قبل 29 دقيقة
أفاد تقرير للأمم المتحدة بأن ملايين السيارات المستعملة الملوثة للبيئة بشدة في الدول الغنية يجري “كبّها” في الدول النامية.
وأضاف التقرير أن الفترة بين عامي 2015 و2018 شهدت تصدير أوروبا واليابان والولايات المتحدة نحو 14 مليون سيارة قديمة رديئة الجودة.
ومن هذه الكمية، بيعت أربع من كل خمس سيارات في دول أفقر، وذهب أكثر من نصفها إلى أفريقيا.
ويقول الخبراء إن نحو 80 في المئة من هذه السيارات لا تلبي الحد الأدنى من المعايير الخاصة بالسلامة والبيئة في الدول المصدرة.
وبالإضافة إلى تسبب هذه السيارات في حوادث، فإنها تفاقم من تلوث الهواء وتساهم بشكل كبير في تغير المناخ.
كما تم التلاعب في الكثير من السيارات بإزالة مكونات قيمة منها.
ويقول التقرير، الذي نشره برنامج الأمم المتحدة للبيئة “يونيب”، إن الدول المصدرة والمستوردة بحاجة إلى وضع لوائح أكثر صرامة للحد من تدفق هذه السيارات.
وتنتعش سوق ملكية السيارات في شتى أرجاء العالم، حيث تشير تقديرات إلى وجود 1.4 مليار سيارة قيد الاستخدام، وهو رقم من المتوقع أن يصل إلى نحو ملياري سيارة بحلول عام 2040.
وتشهد دول نامية في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية جانبا كبيرا من هذا النمو.
وخلص الباحثون في دراستهم، التي استمرت ثلاث سنوات، إلى أن اللوائح الخاصة باستيراد السيارات في معظم الدول الـ 146 التي شملتها الدراسة كانت “ضعيفة” أو “ضعيفة جدا”.
وتظهر دراسة أخرى، أجرتها هيئة تفتيش هولندية معنية بسلامة البيئة والنقل، أن العديد من السيارات والشاحنات الصغيرة التي يجري شحنها من الموانئ الهولندية إلى أفريقيا قديمة وتساهم في تدهور جودة الهواء في القارة.
وقال روب دي يونغ، من برنامج الأمم المتحدة للبيئة “يونيب”، أحد المشرفين على التقرير: “نستطيع أن نقول إن 80 في المئة من هذه السيارات، البالغ عددها 14 مليون سيارة، ليست صالحة للسير على الطريق ولا تفي بمعايير الانبعاثات الأوروبية للسيارات التي يطلق عليها يورو 4”.
وبدأ العمل بمعيار انبعاثات السيارات الأوروبي “يورو 4” في يناير/ كانون الثاني عام 2005.
وقال دي يونغ: “ذلك يعني أن هذه السيارات تُصدر انبعاثات أكثر بنسبة 90 في المئة، لأنها لا تفي بالحد الأدنى”.
وتعد هذه السيارات، بحسب المشرفين على التقرير، “خطيرة ومُلوّثة (للبيئة)”.
ويعتقد المشرفون على الدراسة أن الواردات من هذه السيارات مسؤولة عن زيادة مستويات حوادث الطرق في العديد من الدول الأفريقية والآسيوية الفقيرة.
كما تضخ هذه السيارات جسيمات دقيقة وأكاسيد النيتروجين، وهي مصادر رئيسية لتلوث الهواء في العديد من المدن.
وقالت جين أكومو، من “يونيب” أيضا: “في عام2017، كان متوسط عمر المركبات المستوردة التي تعمل بالديزل في أوغندا أكثر من 20 عاما”.
وأضافت: “الوضع نفسه موجود في زيمبابوي. في الحقيقة ليس لدى نحو 30 دولة في أفريقيا أي حد أقصى لعمر السيارات. لذا، يمكن توريد أي نوع من السيارات مهما كان عمرها”.
وبالإضافة إلى عدم تلبية معايير السلامة على الطرق والمعايير البيئية، يحدث تلاعب في عدد كبير من السيارات وإزالة معدات مهمة منها.
وبحسب التقرير، يأتي أكثر من 54 في المئة من تلك السيارات من أوروبا. ويُصدّر العديد من السيارات عن طريق هولندا.
وتعرب السلطات الهولندية عن قلقها بشأن التجارة، وترغب في اتخاذ إجراءات على المستوى الأوروبي.
ودفع الإدراك المتزايد بالمخاطر التي تشكلها هذه السيارات العديد من الدول المستوردة إلى تشديد لوائحها.
ويسمح المغرب باستيراد السيارات التي يقل عمرها عن خمس سنوات فقط. وفي كينيا يبلغ الحد الأقصى لعمر السيارات المستوردة ثماني سنوات.
وعلى الصعيد الإقليمي، وضعت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس”، التي تمثل 15 دولة، معايير للوقود والسيارات الأنظف اعتبارا من يناير/ كانون الثاني 2021.
بيد أن التعامل مع هذه المشكلة سيتطلب بالفعل اتخاذ إجراء من الجانبين.
وقال روب دي يونغ: “أعتقد أنه من غير الأخلاقي أن تصدر هذه الدول المتقدمة سيارات لا تصلح للسير على طرقها”.
وأضاف: “من جهة أخرى، لماذا تنتظر الدول المستوردة كل هذا الوقت لوضع بعض الحدود الدنيا من المعايير؟”.
“أعتقد أن المسؤولية لا تقع على عاتق الدولة المصدرة فقط، إنها مسؤولية مشتركة حقا”.