صورة الخريطة الأصلية التي أظهرت منطقة سقوط النيزك. تُشير العلامة “X” في نهاية مسار النيزك (والتي افترضت بناءً على تفسيرات المخطوطات التاريخية) إلى الموقع التقريبي لحادث الشخص الذي لقي مصرعه نتيجة للإصطدام، بينما تُبين علامة “النجمة” المتواجدة في الجانب السفلي الأيمن من الخريطة الموقع التقريبي الذي حدث خلاله الإنفجار فوق سماء قرية “غولمار” يظهر في أدنى الصورة (أسفل مقياس رسم الخريطة: 1:250.000) قياس المسافة التي قطعها بالكيلومترات والتي عُبر عنها أيضاً باللغة التركية العثمانية. حقوق الصورة: Unsalan et al., Meteoritics and Planetary Science, 2020.
ما هي فرص وقوع أحدهم ضحية لضربة نيزكية؟
وضع أحد علماء الفلك احتمالات موت أحدهم خلال فترة حياته إثر صخر فضائية باحتمال واحد على 700 ألف، بل وزعم علماء آخرون أنه احتمال أقل من ذلك: واحد على مليون و600 ألف.
إن موتاً فجائياً كهذا يعد حدثاً نادراً من الصعب التنبأ باحتمالية وقوعه، حيث تصطدم آلاف النيازك بأرضنا كل عام، ومع هذا، لم تثبت السجلات التاريخية للنيازك (حتى الآن) ولو بالأدلة تسبب أي منها في مقتل أحدهم.
عثر باحثون خلال تفقدهم سجلات موثقة يعلوها الغبار في المديرية العامة لأرشيف الدولة بتركيا على أكثر من وثيقة تفيد بمقتل أحدهم إثر سقوط نيزك في قرية بمدينة السُليمانية بإقليم كردستان العراق تحديداً يوم 22 أغسطس/آب عام 1888. فوفقاً لما ورد فيها فإن نيزكاً قد ارتطم بشخص ما وأودى بحياته، كما تسبب أيضاً في إصابة آخر بالشلل.
يرجع السبب وراء تأخر الكشف عن هذا الحدث حتى الآن إلى الصعوبة الشديدة المرتبطة بترجمة محتواه، فقد دُونت الوثائق باللغة التركية العثمانية القديمة وهي لغة تقترض من اللغتين العربية والفارسية.
تمكن خبير النيازك بيتر جينيسكنس Peter Jenniskens من الولايات المتحدة، وباحثان آخران من تركيا هما أوزان أنسالان Ozan Unsalan و ألتاي بياتلي Altay Bayatl بالإستعانة بطريقة الترجمة الحرفية من ترجمة الوثائق إلى اللغة التركية ومنها إلى الإنجليزية، ليجدوا في النهاية ثلاث رسائل متفرقة تصف تلك الواقعة.
وصفت الوثائق التي سجلتها السلطات المحلية وأُرسلت إلى الحكومة مشهد النيزك بأنه: “كتلة ضوئية شديدة التوهج مصحوبة بالدخان اتجهت صوب القرية.”، أما عن مشهد سقوط الأحجار النيزكية، فقد استمر لمدة قدرها عشر دقائق، وبحسب النص المُترجم فقد كان “كهطول المطر.” أسفر ذلك الحادث لسوء الحظ عن مقتل أحدهم وتأثر آخر بإصابة خطيرة، وعلاوة على ذلك، فقد أثبت باحثون تلف المحاصيل تأثراً بموجة صدمية أحدثتها كرة نارية.
وبحسب ما ورد في الرسائل فإن موقع تواجد الأحجار النيزكية كان على تلة بالقرب من القرية، وبدا مما ذكر في الوثائق-مع أن الترجمة لم تكن واضحة-أنه على الأرجح قد تم إرسال عينات منها إلى الحكومة المحلية، لكن لم يتم العثور على أي وثيقة إضافية تدعم صحة ذلك حتى الآن.
دائما ما كان السقوط النيزكي سبباً في حدوث أضرار عدة عبر التاريخ، سواء على مستوى الأفراد أو الممتلكات، ومن أشهر الحوادث انفجار تونغوسكا الذي وقع في روسيا عام 1908، وأدى إلى إسقاط الأشجار على مسافة أميال ومساواتها بالأرض. كذلك تم الإبلاغ عن إصابة أكثر من 1600 شخص بفعل نيزك هائل (في حجم كويكب صغير) قد اصطدم بالقرب من منطقة تشيليابنسك في روسيا عام 2013، وامتدت الخسائر لتشمل المباني التي دُمرت بفعل موجة صدمية ناتجة عن إنفجار هوائي. وتستمر الحوادث لتصل إلى سيدة تدعى آن هودجز، ففي عام 1954 تلقت “آن” ضربة بواسطة صخرة فضائية عبرت خلال سقف بيتها مُحدثة إصابة لخصرها. كما توجد تقارير تعود لعام 2016 أفادت في بادئ الأمر أن انفجاراً هوائياً قد أودى بحياة أحدهم في الهند، لكن تبين لاحقاً أن سبب الوفاة هو انفجار أرضي.
طبقاً للورقة البحثية التي أصدرتها النشرة العلمية Meteoritics & Planetary Science فإنه يبدو بأن لتلك الوثائق المُكتشفة حديثاً مصداقية كبيرة.
وقال باحثون مؤكدين ذلك: “ليس لدينا أية شكوك مثارة حول مصداقية تلك الوثائق نظراً لأنها وثائق رسمية من مصادر حكومية سُجلت بواسطة السلطات المحلية.” وأشاروا قائلين: “يُعد هذا الحادث بمثابة تقرير هو الأول من نوعه في التاريخ الذي يفيد بمقتل شخص ما جراء اصطدام نيزك.”
أضاف الباحثون بأنه ليس بمقدورهم تحديد ما إذا كانت الأحجار التي أرسلت إلى الحكومة نيازكا حقا، فحتى الآن، ليس لديهم أي دليل مادي أو عينة حقيقية تجزم بأنها حجارة نيزكية، لكن مع استمرار ترجمة ورقمنة الوثائق سيكون بالإمكان معاينة الأرشيف بحثا عن المزيد من التفاصيل، حيث يتوقع الباحثون وجود المزيد من السجلات في إنتظار الكشف عنها.