حقوق الصورة: Ecole Polytechnique Federale de Lausanne

تستهلك الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب المحمولة والساعات الذكية قدراً هائلاً من الطاقة، وعلى الرغم من ذلك، يُستخدم نحو نصفها فقط لتشغيل وظائفَ مهمة. وبما أنّ العالم يستخدم المليارات من هذه الأجهزة، فإنّ كميةً كبيرةً من الطاقة تضيع دون فائدة.

أطلق البروفيسور أدريان إيونيسكو Adrian Ionescu مع فريقه من مختبر الأجهزة الإلكترونية النانوية (Nanolab) التابع للمعهد الاتحادي للتكنولوجيا في لوزان EPFL سلسلةً من المشاريع البحثية سعياً لجعل الترانزستورات أكثر كفاءةً في استخدامها للطاقة.
يقول البروفيسور إيونيسكو: “الترانزستورات هي أكثر الأدوات التي صنعها الإنسان وفرةً على الإطلاق. ترتكز بنيتنا التحتية الحاسوبية عليها بالكامل إضافةً إلى الطريقة التي نتفاعل بها في الوقت الحقيقي مع معالجة المعلومات المحمولة في القرن الحادي والعشرين. إنها لبنة البناء الأساسية لمعالجة الإشارات الرقمية والتشابهية.”

كفاءة الطاقة مهمة

يقول إيونيسكو: “نحن نعلم اليوم أنّ دماغ الإنسان يستهلك كمية الطاقة نفسها التي يستهلكها مصباحٌ باستطاعة 20 واط. وعلى الرغم من أنّ دماغنا يستهلك طاقة قليلة، إلا أنه يستطيع أداء مهامَّ أعقد بعدة قيمٍ أسية من قدرة الحاسوب – فهو يحلل المعلومات التي تستشعرها حواسنا ويولد عمليات صنع قرارٍ ذكية. هدفنا هو تصميم تكنولوجيا إلكترونية للأجهزة المحمولة تتمتع بكفاءةٍ مماثلةٍ لتلك الخاصة بالخلايا العصبية البشرية.”

يتمتع الترانزستور الذي صنعه باحثو EPFL بمستوى كفاءةٍ عالٍ. وطُوِّرَ في غرفةٍ معقمةٍ في كلية الهندسة (STI)، ويتكون من طبقاتٍ ثنائية الأبعاد من التنغستن ثنائي السيلينيد (WSe2) والقصدير ثنائي السيلينيد (SnSe2)، وهما مادتان شبه موصلتين. يُعرف باسم ترانزستور 2-D/2-D النفقي، ويعتمد على محاذاة النطاق لوصلة بوابة WSe2/SnSe2. ولأن عرضه لا يزيد عن بضعة نانومترات، فهو غير مرئي للعين البشرية. كجزءٍ من المشروع البحثي نفسه، صمم فريق Nanolab أيضاً هيكلاً هجيناً مزدوجاً للنقل يمكن أن يؤدي يوماً ما إلى تحسين أداء التكنولوجيا أكثر من ذلك.

تجاوز الحدود

مع هذا الترانزستور، تجاوز فريق EPFL أيضاً أحد الحدود الأساسية للأجهزة الإلكترونية. يشرح إيونيسكو قائلاً: “فكر بالترانزستور كمبدلٍ يحتاج إلى الطاقة للفتح والغلق. بالمثل، تخيل مقدار الطاقة اللازمة للتسلق إلى قمة جبلٍ سويسري ثم النزول باتجاه الوادي التالي، ثم فكر بمقدار الطاقة التي يمكننا توفيرها من خلال حفر نفقٍ عبر الجبل للمرور من خلاله بدلاً من ذلك. هذا هو بالضبط ما يحققه ترانزستور 2-D/2-D النفقي، فهو يؤدي الوظيفة الرقمية نفسها باستخدام طاقةٍ أقل بكثير.”

حتى الآن، فشل العلماء والمهندسون في تجاوز حد استهلاك الطاقة الأساسي هذا لمكونات ترانزستور 2-D/2-D من النوع نفسه. لكن الترانزستور الجديد يغير كل ذلك، ويضع معياراً جديداً لكفاءة الطاقة في عملية التبديل الرقمي.

عمل فريق Nanolab مع المجموعة التي يقودها البروفيسور ماتيو لويزييهMathieu Luisier في المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ على اختبار وتأكيد خصائص الترانزستور النفقي الجديد بالاستعانة بمحاكاةٍ ذرية.

يقول البروفيسور: “هذه هي المرة الأولى التي نتجاوز فيها هذا الحد الأساسي، وفي الوقت نفسه حققنا أداءً أعلى من الترانزستورات العيارية المصنوعة من المادة شبه الموصلة ثنائية الأبعاد نفسها، وباستخدام فرق جهدٍ منخفضٍ جداً.”

من الأجهزة الإلكترونية القابلة للارتداء إلى ذكاء الحد الصناعي Edge AI

يمكن استخدام هذه التكنولوجيا الجديدة لبناء أنظمة إلكترونية ذات كفاءةٍ في استهلاك الطاقة تشابه كفاءة الخلايا العصبية في دماغنا. يقول البروفيسور إيونيسكو: “تعمل الخلايا العصبية في دماغنا على فرق جهدٍ يعادل 100 ملي فولت تقريباً، أي أقل بعشر مراتٍ من فرق جهد البطاريات العيارية. تعمل تقنيتنا حالياً على فرق جهدٍ يعادل 300 ملي فولت، ما يجعلها أكثر كفاءةً بعشر مراتٍ تقريباً من الترانزستورات التقليدية”. لا يوجد حالياً أي مكونٍ إلكتروني آخر يقترب بكفاءته من هذا المستوى.

هناك تطبيقاتٌ لهذا الإنجاز الذي طال انتظاره في مجالين: الأجهزة الإلكترونية القابلة للارتداء (مثل الساعات والملابس الذكية) بالإضافة إلى الألواح الحاسوبية لذكاء الحد الصناعي Edge AI. لكن سوف يستغرق تحويل هذا الإثبات المخبري إلى منتجٍ صناعي عدة سنواتٍ أخرى من العمل الشاق.

nasainarabic.net