أبهرَ الطّفل المعجزة “إليوت تانر Elliot Tanner” أساتذتهُ وزملاءَهُ بأنه أصبحَ خريجاً جامعياً في سن الثالثةَ عشرَ.

حيث تخرّجَ إليوت حديثاً من جامعة مينيسوتا بدرجة بكالوريوس في الفيزياء مع درجةٍ ثانويّةٍ في الرياضيات.

صرّح إليوت لموقع “Live Science”: “أشعرُ بالحماس، إنها حقاً تجربة خياليّة.”

على الرّغم من أن هذا الإنجاز لا يصدّق، إلا أنه لا يجعلُ إليوت أصغر خريج جامعيّ في تاريخ الولايات المتحدة، حيث مُنح هذا اللّقب إلى “مايكل كيرني Michael Kearney” الذي تخرّج من جامعةِ جنوب ألاباما بدرجة بكالوريوس في الأنثروبولوجيا عام 1992 في سن العاشرة، وفقاً لشبكة BBC.

والدا إليوت «فخوران للغاية» بالعمل الجاد والتفاني الذي أظهرهُ، للحصول على شهادته في مثل هذه السن المبكّرة، ويسعدهما أنه أصبحَ مصدر إلهامٍ لكثير من الناس.

قالت “ميشيل تانر Michelle Tanner” والدة إليوت لموقع Live Science: “رغم تلك القدرةِ المذهلة التي يمتلكها إليوت للتّعلم، إلا أنه إنسانٌ لطيف ويتمتعُ بحسٍ فكاهيّ، إنه يُلهمنا كلّ يوم لنصبح أشخاصاً أفضل.”

ينوي إليوت الحصولَ على درجةِ الدكتواره في حال استطاعَ والده جمعَ الأموال اللّازمة لإكمالِ دراسته.

ويطمحُ إليوت في المستقبل لأن يصبحَ أستاذاً في جامعة مينيسوتا وأن يصبحَ خبيراً في الفيزياء النظريّة عالية الطّاقة، وهو مجال يُعنى بدراسة اللبنات الأساسيّة للمادة والقوى بينها، حيث يقول: “لا يسعني الانتظارُ للبدء.”

∗العمرُ مجرّد رقم

أدركَ والدا إليوت لأوّل مرّة أن ابنهما موهوب قبل دخوله المدرسة، حيث أظهرَ مهارات رائعة في اللغة والرياضيات منذ سن الثالثة.

وعندما كان في سن الخامسة، التحقَ بروضة الأطفال المحلية ولكن سرعان ما أُخرج منها، بعدما إتضح لوالديه أن طريقة التعليم التقليدية لن تكون مناسبةً له.

قالت ميشيل: “لقد كان يتحدث عن مسرّعات الجسيمات عندما كان في الخامسة من العمر، بينما كان الأطفال الآخرون يتظاهرون بأنهم سوبرمان في ساحة اللعب.”

وبالتالي أشرفَ والدا إليوت بنفسهما على تعليمه في المنزل، ودعما طبيعته الفضوليّة وشهيته للمعرفة.
حاول الزوجان حصرَ إليوت ضمن حدود مناهج زملاءه ولكن على الرغم من مجهودهم فقد تقدّم بمعدلٍ مذهل.

تقول تانر: “انتهى الأمر بإليوت بالتعلم واستهلاك المعلومات بشكل أسرع مما يمكننا تقديمه، كانت غرفته مليئةً بالكتب الدراسيّة التي كان يقرؤها على الفور.”

وأضافت: ” غالباً ما كان يفضل إنفاقَ أموال عيد ميلاده على الكتب بدلاً من الدمى أو الألعاب.”

إليوت واقفاً أمامَ سبورةٍ مليئة بالمعادلات المعقدة التي قد حلها بنفسه. (حقوق الصورة: Michelle Tanner)

إليوت واقفاً أمامَ سبورةٍ مليئة بالمعادلات المعقدة التي قد حلها بنفسه. (حقوق الصورة: Michelle Tanner)

بحلولِ سن التاسعة، أكملَ إليوت بالفعل معظمَ منهاج المدرسة الثانويّة وكان والداه يكافحان لمواكبة ذلك.

لذا قاما بتسجيلهِ في كليّة المجتمع المحلية.
قالت تانر: “كأبوين، شعرنا بالخوف، إلا أنه تفوّق وأستحوذَ على اهتمامِ إدارةِ المدرسة والطّلاب الآخرين.”

كوّن إليوت شغفه بالفيزياء في كليّة المجتمع هذه، حيث يقول: “لفترةٍ طويلةٍ، كنت أرغبُ بأن أصبحَ عالم رياضيات، ثم تعرفت على الفيزياء في أحد الفصول مما أثار فضولي وألهمني لمعرفة المزيد عن أسرار العالم.”

∗تجربة جامعيّة فريدة

انتقلَ إليوت إلى جامعةِ مينيسوتا عندما كان في الـ11 من عمره ليبدأَ بدراسة الفيزياء والرياضيات.

وجاءت التسهيلات التي حصل عليها إليوت للانتقالِ إلى الحياة الجامعيّة بمثابة صدمةٍ لأساتذته وزملائه الأكبر سناً.

ويقول إليوت: “تأتي أحياناً فترة قصيرة تربكني حول سبب وجودي هناك -في الفصل- بيد أن هذا الارتباك يتلاشى سريعاً.”

على الرّغم من أن تجربةَ إليوت الجامعيّة تختلفُ قليلاً عن تجربة زملائه في الفصل، إلا أنه لا يزال يتسكّع مع زملائِه في صالة الطلاب، ويناقش الواجبات المنزليّة، ومواضيع الفيزياء أو يشاهدُ الأفلام.

تضيفُ تانر: “كان احتكاكه بأشخاص شغوفين بالفيزياء مثله مفيداً له بشكل رائع، ومُرضياً لشغفه كي يكون قادراً على الغوصِ بعمقٍ مع زملاءٍ بمستواه والتّعلم من العلماءِ المذهلين.”

كان على إليوت أيضاً التعاملُ مع التغطية الإعلاميّة التي تزامنت مع إعلانه طفلاً معجزة. غالباً ما يُقارن إليوت بـ”شيلدون كوبر Sheldon Cooper” وهو الشخصيّة الرئيسيّة في عرض “Young Sheldon” التابع لسلسلة “The Big Bang Theory” .

كما قال إليوت أنه أصبحَ صديقاً لـ”إيان أرميتاج Ian Armitage“، وهو الممثل الذي لعب دور شيلدون الصغير.

ويضيف إليوت: “أظهر دور شيلدون الصغير بعض المصاعب التي واجهتها، وأنا أُقدّر رؤية الموهوبين الآخرين في العروض.”

∗لا يزال طفلاً عاديّاً

إن أكبر التحديات التي واجهها إليوت وعائلته هي الانتقادات، وخاصة عبر الإنترنت، من الأشخاص الذين لا يفهمون وضعه ويطلقون أحكاماً سريعةً حول ما يجب أن تكون عليه حياته.

تقول تانر: ” يبدو أن لدى الناس فكرة مسبقة مفادها أن طفولةَ إليوت قد سُرقت منه ويفترضون أنه يفتقر إلى المهارات الاجتماعيّة أيضاً، لكن هذا بعيدٌ جداً عن الواقع”

كما تقول تانر أن إليوت استمتع دائماً بالتفاعلِ مع الأطفال من سنه وأنه يحب اللعب مع أطفال الحي الآخرين، والقيام بأشياء مثل بناء دروع من الورق المقوى، وصنع ألعاب الطاولة، وزيارة حدائق الملاهي ولعبة “سجون وتنانين.”

كما يذهب إليوت لطلب الحلوى في الهالوين مثل الأطفال الآخرين، لكن مع إضافة أكاديمية: حيث يتنكر كألبرت آينشتاين أو كعالمِه المفضل الفيزيائي النظري ريتشارد فاينمان.

∗ما الخطوةُ التالية؟

حصلَ إليوت على قبولٍ في برنامج الدكتوراه في الفيزياء بجامعة مينيسوتا ومن المقرر أن يبدأ الدكتوراه في العام الدراسي المقبل.

لكن لسوء الحظ، لم يحظَ إليوت بالدعم المالي الذي يتلقاه الطلاب عادةً. حيث توفر الجامعة عادة معونة تتضمن منحةً -بالأحرى راتباً- وتأميناً صحيّاً وإعفاءً من الرسوم الدراسية.

إلا أن قسم الفيزياء قد قرر في هذه الحالة عدم منحه ذلك، بسبب تخوفهم بشأن إعطاء إليوت مسؤوليات تدريسيّة تشكل جزءًا كبيرًا من البرنامج.

جاء القرار مباغتاً لتوقعات والدي إليوت، اللذان كانا يعتمدان على المنحة لدعم إليوت في دراسته،ويقدران أن برنامج الدكتوراه بأكمله سيكلف حوالي 90 ألف دولار لإكماله.

قالت تانر: “لم نتخيل أبداً إرسال طفلٍ يبلغ من العمر 9 سنوات إلى الكلية، ناهيك عن طفل يبلغ من العمر 13 عامًا إلى برنامج دراسات عليا، لذلك لم يكن لدينا الوقت مطلقاً لتأمين مصاريف دراسته”.
وأضافت أن الحلَّ الوحيد المتبقي هو بدء حملة تمويل على موقع GoFundMe.

جمعت صفحة GoFundMe الخاصة بإليوت أكثر من 28 ألف دولار حتى تاريخ 28 أبريل/نيسان، ما يعني أنه يجب عليه إكمال السنة الأولى على الأقل.
وأضافت تانر: ” نحن ممتنون للغاية لأن أصدقاءنا وعائلتنا ومجتمعنا وعامة الناس قد دعموا إليوت، ولولا دعمهم هذا لما تمكن من إكمال دراسته.”

nasainarabic.net