الرئيس دونالد ترامب Donald Trump يُلقي خطابا داخل مبنى تجهيز المركبات Vehicle Assembly Building بعد إطلاق صاروخ سبيس إكس فالكون 9 SpaceX Falcon 9 حاملا طاقم مركبة كرو دراغون الفضائية Crew Dragon في إطار مهمة سبايس إكس ديمو-2 Demo-2 التابعة لوكالة ناسا وعلى متنها رواد فضاء وكالة ناسا روبرت بنكن Robert Behnken ودوجلاس هارلي Douglas Hurley بتاريخ 30 آيار/ مايو بمركز كينيدي للفضاء الذي يتخذ من فلوريدا مقرا له. حقوق الصورة(© NASA/Bill Ingalls).

لم تكن الوكالة قط ”مغلقة” أو ”منتهية”.

اتجه الرئيس دونالد ترامب في الخامس من أغسطس/ آب لشبكة تويتر ليعلن أنه أنقذ وكالة ناسا من ‘الإغلاق و’النهاية.’

عبر ترامب في تغريدة له نشرها على تويتر في الخامس من أغسطس/ آب أنه بعث الحياة في الوكالة من جديد، ولكن هذا الادعاء لم يصمد أمام التدقيق، لم تُغلَق وكالة ناسا أبداً منذ بعثها في سنة 1958، ومن المؤكد أنها لم تكن أبدا ”منتهية”.

غرد ترامب قائلا ”كانت ناسا مغلقة و منتهية إلى أن أحييتها من جديد، والآن تُعَدُ ناسا من أكثر الأماكن إشعاعاً على كوكب الأرض، ولنا القوة الفضائية التي تتكامل معها، لقد حققنا ما عجزت أي حكومة أخرى خلال سنوات حكمها الثلاث والنصف الأولى من تحقيقه. آسف، ولكن ذلك لا يمكن الوصول إليه مع جو Joe الكسول.”

تمكن العديد من رواد شبكة تويتر من الإشارة إلى التناقضات وعدم دقة الحقائق التي حملتها تغريدته، والتي تضمنت أيضا تلميحاً إلى المرشح الديمقراطي المتوقع جو بايدن Joe Biden.

واحدة من أبرز الأخطاء الجلية في تصريح ترامب تمثلت في ادعاءه أن ناسا كانت’ مغلقة’ أو شبه ‘غير فاعلة’ أو’ منتهية’ قبل توليه الحكم. هذا غير صحيح، و فيه تجاهل لحقيقة مبدئية متعلقة ببرامج التذاكر الكبرى للسفرات نحو الفضاء big-ticket spaceflight projects فهي تتطلب جداول زمنية كبيرة لترى النور.

نذكر على سبيل المثال، تحرك ناسا لتشجيع و تطوير إطلاق الرحلات الفضائية خلال ولاية الرئيس جورج والكر بوش George W. Bush، بإرسائها لبرنامج الحمولات التجارية Commercial Cargo Program في سنة 2006. حقق هذا البرنامج نجاحا ملحوظا، منتجاً سفينتا إعادة تجهيز روبوتية – كبسولة سبيس إكس دراغون SpaceX’s Cargo Drago capsule ومركبة سيغنوس الفضائية Cygnus vehicle التابعة لشركة نورثروب غرومان Northrop Grumman – التي ترسل الآن مهمات الحمولات التجارية غير المأهولة إلى محطة الفضاء الدولية التابعة لوكالة ناسا بصفة دورية.

انطلق برنامج الرحلات التجارية Commercial Crew Program في سنة 2010 أثناء ولاية الرئيس السابق لترامب، باراك أوباما Barack Obama (شغل بيدن منصب نائب رئيس آنذاك). ساهمت الرحلات التجارية في تطوير مركبة كرو دراجون Crew Dragon vehicle التابعة لشركة سبيس إكس، التي أنهت للتو أولى رحلات الشركة المأهولة، وهي تجربة طيران ديمو -2 Demo-2 نحو محطة الفضاء الدولية.

كانت العديد من المجهودات الاستكشافية الروبوتية أيضا قيد التحضير منذ مدة؛ على سبيل المثال، أُطلقت مركبة برسيفيرنس المتجولة Perseverance rover التابعة لوكالة ناسا الأسبوع الماضي، لكن الأبحاث الخاصة بهذه المهمة وتطويرها انطلقا قبل ذلك بكثير. أطلقت وكالة ناسا إعلانا فتح الفرصة أمام الباحثين لبدأ العمل وتطوير الأجهزة والمعدات الخاصة بالمركبة المتجولة في أيلول/ سبتمبر سنة 2013.

بدأت حكومة الرئيس أوباما أيضا في تطوير مركبة أوريون الفضائية Orion crew capsule الجديدة، التي صُممت ليستعملها رواد الفضاء على القمر كجزء من برنامج أرتميس الحالي، الذي يهدف إلى إنزال بشريين على سطح القمر من جديد بحلول سنة 2024. ستُطلق تلك المركبة الفضائية فوق نظام الإقلاع الفضائي Space Launch System التابع لوكالة ناسا، الذي تعود جذوره كذلك إلى فترة حكم أوباما.

قبل ذلك، طُور برنامج مكوك الفضاء space shuttle program التابع لوكالة ناسا أولاً من طرف حكومة نيكسون Nixon. أمضى الرئيس ريتشارد نيكسون Richard Nixon عقداً بقيمة $5.5 مليون دولار لتطوير مكوك الفضاء. تواصل هذا المشروع مع الرؤساء جيرارد فورد Gerald Ford، جيمي كارتر Jimmy Carter، رونالد ريغن Ronald Reagan، جورج بوش الأب George H. W. Bush، بيل كلينتون Bill Clinton، جورج بوش الابن George W. Bush وباراك أوباما. انتهى البرنامج رسمياً في سنة 2011.

قبل هذا البرنامج الطويل، حصد الرئيس جون فيتزجيرالد ”جاك” كينيدي John F. Kennedy أول نجاح في تاريخ الرحلات البشرية إلى الفضاء، أولاً مع برنامج ميركوري Project Mercury تلاه مشروع جميني Gemini program وبرنامج أبولو Apollo program، أثمر آخر البرامج في عهد نيكسون.

بالتالي، وباختصار فإن الادعاء بأن حكومة ترامب هي فقط المسؤولة عن التقدم المحرز في مجال الفضاء يتناقض بصفة مباشرة مع البنية التحتية، والقاعدة و التطور المُحرز على مر العقود مروراً بعدة ولايات رئاسية.

مع ذلك، تستند تغريدة ترامب في نسبة ضئيلة منها على بعض الحقائق، أُنشئت القوة الفضائية للولايات المتحدة U.S. Space Force فعلاً خلال ولاية الرئيس ترامب. رغم أن الولايات المتحدة كانت تمتلك أساساً قيادة قوات الفضاء، التي تُعتبر جزءً من القوات الجوية للولايات المتحدة، إلا أن القوة الفضائية بُعثت رسمياً في كانون الأول/ ديسمبر 2009.

كما سعى الرئيس ترامب إلى الرفع من ميزانية وكالة ناسا خلال سنوات حكمه؛ على سبيل المثال، منح طلب الميزانية الفيدرالية للبيت الأبيض في فبراير/ شباط الماضي 25،2 مليار دولار للوكالة، وهو ما يمثل ارتفاعا قُدر ب12% مقارنة بميزانية الوكالة لسنة 2020 (مع ذلك يبقى من غير الواضح المبلغ الذي سيمنحه الكونغرس في النهاية لوكالة الفضاء).

خضع الفيديو المُرفق بتغريدة ترامب وآخر جزء فيها إلى التدقيق، أظهر الفيديو نموذج مركبة ستارتشيب أس أن 5 SpaceX’s Starship SN5 الفضائية التابعة لشركة سبيس إكس وقد أتمت قفزة اختبار test hop على ارتفاع حوالي 500 قدم (150 مترا) في بوكا تشيكا، تكساس، في الرابع من أغسطس/آب. تُعتبر ستارشيب أس أن 5 نموذج بالحجم الكامل من مركبة ستارتشيب Starship spacecraft التابعة لشركة سيبس إكس، التي تهدف الشركة لاستعمالها في الرحلات المأهولة إلى كوكب المريخ.

أثار الفيديو الذي ضمنهُ كريس بيرغن Chris Bergin من موقع NASASpaceflight.com في تغريدة له على شبكة تويتر حيرة الكثيرين، لأنه يعرض جهوداً خاصة بشركة سبيس إكس، وليس نشاط وكالة ناسا. عادة ما تعمل كل من شركة سبيس إكس ووكالة ناسا معاً – حتى أن سبيس اكس بصدد التعاون مع وكالة ناسا لتطوير مركبة ستارتشيب الخاصة بعمليات الإنزال المستقبلية المأهولة على سطح القمر كجزء من برنامج نظام الإنزال البشري التابع لوكالة ناسا (Human Landing System (HLS – ولكن تُعتبر تجربة الطيران هذه من المساعي الخاصة بشركة سيبس إكس.

nasainarabic.net