الكمبيوتر التي تجعل تويتر يعمل. ولأنه لا يزال يعمل هناك، طلب منا إخفاء هويته ، لذلك نشير إليه باسم سام.
وكشف قائلاً: “بالنسبة لشخص في الداخل، يبدو الأمر وكأنه مبنى تشتعل فيه النيران”.
“عندما تنظر إليه من الخارج، تبدو الواجهة جيدة، لكن يمكنني أن أرى أنه لا شيء يعمل. كل السباكة معطلة ، كل الصنابير، كل شيء.”
ويقول إن الفوضى سببها الاضطراب الهائل في التوظيف. وسُرّح ما لا يقل عن نصف عدد موظفي تويتر أو قرروا للمغادرة منذ أن اشتراه ماسك.
وقال سام “شخص جديد تماما، بدون خبرة، يفعل ما كان يفعله أكثر من 20 شخصا”. “هذا يترك مجالًا لمزيد من المخاطر، ويزيد من احتمالات وقوع الأسوأ”.
وأضاف أن الميزات السابقة لا تزال موجودة، لكن أولئك الذين صمموها وحافظوا عليها غادروا.
ويرجع مستوى الفوضى ، في رأيه، إلى أن ماسك لا يثق في موظفي تويتر. ويصف كيف أحضر ماسك مهندسين من شركته الأخرى، شركة تسلا لتصنيع السيارات الكهربائية، وطلب منهم تقييم شفرة المهندسين خلال أيام قليلة فقط قبل تحديد أسماء من يعتزم إقالتهم.
وهو يعتقد أن مستوى انعدام الثقة يتضح من عدد الحراس الذين يحيط ماسك نفسه بهم.
قال لي: “أينما ذهب في المكتب، يوجد الأقل حارسان شخصيان، حارسان شخصيان ضخمان جدا وطويلان على غرار أفلام هوليوود، حتى عندما يتوجه إلى الحمام”.
يعتقد سام أن الأمر بالنسبة لماسك يتعلق بالمال. ويقول إن موظفي التنظيف والمطاعم أقيلوا جميعا، وإن ماسك حاول حتى بيع نباتات المكاتب للموظفين.
وكانت ليزا جينينغز يونغ، الرئيسة السابقة لتصميم المحتوى في تويتر، واحدة من الأشخاص الذين تخصصوا في تقديم ميزات مصممة لحماية المستخدمين من الكراهية.
وسبق لموقع تويتر أن كان مرتعا للحملات الموجهة والمحتوى التحريضي، قبل فترة طويلة من تولي ماسك منصبه، لكنها تقول إن فريقها حقق تقدما جيدا في الحد من هذا الأمر. ويبدو أن البحث الداخلي على تويتر، الذي اطلعت عليه بي بي سي، يدعم هذا الأمر.
وقالت يونغ: “لم يكن الأمر مثاليا على الإطلاق. لكننا كنا نحاول، وكنا نحسن الأمور طوال الوقت”.
عمل فريق جينينغز يونغ على تطوير العديد من الميزات الجديدة بما في ذلك وضع الأمان، والذي يمكنه تلقائيا حظر الحسابات المسيئة. كما قام بتصميم ملصقات مطبقة على التغريدات المضللة، وما يسمى “تنبيه الرد المسئ”. ويوجه “التنبيه” المستخدمين قبل إرسال تغريدة اكتشفت فيها تقنية الذكاء الاصطناعي لغة مسيئة.
ويبدو أن بحث تويتر الخاص، الذي اطلعت عليه ب بي سي ، يظهر أن “التنبيه” وأدوات الأمان الأخرى فعالة.
وقالت “بشكل عام، قام 60 في المئة من المستخدمين بحذف أو تعديل ردهم عند إعطائهم فرصة من خلال التنبيه”. “ولكن الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أنه بعد تنبيه الأشخاص مرة واحدة، كانت الردود التي كتبوها لاحقا أقل ضررا بنسبة 11 في المئة”.
ولكن بعد أن تولى ماسك إدارة تويتر في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2022 ، سُرّح فريق ليزا بالكامل، واختارت هي المغادرة في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني. سألتُ جينينغز يونغ عما حدث لميزات مثل تنبيه الرد المسيء
قالت لي: “لا يوجد أحد هناك للعمل على ذلك في هذا الوقت”. ليس لديها أي فكرة عن مصير المشاريع التي كانت تتولاها.
لذلك أجرينا تجربة.
اقترحتُ تغريدة كانت تتوقع أن تثير تنبيها، ونصها: “موظفو تويتر فاشلون كسالى، يقفزون من جسر غولدن بريدج ويموتون.” وقمتُ بمشاركتها على ملف شخصي خاص ردًا على إحدى تغريداتها، ولكن لدهشة جينينغز يونغ، لم يتم إرسال أي تنبيه. تم التقاط تغريدة أخرى بلغة مسيئة شاركناها – لكن ليزا تقول إن التنبيه كان يجب أن يلتقط رسالة تتمنى الموت للمستخدم، وليس مجرد كلمات بذيئة.
خلال هذا التحقيق، تلقيتُ رسائل من العديد من الأشخاص الذين أخبروني أن الكراهية التي يتلقونها على تويتر تتزايد منذ أن تولى ماسك زمام الأمور، وساقوا أمثلة عن حوادث تتعلق بالعنصرية ومعاداة السامية وكراهية النساء.
تويتر والناجون من الاغتصاب
تعرضت إيلي ويلسون، التي تعيش في غلاسكو، للاغتصاب أثناء دراستها في الجامعة وبدأت في النشر عن تلك التجربة على وسائل التواصل الاجتماعي الصيف الماضي. في ذلك الوقت، تلقت استجابة داعمة على تويتر.
لكن عندما غردت عن مهاجمها، في يناير/كانون الثاني، بعد الحكم عليه، تعرضت لموجة من رسائل الكراهية. كما تلقت ردودا مسيئة ومعادية للنساء – حتى أن البعض قال لها إنها “تستحق الاغتصاب”.
أخبرتني ويلسون: “[ما] أجده أصعب [هو] الأشخاص الذين يقولون إنني لم أتعرض للاغتصاب أو أن هذا لم يحدث وأنني أكذب”.
كانت عدد متابعيها على تويتر أقل قبل استحواذ ماسك، لكن عندما نظرت في الحسابات التي تستهدفها بالكراهية هذه المرة، لاحظت أن ملفات تعريف المحرّضين أصبحت أكثر نشاطا منذ الاستحواذ؛ ما يشير إلى أنها “كانت معلّقة في السابق وأعيد تفعيلها مؤخرا”.
وتم إنشاء بعض الحسابات في وقت قريب من استحواذ ماسك. ويبدو أن تلك الحسابات مخصصة لخطاب الكراهية، دون صور للملفات الشخصية أو تحديد السمات. ويتابع العديد ويتفاعلون مع المحتوى من الحسابات الرائجة التي اتُهمت بالترويج لكراهية النساء وكراهية الآخر، وأعيدت إلى تويتر بعد أن قرر ماسك استعادة آلاف الحسابات المعلقة، بما في ذلك حساب المؤثر، المثير للجدل، أندرو تيت.
وقالت ويلسون “بإعطاء هؤلاء الأشخاص منصة للحديث، فإنك تقويهم. وأنت تقول،” هذا جيد ، يمكنك فعل ذلك. “
واستهدفت العديد من الحسابات أيضًا ناجين آخرين من الاغتصاب كانت على اتصال بهم.
ولم يرد أندرو تيت على طلب بي بي سي للتعليق.
ويؤكد بحث جديد من معهد الحوار الاستراتيجي، وهو مركز أبحاث بريطاني يحقق في المعلومات المضللة والكراهية، ما اكتشفته حول حسابات المتصيدين التي تستهدف إيلي.
يُظهر البحث أنه تم إنشاء عشرات الآلاف من الحسابات الجديدة منذ أن تولى ماسك منصبه، والتي قامت على الفور بمتابعة الحسابات الشخصية المسيئة والمروّجة لكراهة للنساء، بنسبة أعلى بنحو 69 في المئة مما كانت عليه قبل تولي ماسك منصيه.
يشير البحث إلى أن هذه الشبكات المسيئة آخذة في النمو الآن – وأن استحواذ ماسك على تويتر قد خلق “بيئة متساهلة” لإنشاء واستخدام مثل تلك الحسابات.
تتمثل الأولويات الرئيسية ماسك منذ الاستحواذ، وفقًا لتغريداته، في جعل شركة التواصل الاجتماعي مربحة والدفاع عن حرية التعبير.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2022، أصدر وثائق داخلية تسمى “ملفات تويتر” لشرح سبب اعتقاده أن الشركة لم تطبق سياسات الاعتدال والتعليق بشكل عادل في ظل القيادة القديمة.
لكن عددا من الموظفين السابقين في تويتر يشعرون أن ماسك قد استخدم هذا لإلغاء أولوية حماية المستخدمين من الأذى تمامًا. حتى المحتوى الخطير الذي مارس ضغوطًا ضده، بما في ذلك الاعتداء الجنسي على الأطفال وشبكات ما يسمى بحسابات الروبوت المصممة عمدًا للتضليل ، لم يعد يتم التعامل معها كما كان من قبل، حسبما قالوا.
وقال “ربما كان موقع تويتر هو الملاذ الذي يخرج فيه الصحفيون ويسمع صوتهم وينتقدون الحكومة. لكنني لست متأكدًا من أن هذا سيكون هو الحال بعد الآن.”
وقال لي: “هناك عدد من الخبراء الرئيسيين الذين لم يعودوا في هذا الفريق والذين كانوا سيغطون مناطق خاصة، أو جهات تهديد، من روسيا إلى الصين”.
وأحد المطلعين الآخرين، الذي نطلق عليه اسم روري، قلق للغاية بشأن هذا الاستنزاف للخبرات، وكيف يبدو أنه يقوض أولوية من الأولويات الرئيسية لماسك، وهي منع المتحرشين بالأطفال من استخدام تويتر لتهذيب الضحايا ومشاركة روابط للإساءة. وكان روري تعمل حتى وقت قريب جدًا كجزء من فريق يتصدى للاستغلال الجنسي للأطفال.
وكان فريقه يحدد الحسابات التي تشارك محتوى مسيئا عن الأطفال، ما يؤدي إلى إحالة الحوادث الأسوأ إلى سلطات إنفاذ القانون. ويقول إنه “قبل استحواذ ماسك كان هذا المحتوى كان يمثل مشكلة كبيرة، وكان يخشى بالفعل من أن عدد طاقمه لا يكفي”.
لكن فريقه تم تقليصه بصوة كبيرة بعد فترة وجيزة من الاستحواذ، حسبما قال، من 20 شخصا إلى حوالي ستة أو سبعة. وهو يرى أن هذا العدد قليل جدا، بما لا يتناسب مع عبء العمل.
وقال روري إنه قبل مغادرته، لم يتواصل ماسك ولا أي عضو آخر في الإدارة الجديدة معه وفريقه القديم، الذين كانت لديهم سنوات من الخبرة في هذا المجال.
وقال “لا يمكنك تولي شركة وتعتقد فجأة أن لديك معرفة … للتعامل مع [الاستغلال الجنسي للأطفال] دون وجود خبراء في المكان المناسب”.
ويقول تويتر إنه أزال 400 ألف حساب في شهر واحد فقط للمساعدة في “جعل تويتر أكثر أمانا”. لكن روري قلق حيث يوجد الأن عدد أقل من الأشخاص الذين لديهم معرفة لتصعيد المخاوف بشأن هذا المحتوى بشكل فعال مع سلطات تطبيق القانون.
وقال “يمكنك بكل الوسائل تعليق مئات الآلاف من الحسابات في شهر واحد. ولكن إذا انخفض الإبلاغ عن هذا المحتوى [إلى سلطات إنفاذ القانون]، فهذا لا يعني حقًا أي شيء، ومعظم المستخدمين الذين تم تعليق حساباتهم سينشئ حسابات جديدة”.
تويتر وماسك لم يردوا، بعد، على النقاط التي أثيرت في تحقيق بي بي سي بانوراما. وقيل لي إن جميع فريق الاتصالات في تويتر إما استقالوا أو أقيلوا. تنص سياسات تويتر، المتوفرة عبر الإنترنت، على أن “الدفاع عن صوت المستخدم واحترامه” يظل أحد “قيمه الأساسية”.